حجم النص
بقلم:سعد عواد ربما يصعب على اي متابع للشأن السياسي اليوم في العراق ان يستقرأ او على الاقل ان يفهم ما يجري في الساحة السياسية العراقية من تجاذبات وصراع ارادات بين كتل واحزاب وزعامات ادمنت السلطة والجلوس على كرسي الحكم دون الالتفات الى الخراب الكبير والفوضى والفساد وفقدان الامن الذي جاء نتيجة منطقية لفساد هذه الاحزاب والزعامات التي ابتعدت كثيرا عن هم الوطن والمواطن. عام مرعلى الاحتجاجات والتظاهرات المطالبة بالاصلاح وتقويم العملية السياسية وكشف المفسدين وتقديمهم للعدالة ومع مطالبات المرجعية الدينية التي باركت مطالب الشعب واكدت على اهمية الاصلاح في بلد وصل الى حافة الانهيار السياسي والاقتصادي والامني..ولكن ما الذي تحقق ؟؟ّحزمة الاصلاحات التي اطلقها السيد العبادي وصدقها الكثيرون للاسف كانت حركة واضحة لامتصاص غضب الجماهيروارضاء للمرجعية الدينية وتبين لاحقا انها حبر على ورق..والا كيف ننتظر اصلاحا من شخص جاء نتيجة لتوافقات سياسية ومحاصصة بغيضة وتملى عليه القرارات من هذا الطرف السياسي او ذاك وان كانت لديه النية الصادقة للاصلاح فانه يصطدم بكتل واحزاب وزعامات قادره على تنحيته متى ما ارادت. اعتقد ان التغيير الشامل والمنشود والرضوخ لمطالب الشعب لا يأتي من خلال تغيير هذا الوزير واستبداله بآخر او تقديم كابينه وزارية وان كانت تضم ذوي الخبرة والاختصاص وممن عرف بالنزاهة لان عملها محكوم بالفشل مقدما مع وجود الاحزاب والفاسدين والمتنفذين الذين يسيطرون على كل مفاصل الدولة المهمه.وبالتالي يمكن لهذه المافيات من اجهاض اي مشروع اصلاحي. لنعترف ان الوضع العراقي بالغ التعقيد وهو مرتبط بسياسات دولية واقيليمة لا يمكن للمراقب ان يتجاهلها او ينفي تأثيراتها ولا تأخذنا العاطفة والاندفاع المبني على قراءات غير واقعية للوضع السياسي والامني والاقليمي ونتصور اننا قادرين على التغيير بمجرد هتاف او رفع لافته او كلام انشائي. نعم التظاهرات حالة حضارية وممارسة ديمقراطية..ممكن ان تساهم بتغيير قرار او تعيد الحق لشريحة تعرضت للظلم ولكن ان تغيرنظاما سياسيا بني على اسس خاطئة ودستور كسيح واحزاب جل همها المناصب والسلطه والمال ونهب الثروات..ولديها القدرة على قراءة الشخصية العراقية واخضاعها ..هنا تكمن الصعوبه والتعقيد.. نعم التظاهرات والاعتصامات اوجدت حالة من الخوف والارباك والتخبط لدى الطبقه السياسية..وربما حلولا ترقيعية ووعود كاذبة هي بعيدة عن مطلب الجماهير ....قد يضع البعض امامه التجربة المصرية وأوجه التشابه بين حكم الاخوان وحكم الاحزاب الاسلامية في العراق.ولا شك ان هناك تشابها كبيرا في التجربتين ولكن كيف استطاع الشعب المصري من ازاحة حزب عتيد تمتد قواعده الى اقصى نقطة في مصر ورئيس حصل على اكثر من 40 مليون صوت من اصوات الناخبين المصريين..نعم من خلال تظاهرات واعتصامات مستمرة شارك فيها الملايين من الشعب المصري بمختلف توجهاتهم واطيافهم..حتى جاء الحل على يد المؤسسة العسكرية المستقله الغير خاضعه لاية ارادة سياسية..وهنا يجب ان لا ننسى الاختلافات بين الشحصية العراقية والشخصية المصرية من حيث الثقافة بمفهومها العام والمرجعيات الفكرية والدينية والحزبية التي تتحكم بالعقول وتحاول اخضاعها ياية طريقه وكذلك عدم وجود مؤسسة عسكرية مهنية مستقله غير خاضعه للرجل الاوحد والحزب الاوحد. توالت المناشدات في الايام القليلة الماضية من قبل عدد من اعضاء مجلس النواب ممن اعتصموا داخل قبة البرلمان بضرورة تغيير الرئاسات الثلاث والذهاب الى انتخابات مبكره..وهذه المره جاءت الدعوه من اعضاء منتمين جلهم لاحزاب وكتل سياسية ساهمت بخراب البلد ونهب خيراته..وحقا اننا لا نعلم النوايا وبعيدا عن عقلية التخوين وتصفية الحسابات سنقول انها صحوة ضمير. ولكن دعنا نناقش هذا المطلب..اعفاء الرئاسات الثلاث يضع العراق في فراغ سياسي ودستوري لا يخدمه في هذه المرحلة وهو يواجه تحديات امنية خطيرة ويقاتل تنظيمات داعش الارهابية على عدة جبهات وربما تزداد الامور سوء وتعقيدا..الانتخابات المبكرة لا يمكن اجراءها بدون مشاركة ابناء الموصل والانبار وصلاح الدين كونها ستكون فاقده للشرعية ومن المؤكد امتناع الاكراد عن المشاركة فيها.اعتقد ان الحل الامثل في هذه المرحله مع أفتراض صدق النوايا عند ال 171 نائبا الموقعين على وثيقة الاصلاح..هو الذهاب الى تشكيل حكومة انقاذ وطني والعراق لا يخلوا من الشخصيات الوطنية النزيهه المخلصة تعمل هذه الحكومة بتفويض من الشعب لمدة عام كامل ومن اولوياتها سن قانون جديد للانتخبات والتهيئة لانتخابات حرة ونزيهه..والاهتمام بالجانب الامني وطرد داعش نهائيا من العراق..والعمل على استقلالية المؤسسة العسكرية...ولا ادري ربما يبقى الوضع على ما هو عليه وهو الاقرب للواقع.