تطرق ممثل المرجعية الدينية العليا وخطيب الجمعة في كربلاء المقدسة سماحة السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في 30 من شهر رمضان المبارك 1431هـ الموافق 10-9-2010 م عن البيان المهم الذي صدر من مكتب المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى سماحة السيد علي الحسيني السيستاني ( دام ظله الوارف ) وهو ما تناقلته وسائل الإعلام عن قس أمريكي إصراره على إحراق نسخ من القران الكريم تعبيرا ً عن كرهه للدين الإسلامي الحنيف.
وجاء في البيان الذي صدر في 29/ رمضان /1431هـ الموافق 9/9/2010 م: إن هذا التصرف المشين لا ينسجم مع ما هو وظيفة القيادات الدينية والروحية من تثبيت قيم المحبة والتعايش السلمي المبني على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين أتباع مختلف الأديان والمناهج الفكرية، إن الجهات المعنية في الولايات المتحدة مدعوة للحيلولة دون وقوع هذا الفعل الفضيع الذي لو وقع فستكون له عواقب غير محمودة وربما تداعيات خطيرة .
إن احترام حرية التعبير عن الرأي لا يبرر بوجه السماح بمثل هذه التصرفات المخزية التي تمثل اعتداءاً صارخاً على معتقدات الآخرين ومقدساتهم وتؤدي إلى خلق بيئة مناسبة لمزيد من التوتر والصراع والعنف.
إن المرجعية الدينية في الوقت الذي تستنكر فيه بشدة الاعتداء على القران العظيم وتؤكد على ضرورة المنع من وقوعه، تشدد على المسلمين أينما كانوا أن يتحلوا بأقصى درجات ضبط النفس ولا يبدر منهم ما يسئ إلى أتباع الكنائس المسيحية مستذكرين قول الله تبارك وتعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)
وتابع سماحته سمعنا في منتصف الليلة الماضية إن هذا القس قد تراجع عن موقفه، وبالرغم من ذلك فإن مجرد التفكير بالاعتداء على القران الكريم مسألة لا يرضى بها أي مسلم ولا شك إنها ستوتر الأمور .. حيث إن الاعتداء على القران الذي هو كتاب لأكثر من مليار مسلم في عموم العالم يخدش مشاعرهم وثوابتهم الدينية التي ينبغي أن تبقى مصونة من قبل جميع الملل والنحل والأديان والمذاهب.
وأضاف إن هذه الطريقة من تداول الأمور طريقة غير جيدة وغير حضارية ولا فائدة منها إلا مزيد من التوتر والصراع .. لذا فإن البيان أكد على عدم ردود الفعل في الكنائس المسيحية الباقية، والخطاب واضح لإبقاء الجرم في حدوده وعدم انتشار ردود الأفعال إلى جهات أخرى قد تكون في داخلها لا ترضى وان كانت هي أيضا مسيحية.
وحول مسألة تشكيل الحكومة قال سماحته إن التأخير ليس في مصلحة البلد قطعاً وكلما تأخر بنا الوقت كلما طفحت إلى السطح مشاكل أخرى، إذ نحن بلد غير مستقر والوضع السياسي في البلد فيه مجموعة من المشاكل وقد تداخلت فيه المسائل الخدمية والسياسية، وهذا التأزم في التشكيل يزيد في تأزم الوضع .. ومن المعلوم إن البلدان الديمقراطية المستقرة قائمة على مؤسسات دستورية فاعلة، فبالنتيجة يعرف كل عامل وموظف ومسؤول وظيفته، والحكومة تمثل له رمزية وتتبدل الأشخاص في سبيل إبقاء العمل على ما هو عليه، هذا في البلدان المستقرة والتي ليس فيها مشاكل عكس ما هو عليه بلدنا، فإن هذه الأمور كلها تتأثر وتؤثر نفسيا على سلوك المواطن خصوصاً مع غياب مجموعة من الخدمات الضرورية، فحقيقة هذا التأخر يزيد في المعاناة من جهة ويؤخر بناء دولة المؤسسات من جهة ثانية، وتمنى على الإخوة في الكيانات السياسية أن يكونوا بمستوى تحمل المسؤولية فهذه مسؤولية ألقيت من الناس لزيد أو عمر والمفروض القيام بها على أفضل ما يرام..
