- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العتبة الحسينية المقدسة ترد على مقال الدكتور خالد السلطاني المنشور في جريدة المدى
نشرت جريدة المدى بالعدد 1363 الصادر يوم الخميس 6/تشرين الثاني/2008م موضوعاً تحت عنوان (واقعة تسقيف صحن الروضة الحسينية... تداعيات القرارات المستعجلة) للدكتور خالد السلطاني ونود ان نبين وجهة نظر إدارة العتبة الحسينية المقدسة على ذلك :ـ
اولا:- إن العتبة الحسينية المقدسة ذات عمق تأريخي ممتد بعيدا في الماضي ومتواجد في الحاضر ونريد له استمرار في الحياة وليس أثرآ معماريآ فقط وإنما كان وظيفيا وفكريآ وعقائديآ ويمثل الارتباط العقائدي بين الأمة الإسلامية والثورة الحسينية وهذا الارتباط نابع من أصول الشريعة الإسلامية التي أوجبت أتباع أئمة أهل البيت (ع) كونهم القادة الشرعيين للأمة وأن هذا الارتباط الروحي وعظم التضحية التي قدمها الإمام الحسين (ع) وأهل بيته جعلت المسلمين مرتبطين بثورته التي غيرت مجرى التاريخ كل ذلك وغيره أصبح السبب الرئيسي لهذه الزيارات المليونية ولذلك فإن العتبة الحسينية المقدسة ليست تراثآ أو أثرآ يعبر عن مرحلة تاريخية فقط بل هي عمارة حية متجددة ترتبط بقلوب العاشقين للإمام الحسين (ع)
وإن العتبة الحسينية المقدسة والمعينة من قبل المرجعية العليا في النجف الاشرف هي احرص من غيرها بالحفاظ على الطراز المعماري للعتبة أما التشويه والانتهاك المقصودان فهذا ما يعبر عن تفكير الكاتب نفسه وما يحمل من أفكار بعيدة عن الواقع ..
أما موضوع الحفاظ على الموروث القديم ( العتبة ) فهو ليس مجرد العناية بالأبنية التاريخية بل يتعداه الى العملية الإبداعية التي تحاول إيجاد البديل أو التطوير نحو الأحسن ونعني بالتطوير إدخال ما هو ضروري من خدمات وتحوير داخل تلك الأبنية التاريخية لتنسجم والبديل الوظيفي الذي يراد للعتبة الحسينية المقدسة نعني بالتبديل الوظيفي هو هذا الانتشار العظيم للفكر الحسيني والذي من أجله قامت الثورة الحسينية وما يتطلبه الأمر من خلق الأجواء والفضاءات المتكاملة في العتبة والتي تنسجم وهذا المد البشري الواسع (عشرات الملايين في زيارة الأربعين فقط) ، بالإضافة الى إقامة صلاة الجمعة والصلوات اليومية والمحاضرات الدينية في كافة أيام السنة لذا أصبحت العتبة الحسينية مركز أشعاع فكري لكافة المسلمين في العالم ومهوى لعشاق الأمام الحسين (ع) وهي ليست كالآثار المنتشرة في العالم والتي تعبر عن مرحلة تاريخية انتهت ولم يبق منها سوى هذه المباني والأطلال ولذلك أوجه سؤالي للأخ الدكتور وكل المختصين بشأن العمارة الإسلامية ماذا يحصل لو (لاسمح الله) أن العتبة والمنارتين الذهبيتين والحرم المقدس ومنشآت سور الصحن الشريف كل ذلك قد تهدم وسوي القبر الشريف مع الأرض ، هل سيقلل هذا الفعل الشنيع من الارتباط بين الإمام الحسين وزواره أم سيزيدهم حبا وإصرارا وعزما للوصول إليه وبالملايين ومن جميع أرجاء المعمورة وقد حدث ذلك تاريخيا أيام حكم بني العباس ،مالكم كيف تحكمون....؟
أما أن يراد للعتبة الحسينية ( أن تكون رمزا معماريا مجردا واجب الحفاظ عليه حاله حال المنشآت التي تفخر الدول وشعوبها بالمحافظة عليها كما هي بعيدا عن التشويهات أو الانتهاكات ويتم إدخاله في سجل خاص أنشأته منظمة اليونسكو وتسميه (لائحة التراث العالمي ) وكما يقول الأخ الدكتور فهذا لايقبل به أي مسلم في جميع العالم فضلا عن شيعة أهل البيت (ع) حيث نؤكد ماورد في مقدمة الرد ونؤكده لعشرات المرات إن العتبة الحسينية ليست أثرآ معماريا ولكنها عمارة حية متجددة ممتدة