هناك العديد من الوسائل التي ترفد وتساعد في دفع العملية التربوية ومن هذه الوسائل المهمة والحيوية هي الدروس النموذجية والتي اعتدنا أن نشاهدها في منتصف كل فصل دراسي حيث يكلف المشرف التربوي
احد المدرسين المميزين بأداء وتقديم حصة دراسية كاملة أمام جميع مدرسي المادة حيث يستعرض المدرس
مهاراته وطريقة تدريسه للمادة أمام زملائه لأجل المنفعة والاستفادة وزيادة الخبرة .
تذكرت ذلك المشهد التربوي الرائع وأنا أرى السيد رجب طيب اردوغان وهو يعتلي المنصة أمام السادة أعضاء مجلس النواب العراقي ! مشهد يستدعي الوقوف والتأمل كثيراً فقد قدم السيد اردوغان درساً نموذجياً متكاملاً
فقد كان الرجل متمكناً من أدواته ومنتقياً رائعاً لكلماته وذكياً بتحليلاته .
لا اعرف هل استوعب البرلمانيون العراقيون الدرس أم تراهم لم يفقهوا شيئاً من كلام السيد اردوغان ؟؟؟!
فقد اتضح لنا إن السيد اردوغان يحفظ النشيد الوطني العراقي في الوقت الذي يجهل ذلك أغلبية البرلمانيون
وجميع رجال السياسة ومحترفيها في العراق !!!
ولذلك أقول لو طلب السيد النجيفي من أعضاء برلمانه أن يكتب كل واحد منهم النشيد الوطني على ورقة لرسب
جميع أعضاء البرلمان إلا الذين ربما يستعينوا بطرق الغش ألامتحاني والتي يتقنها معظمهم .إنها فضيحة ؟؟؟!!!
انه مشهد مؤلم ترى رئيس حكومة دولة مجاورة يخاطب أعضاء برلماننا ليخبرهم بان بغداد هي كلام الحنون !!
في الوقت الذي نشاهد أعضاء البرلمان منشغل عن خطاب السيد اردوغان فمنهم من اطرق برأسه إلى الأرض
والآخر منشغلاً بمسبحته التي لا تفارق أصابعه فهو يسبح أطراف الليل وآناء النهار حمداً وثناء لله الذي مكنه
أن يكون عضوا في مجلس النواب العراقي بينما راحت نائبة تهاتف بهاتفها النقال وهي تتصل بخادمة الدار حول
طبق اليوم الذي قدمته قناة فتافيت !1! والنائب الآخر منشغل بحوار ساخن مع زميل له حول آخر صفقة وآخر
سفرة ومتى سيتم تسليم المخصصات ومعمعة تخفيض الرواتب ومتى سيتم استلام سلفة المائة مليون دينار لأنه
لازال يعيش في أحياء العشوائيات ( التجاوز) وهناك نائب آخر يهاتف رئيس كتلته الغافي في احدي فنادق عمان
الفارهة أو إحدى سراديب طهران الدافئة شتاءاً والباردة صيفاً ونلاحظ نائب يفتح فاهه متعجباً من طلاقة
اردوغان وعشق اردوغان لبغداد !!!!!! ؟ كان الجميع مندهش ومنبهر وهو يرى قائداً حكومياً استطاع أن
يجمع هذه الكاريزما التي بهرت العيون ! فقد كان السيد اردوغان عراقياً أكثر من أعضاء البرلمان العراقي فقد قدم لهم الرجل درساً في طريقة الكلام وفي فن الإصغاء أيضا وفي حب الوطن الذي أمسى لا ينام إلا على خيباته
المتجددة فقد صرخ فيهم اردوغان قائلاً ( إن بغداد هي الأم الحنون ) فهل يرعوي الين برعوا وتفننوا في ترويع
وتلويع بغداد حيث اضاقوها مر العذاب بفسادهم ومليشياتهم ومراهقتهم السياسية النزقة وبتكالبهم ومعاركهم
على المناصب والكراسي بعدما كانوا نكرات لا تعرف حتى ( أل ) التعريف .
هل يتعلم هؤلاء من السيد اردوغان إن الوطن فوق الجميع وان العراق فوق الجميع أحزابا وأفكارا ومذاهباً
وطوائفاً وكتلاً ورموزاً وغير ذلك من المسميات نتقيأ حينما نسمعها .
وهل يتعلم هؤلاء من السيد اردوغان إن الإسلام اكبر من أن تحويه فكرة مغلقة وسلوك شاذ وازدواجية مفرطة
في العمل مع الأشياء . هل يتعلم هؤلاء من السيد اردوغان بان الإسلام بانفتاحه قادر على أن يقود العالم من أقصاه الى أقصاه وهذه حكمة السماء وان الإسلام قادر على قيادة الحياة بكل مفاصلها الصغيرة نحو ضفة الأمان بعيدا عن التعصب الأعمى والتمذهب الطائفي المقيت والفكر السوداوي الذي يحاول البعض تصديره إلينا بفتاوى أكل الدهرعليها وشرب ,فقد اثبت السيد اردوغان إن بإمكان الإسلام أن يتعايش ويتعامل بأمان وسلام وحب وطمأنينة مع المجتمع التعددي وكأننا نعيش ( إسلاما ليبرالياً ) بامتياز إن صح التعبير ! إسلام يرفض الانغلاق والارتداد إلى الخلف إسلام السلوك الإنساني الصحيح الذي يتخذ التعايش والألفة والمحبة بين الجميع ,إسلام يبني ويجمع لا إسلام الطوائف والمذاهب والأحزاب الذي يقتل ويفرق باسم الدين والمذهب , إسلام الصدق والنزاهة وحب الوطن والإيثار من اجل الآخرين لا إسلام الفساد والسرقة والغش والتزوير والعمالة والنذالة وبيع الوطن بالثمن الاوكس .
هكذا قدم لنا السيد اردوغان درساً نموذجياً فهل نحن نجيد فن الإصغاء للآخر ؟ وهل نحن نجيد فن التعلم من الآخر ؟وهل نحن على استعداد لدراسة تجربة الآخر ؟
اعتقد جازماً إننا لا نملك أجوبة لمعظم هذه الأسئلة لان السادة أعضاء البرلمان العراقي والسياسيون العراقيون لا زالوا منشغلون بمعاركهم التي لا تنتهي حول تقاسم الكعكة والتي للأسف من بعض أسمائها العراق ولذلك دعونا نقول شكراً للسيد اردوغان فقد أسمعت لو ناديت حياً / ولكن لا حياة لمن تنادي