وطالبهم كذلك أن يقدروا المعاناة التي يمر بها الشعب العراقي وأن لا يصغوا إلى البعض الذين يصورون الامور بأنها جيدة ولا مشاكل واصفا إياها بالمجاملات، فالأمور في الواقع شبه متأزمة ولابد أن ننهض اليوم قبل الغد بتشكيل الحكومة والبدء ببناء العراق بشكل مؤسساتي بما يحفظ لهذا الشعب حقوقه لأنه إلى الآن ينتظر من السياسيين الكثير من الحقوق، ففترة ستة أشهر فترة طويلة وكل هذا يعتبر تأخير وخسارة للوقت فكل يوم يذهب يمثل منعطفا، وتمنى أن لا تتأخر عملية تشكيل الحكومة أكثر من هذا لكي لا نتكلم بهذا الموضوع ثانية.
وعن اقتراب موسم الفصل الدراسي في العراق ولا سيما الجامعات .. طالب الإخوة المسؤولين في وزارة التعليم أن يرتقوا في المستوى العلمي والأدبي في الجامعات، مشيرا إلى إن الجامعة ليست متنزه للطالب ونحن نعوّل على هذا الجيل في بناء بلد وهذا الجيل لابد أن يتحصن علمياً وهذا يتكفل به الأستاذ العلمي الذي عليه أن يعطي العلم وان يكون مخلصاً في ذلك ليربي كفاءة عراقية تخدم البلد مستقبلاً ويجب على هذا الطالب أيضا أن لا يجد أجواء تصرفه عن الجانب العلمي وهذا تتكفل به الجهات الوزارية والإدارية للجامعات أن لا تجعل الطالب يضيّع وقته في مسائل جانبية نتيجة غض النظر عن السلبيات الموجودة في الجامعات.
وأضاف إن الحرم الجامعي له خصوصية ولابد أن يشعر الطالب فيه بحالة من حالات القداسة الناشئة من العلم، وكذلك الطالبة لا بد أن تشعر الآخرين بان هذا المكان مقدس ومكان علمي بعيد عن الأجواء الخارجية .. عادا هذه المسألة في غاية الأهمية حفاظاً على أبنائنا وبناتنا.
أما ما يتعلق بالمدارس الابتدائية والمتوسطة والإعدادية أكد سماحته إن عمر المراهقة عمرا مهما جداً وعلى الأستاذ أن يكون مربيا بالدرجة الأساس سواء كان مدرساً أو معلماً، والحال إن الطالب يحتك بهؤلاء أكثر من احتكاكه بأسرته .. ولنعمل سوية على أن نصوغ من عمر الطلبة صياغة نحافظ من خلالها على البلد دينياً وعرفياً وأخلاقيا وأدبيا في سبيل إن نحافظ على هذه الطاقة من الانحراف.
واستدرك قائلا: إن الأسرة مسؤولة أيضا مسؤولية مباشرة عن الأولاد ماذا يلبسون ؟! ماذا يأخذون معهم ؟! من يصادقون ؟! هذه المسائل لابد أن نحملها بمحمل الجد ولا نتهاون إزاءها بأي شكل من الأشكال، فالتربية تؤخذ من المدرس والأستاذ والمعلم في بعض الحالات أكثر مما تؤخذ من الوالدين .. أما لان الأب مشغول أو لان مستواه يختلف أو أو .. لكن الطالب أمام المدرس يشعر انه أمام جهة عالمة فاضلة يعرف كل شيء، وأخيرا طالب الأساتذة الكرام أن يمارسوا دورهم التربوي إضافة إلى الدور العلمي وهذا ما ينشأ جيلا ً نستطيع أن نطمئن عليه.
موقع نون خاص
أقرأ ايضاً
- وزير الموارد : مشاريع عملاقة ستوفر كميات كبيرة من المياه
- الجيش العراقي يتأهب.. اجتماع أمني عالي المستوى لمواجهة "أي طارئ"
- السوداني يرجئ زيارته إلى المملكة المتحدة بسبب التطورات الإقليمية والدولية