بعيدا في الماضي ومتواجدة في الحاضر ونريد لها استمرارا حيا وظيفيا وفكريا وعقائديا إلى ما شاء الله،ولذلك كان مشروع تسقيف الصحن والذي يثير الأخ الدكتور ويستغرقه الاستغراب والدهشة عن مدى ولاية وشرعية الجهة التي اتخذت قرار التسقيف فنود إن نبين إن الولاية الشرعية للمراقد المقدسة والتي هي من سنخ الأوقاف العامة التي يؤول أمر ولايتها الى الحاكم الشرعي ( المرجع الأعلى ) بالإضافة الى المراجع الإعلام والتي أعطت التولية الشرعية للجنة ثلاثية منتخبة من قبلهم قبل صدور قانون العتبات رقم (19) لسنة 2005م والتي اقرته الجمعية الوطنية حيث تم تعيين أمين عام لإدارة العتبة الحسينية المقدسة من قبل رئاسة ديوان الوقف الشيعي من ذوي الكفاءة والنزاهة والسمعة الحسنة ممن وافق عليهم المرجع الديني الأعلى في النجف الاشرف ومن أولى واجباتها التي ينص عليها القانون في المادة (3) هو أداء وسير شؤون (العتبات والمزارات ) والعناية بها ورعايتها بما يناسب قدسيتها وتطويرها وتوسعتها بتشييد عمارات ملحقة بها وبشكل يميز مكانتها وأثرها الديني والتاريخي مع الحفاظ على الطابع الإسلامي للعمارة.
وإذا كان الأخ الدكتور لايعلم بهذه الولاية فهو شأنه أما موضوع أهلية المكتب الاستشاري المصمم فنود إعلامه إن الجهة المصممة والمنفذة للعمل هي شركة الأبحاث الهندسية الدولية والذي يديرها جناب الدكتور المهندس محمد علي الشهرستاني وبإشراف قسم الشؤون الهندسية والفنية في العتبة الحسينية المقدسة .
إن العمارة عند المسلمين اهتمت كجزء من أولوياتها بالحاجة الاجتماعية بازدياد الوعي الديني لدى المجتمع وارى إن التباين الكائن فيه من المرونة لتلقي مثل هذه الإضافة في الوظيفة والشكل والرمز حيث إن ما تم ادخاله في الصحن من تسقيف الفراغات وعناصر معمارية تفصيلية يمثل الاندماج التام بين السابق والحاضر ومابين الداخل والخارج دون التقليل من ألاهمية الرمزية والسيمائية والتي عمقت المفاهيم الروحية على مر العصور بالإضافة إن فلسفة الجمال في العمارة الإسلامية تعتمد على الانتفاعية الوظيفية (FUN CTION ) النابعة من الشريعة السمحاء أو في إطارها العام فعندما نحلل المفردات المعمارية الجمالية أو الفراغات نجدها تحمل محاور عدة في أسباب نشأتها وتشكلها وحتى تطورها نجد إن توسعة الحرم الشريف بالتسقيف يمثل بدوره احد اوجه المعالجة للمناخ القاسي صيفآ وشتاء لزائري الإمام الحسين (ع) وضمن الإمكانات المتوفرة ماديا وتكنلوجيا وقد لاحظ المصمم عدة جوانب يمكن تلخيصها بما يلي .
اولا :- تم تصميم أربع عشرة قبة متحركة بأقطار تتراوح بين 6م - 9م تمثل المعصومين الأربعة عشر (ع) ولغرض دخول الضوء والهواء بالنسبة للأيام المعتدلة من السنة ويتم غلقها وفتحها كهربائيا .
ثانيآ :- توجد شبابيك زجاجية بمساحة 1000م 2للجزء المطل على الحرم الشريف لتأمين الرؤية للعتبة والمنارتين الشريفتين .
ثالثآ :- تم تزيين السقف بالنقوش النباتية والإسلامية بالكاشي الكربلائي والذي هو جزء مهم في عمارة الأضرحة المقدسة .
رابعآ:ـ إن مشروع تسقيف الصحن الغرض منه توسعة مساحة الحرم الشريف البالغة( 1500م ) ألف وخمسمائة متر مربع والتي تغص بالزائرين ولذا سيتم إضافة مساحة مقدارها (7000م2) سبعة آلاف متر مربع إلى الحرم الشريف وسيتم توسعة الأبواب الموجودة حاليا ليتسنى للزائرين رؤية الشباك الشريف من أكثر من مكان .
خامسا سيتم إضافة مشروع جديد لتبريد المساحة المضافة والتسقيف بأجهزة تبريد حديثة (جلر) لغرض تهيئة الأجواء المناسبة لإقامة كافة الفعاليات الدينية والشعائر الحسينية .
