تصاعدت الضغوط الأميركية أمس على كل من القائمة العراقية والأكراد من أجل احتواء التطورات الأخيرة التي حدثت في المشهد السياسي العراقي، وفي الوقت الذي ليّن فيه المجلس الأسلامي الأعلى موقفه وفق تصريحات لعدد من قادته،
على رأسهم السيد عادل عبد المهدي، نائب رئيس الجمهورية والمرشح ( السابق ) المنافس للسيد المالكي على منصب رئيس الوزراء، شهدت الساعات الأخيرة تدخل لافت للسيد مقتدى الصدر في محاولة لتقريب وجهات النظر بين السيد أياد علاوي وإيران، وأكدت مصادر غربية مطلعة إن السيد الصدر نقل لعلاوي دعم إيران لتسنمه منصب رئاسة الجمهورية والدخول في تحالف واسع مع إئتلاف دولة القانون برئاسة نوري المالكي، ضمن اتفاق لتقاسم السلطة بعد توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية لتشمل السياسة الخارجية والدفاع والطاقة.
ووفقاً لمسؤول رفيع في إدارة الرئيس أوباما تحدث لصحيفة لوس أنجيلوس تايمز أمس، فإن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن يدفع الآن باتجاه تقارب بين القائمة العراقية وإئتلاف دولة القانون من أجل تشكيل حكومة تشارك فيها جميع القوائم الفائزة من دون استثناء ويلعب فيها علاوي دوراً قوياً، وأضاف المسؤول \"إن الادارة تعتقد أن المالكي لا زال بحاجة إلى أصوات الأكراد في الأقل ليتمكن من تمرير حكومته في البرلمان، وهؤلاء سوف لا يمنحونه أصواتهم ضد منافسيه ما لم يحصلوا منه على تنازلات مثيرة للجدل\".
ومن شأن الصفقة المحتملة أن تنهي مدة مضطربة من التوتر السياسي وتبادل الاتهامات وتصاعد أعمال العنف، إلى حد أخذت معه دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة تشعر بالقلق من احتمال أن يؤدي هذا التصاعد إلى تبديد المكاسب الأمنية التي تحققت في العامين الماضيين.
وحسب مصادر دبلوماسية غربية من بغداد فإن ممثلي القائمة العراقية لم يلتقوا مع مفاوضي إئتلاف دولة القانون بشكل رسمي بعد، لكن المالكي بدأ منفتحاً على الاقتراح على مايبدو، وتوقعت تلك المصادر أن يلتقي المالكي بزعيم القائمة العراقية أياد علاوي في القاهرة مساء أمس، أو في أبعد تقدير بعد عودة الأثنين إلى بغداد نهاية الأسبوع الجاري.
ووقال عضو بارز في القائمة العراقية، طلب عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع، لصحيفة الواشنطن بوست أمس، أن المالكي لا يملك إلا الموافقة على هذا الاقتراح ليضمن 91 صوتاً هي أصوا ت القائمة العراقية، وليتخلص في الوقت نفسه من ضغوطات الأكراد وتأمين اغلبية مريحة في البرلمان تضمن تمرير حكومته، وأضاف، لقد تم التداول في الاقتراح أثناء مكالمة هاتفية جرت ليل الأحد الماضي بين زعيم قائمة العراقية أياد علاوي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وان هذا المقترح لم يكن بعيداً عن اجواء اللقاء الذي تم بين الرئيسين الإيراني والسوري في طهران مؤخراً، ولعب فيه الصدر دوراً ملحوظاً لتبني المقترح، وتوقع القيادي في القائمة العراقية أن يلقى المقترح قبولاً جيداً لدى كل من ايران والولايات المتحدة، وحسب العضو البارز في القائمة العراقية فإن الصدر قال بالحرف لعلاوي \"أن التيار الصدري لن يبقى في تحالف مع المالكي ما لم يكن علاوي رئيساً للجمهورية بصلاحيات واسعة\" وامتنع مسؤولوا التيار الصدري عن التحدث علناً عن الاتفاق المقترح، لكنهم اعترفوا بأنه خياراً قابلاً للتطبيق وعادل،
من جهته قال القيادي في دولة القانون علي العلاق لصحيفة لوس انجلوس تايمز، انه ليس على علم بتلك الصفقة التي تحتاج في حال تنفيذها دراسة جدية لأن الأكراد يطالبون بمنصب رئيس الجمهورية أيضاً وهم شركاء مهمين.
وذكرت الصحيفة أن عددا كبيرا من السياسيين الكرد يعتقدون أن منصب رئاسة البرلمان يمثل أهمية ستراتيجية بالنسبة لطموحاتهم القومية، أكثر من منصب رئيس الجمهورية ذي الصلاحيات المحدودة، لأن البرلمان هو مكان التشريع الحقيقي الكفيل بحسم المنازعات والصراعات التاريخية على الأراضي بين القوميات المختلفة، لكن هؤلاء يعتقدون أن الحديث عن هذا المقترح الخاص بالتحالف بين المالكي وعلاوي سابق لآوانه وتنفيذه مازال معقداً.
وقال مسؤول كردي في تصريح لوكالة الأشوسيتد برس أمس، إن المالكي شخصية مثيرة للجدل وقد تحسن الوضع الأمني في ظل قيادته، لكنه متهم باحياء مركزية السلطة والالتفاف على الوزارات الأمنية واستخدام قوات الأمن في البلاد لأغراضه الخاصة. ويواجه رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي خيارات متناقضة، أغلبها مرّ، حسب المراقبين السياسيين، من أجل تأمين أغلبية محدودة لتمرير ترشيحه لتشكيل حكومة جدية، لكنه يحظى في الوقت نفسه بقبول أقليمي ودولي واسع، وتتراوح تلك الخيارات بين القبول بشروط الأكراد المغالية، وعلى رأسها القبول باجراء التعداد العام للسكان في منطقة كركوك \"المتنازع عليها\" من أجل جعل ضمها للأقيلم أمراً واقعاً، إضافة إلى تقاسم العائدات النفطية معهم، واطلاق سراح المئات من أعضاء التيار الصدري، المتهمين بارتكاب أعمال \"عنف ومقاومة الأحتلال\"، في حين يقول الصدريون أن تلك الاعتقالات كانت ذات دوافع سياسية.
وبالرغم من تداخل المشهد السياسي الجاري في العراق وتناقض المواقف ومفاجأت اللحظة الأخيرة، إلا أن المراقب للأحداث لا بد أن يخرج بملاحظتين مهمتين، الأولى هي استحالة تجاهل الثقل السياسي للقائمة العراقية وما تمثله من شرائح اجتماعية واسعة في تشكيل أية حكومة جديدة، والثانية نجاح رئيس الوزراء السيد المالكي في المراهنة على عامل الزمن واصراره على تشكيل الحكومة الجديدة وهو مازال يسجل النقاط تلو النقاط على منافسيه السياسيين الذين باتوا في حيرة من امرهم وكيفية مجاراة نهجه السياسي .
الصباح الجديد .
أقرأ ايضاً
- مجلس الوزراء يعقد جلسته الاعتيادية برئاسة السوداني
- الحكومة: العراق سيساهم بدور كبير في إعمار لبنان بعد الحرب
- 20 مليون دينار تعويض عن قتل دب.. رفع دعوى قضائية في أربيل