- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حكومات الخليج.. إسرائيل الثانية
حجم النص
بقلم: سليم الحسني عندما قام الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بانقلابه على والده عام ١٩٩٥، فانه انقلب بذلك على النمط التقليدي في الحكم والعلاقات السائدة في الخليج، لقد وضع قطر في انتماء جديد، وعلى مسار مختلف عن الماضي، فالانقلاب العائلي كان تحولاً تاريخياً في هذه المشيخة الصغيرة، لتحويلها الى صانعة أدوار في المنطقة. كان حاكم قطر قد أدرك أن فترة ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة والاحتلال العراقي للكويت ومن ثم تحريرها، يمثل نقاط كبيرة في عالم جديد يتشكل بسرعة، وقد استغل ذلك في فرصة مناسبة، معتمداً على علاقاته الخاصة مع اميركا وإسرائيل، وإعادة صياغتها بنحو يتلائم مع متطلبات التحولات السريعة. في مقابل هذا التحول القطري، كانت دول الخليج الأخرى تمضي على نهجها التقليدي، وكانت السعودية أكثر هذه الدول جموداً حيث، يتوارث عرشها الأخوة المقعدون بالشيخوخة، والمتكلسون على عقيدتهم الوهابية في العداء للشيعة ولكل من يخالفهم في الرأي. وجدت قطر الجديدة في السعودية عقبة في طريقتها، فهي منافستها على العلاقة مع أميركا، كما أن لها موقع التأثير على مساحة واسعة من النظام الإقليمي العربي. والى جانب ذلك فهي المنافس التقليدي المطلوب لإيران في المنطقة، وهو ما يكسبها أهمية عند إسرائيل وأميركا. لم يكن بإمكان قطر أن تتفوق على السعودية فيما لو جربت معها التنافس التقليدي، وما فعله الأمير السابق حين انقلب على والده، إلا لتحقيق التفوق على السعودية بأدوات جديدة ومرونة واسعة. أبدت قطر جرأتها في إعلان علاقاتها مع إسرائيل من خلال فتح الممثلية الاقتصادية لها في الدوحة، وهذا ما جعلها تقطع خطوة متقدمة على السعودية التي تميل الى التستر على علاقاتها مع إسرائيل لاعتبارات تتعلق بالرأي العام. وكان التقارب القطري المتسارع مع إسرائيل قد مكنها من إقناع الولايات المتحدة على نقل قاعدتها العسكرية من السعودية الى قطر، وهو تحول مهم دفع بقطر خطوات الى الامام في التقدم على السعودية. كانت قطر تحاكي في تحركاتها ونشاطها الخارجي العقلية الغربية، وهو ما اتضح في فترة الربيع العربي، فهي تستخدم المال لتصنع الأزمات، وبالشكل الذي تريده إسرائيل وأميركا، أما السعودية فانها تستخدم المال لتقوية نفوذها، وبين الحالتين فرق دقيق. فالولايات المتحدة لا تريد دولة خليجية تفرض هيمنتها الإقليمية، إنما تريد دولة تصنع الضياع الإقليمي. وهنا كانت قطر صاحبة الدور المؤثر في الشرق الأوسط الجديد، بينما كانت السعودية تريد أن تكون هي مركز الشرق الأوسط الجديد. واكتشفت الولايات المتحدة ومعها إسرائيل، ان السعودية قادرة على انتاج الإرهاب وتجنيد التكفيرين بعقلية البدوي المتشدد الذي يريد ان يستخدمهم ايديولوجياً وطائفياً، وفي المقابل كانت قطر بارعة في توظيف الجماعات الإرهابية وتوجيهها والتحكم بمساراتها سياسياً. وكانت التجربة المهمة في سوريا، فالسعودية أصرت على اسقاط نظام بشار الأسد مهما كان الثمن وبصرف النظر عن البديل، بينما خالفتها قطر في ذلك وتعاملت على أساس العقلية الأميركية والإسرائيلية، فكانت تعمل على توجيه الحرب الأهلية السورية نحو تقسيم سوريا. وبحسب هذه الاعتبارات فأن قطر هي الأكثر قرباً لأميركا ولإسرائيل، لأنها توظف هذه القرب أيضاَ في دفع الدول الخليجية على الانحناء أكثر أمام البيت الأبيض، وعلى التقرب من إسرائيل، في تنافس لا وجود فيه لخط النهاية، لكن المسار سيؤدي الى خلق إسرائيل ثانية في الخليج، وستتنافس الأنظمة الخليجية فيما بينها لتنال كل منها قبل غيرها، هذا العنوان وهذا الدور.
أقرأ ايضاً
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- إسرائيل تتحدى العالم وقادته يخنعون ويخضعون