نسأل جناب الأخ الدكتور إذا كان يسأل عن أهلية المكتب الاستشاري الذي تجرأ وقدم مثل هذا التصميم والتذكير بأن الروضة الحسينية تستحق إن يولى لها اهتمام وعناية خيرة العقول المعمارية فأين كان طيلة هذة الفترة حيث أن العمل أوشك على الانجاز وهل إن مدينة كربلاء بعيدة وغير موجودة على الخارطة حتى يتسنى له معايشة المشروع عن قرب وإبداء ملاحظاته القيمة عن العمل هذا من جانب
من جانب آخر، نود ان نبين أولاً: إن الجهة القائمة على تنفيذ مشروع تسقيف الصحن الحسيني الشريف هو الدكتور محمد علي الشهرستاني مدير شركة الأبحاث الهندسية العالمية و المعروف بخبراته الهندسية الإنشائية والمعمارية العريقة وتشهد له إنجازاته في توسعة حرمي الإمام الرضا و الإمام الكاظم (عليهما السلام) وفتح منفذا لخروج الزوار من جهة الرأس الشريف في مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) وغير ذلك من المشاريع والانجازات الهندسية التي جعلت له موقفاً متميزاً لدى خبراء الهندسة الإنشائية والمعمارية وقد عقد الدكتور الشهرستاني عدة ندوات لتوضيح أبعاد هذا المشروع من الجهة الإنشائية والمعمارية والحضارية والفوائد الكبيرة المترتبة عليه كما أن قسم الإعلام في العتبة الحسينية المقدسة أصدر مطبوعاً مفصلاً ومدعماً بالصور الكثيرة الملونة التي تبيّن مراحل المشروع وشكله النهائي وذكر فيه جميع التفاصيل عنه مع التعرض للإشكالات الهندسية والتراثية وغيرها المطروحة تجاه المشروع وقد ذكرت إجابات شافية وكافية تدفع هذه الإشكالات.
ثانياً : إن قرار التسقيف وفق التصاميم التي يعمل بها الآن في الصحن الحسيني الشريف إنما جاء على ضوء الاحتياجات الأساسية والمهمة جداً للزائرين الذين يفدون بالملايين وخلال زيارات كثيرة جداً خلال أيام السنة وطبيعة النشاطات الخطابية والتبليغية والثقافية والعبادية والشعائرية التي تقام في كل يوم خلال فصول السنة مع ملاحظة الأجواء القاسية لفصلي الصيف والشتاء في العراق, ويمكن تفصيل ذلك على النحو التالي:
إن عدد الزيارات التي وردت في نصوص المعصومين (عليهم السلام) لمرقد الإمام الحسين (عليه السلام) وعدد الزائرين من مختلف بقاع العالم -من داخل العراق وخارجه- لهذا المرقد الشريف تختلف عن جميع المراقد المقدسة في العراق ... فهناك -من باب المثال:ـ
1.زيارة الأربعين والتي شهدت توافد (9 مليون زائر - 12 مليون زائر) في هذا العام وبحسب الإحصاءات الرسمية وتارة تقع هذه الزيارة في شهر حزيران أو تموز أو آب أو في شهور الشتاء الباردة جداً . فلنتصور حجم المعاناة لهؤلاء الزائرين وهم يؤدون مراسم الزيارة والدعاء والصلاة في الصحن الشريف في أجواء تصل درجة حرارتها إلى 50 مْ ولعدة أيام .. أو في أيام الشتاء _شهر كانون الأول والثاني_ حيث تكون البرودة شديدة وتنخفض درجات الحرارة إلى 2 مْ - 4 مْ وهل أن البدائل تقيهم الحر اللاهب لشهور حزيران وتموز وآب أو البرد الشديد أو الأمطار ..كما حصل خلال هذه السنة حيث مطرت السماء وأخذ الزائرون يلوذون بالأجزاء المسقفة من الصحن الشريف وهربوا من الركن الجنوبي للصحن المقدس حيث لم يكن مسقفاً بعد،
2. الزيارات الموسمية الأخرى -كزيارة النصف من شعبان ويوم عرفة والزيارات الرجبية وليالي القدر ومراسم عاشوراء- حيث يشهد الصحن الشريف توافد الملايين أيضاً في كل زيارة من هذه الزيارات .. الإحصائيات الرسمية من دوائر الدولة أفادت بأنه توافد حوالي (3-5) مليون في الزيارة الشعبانية لهذا العام وهنا نتساءل كيف يمكن أن نوفر لهذه الملايين الأجواء المريحة لأداء هذه الزيارة...
3. في كل ليلة جمعة هناك زيارة لعشرات الآلاف من جميع أنحاء العراق يقيمون مراسم الزيارة والدعاء والصلاة جماعة في الصحن الشريف وفي هذه الأجواء الحارة جداً أو الباردة جداً في فصل الشتاء أو هطول الأمطار ... أي أن هناك (52) ليلة جمعة يشهد فيها الصحن الحسيني الشريف توجه عشرات الآلاف لأداء هذه المراسم العبادية وفي ظل الأجواء المذكورة..
4. في كل يوم يزور المرقد الشريف -من الزائرين من الجمهورية الإسلامية الإيرانية- بين (1500 زائر-2000 زائر) ومدة بقائهم في كربلاء المقدسة أربعة أيام أي أنه في كل يوم هناك (6000-8000) زائر إيراني يؤدون مراسم الزيارة والدعاء والصلاة جماعة وصلاة الجمعة (أسبوعياً) في ظل هذه الأجواء القاسية التي تقدم ذكرها, فضلاً عن الزائرين الآخرين من بقية دول العالم (كالهند وباكستان وأفغانستان ودول الخليج وأوربا وأمريكا وآسيا) ويقدّر عددهم بالآلاف أيضاً يتوافدون في كل يوم لأداء مراسم الزيارة والدعاء والصلاة في الصحن الحسيني المشرف .. 5.هناك في كل يوم تؤدى صلاة الجماعة (الصبح,الظهرين,العشاءين) وهذا غير موجود في جميع العتبات المقدسة الأخرى ويحضر صلاة الجماعة (الظهرين) في كل يوم عدة آلاف .. ولنتصور حجم المعاناة لهؤلاء المصلين حينما يؤدون هذه الصلاة في درجات حرارة تصل إلى (50 مْ) .. ولنتصور أيضاً حجم المعاناة لهؤلاء المصلين حينما يؤدون صلاة الصبح جماعة في أيام الشتاء القارس البرودة حيث تصل درجة الحرارة إلى ( 2 مْ - 4 م)
6.هناك صلاة العيدين (الفطر والأضحى) وتقام جماعة في الصحن الشريف وتمتلئ جميع ساحات الصحن الشريف بالمصلين وللزخم الهائل يفترش الكثير منهم منطقة الحائر لأداء هذه الصلاة ولا نبالغ إذا قلنا أن قرابة (50) ألف زائر يؤدون هذه الصلاة بل أكثر من ذلك حيث تؤدى هذه الصلاة جماعة لخمس مرات أو ست (وبإمامة عدة أشخاص) لعدم استيعاب الصحن الشريف لهذا العدد الهائل والذي قد يصل -إذا ما لاحظنا تعدد هذه الصلوات- إلى (80) أو (90) ألف مصلٍ ..ولنتصور حجم المعاناة لهؤلاء المصلين حينما يؤدون هذه الصلاة في درجة حرارة (50 مْ) .
7.هناك صلاة الجمعة التي تقام كل أسبوع وتشهد حضور قرابة (10) آلاف مصلي ولنتصور معاناة هؤلاء المصلين حينما يجلسون لمدة ساعة كاملة يستمعون إلى الخطبتين في أجواء حارة جداً أو باردة جداً ثم يؤدون صلاة الجمعة والعصر جماعة وهناك الكثير من زائري الدول الإسلامية يحضرون هذه الصلاة .
8.هناك مجالس الخطابة التي تقام كل يوم في الصحن الحسيني الشريف والمحفل القرآني والدورات الصيفية لطلبة المدارس وغير ذلك من النشاطات .. كلها تقام في ظل الأجواء المذكورة .. بل صار هناك توافد في كل يوم بالآلاف من الزائرين في ظل أجواء الحرية التي يعيشها أبناء هذا الشعب.
وما هذه التفاصيل التي تعرّضنا لها إلا لنبيّن حجم المعاناة التي يمر بها عشرات الملايين وليس الآلاف من الزائرين لتلك الأجواء القاسية خلال زيارتهم وأدائهم للمراسم العبادية ,ولنتساءل -وليكن جوابنا مبنياً على الواقع والدراسات الميدانية وليست النظرية التي لا يمكن أن تعالج المشاكل الواقعية- هل أن البدائل الأخرى ستوفر الراحة للزائرين .. وليوجه هذا السؤال إلى نفس الزائرين الذين عايشوا نصب الجوادر والخيم في الصحن الشريف -كما هو مبيّن في دليل التسقيف المصوّر- لكي نصل إلى الجواب الشافي -والمطابق للواقع-
ولا يمكن أن نوجه السؤال لمن لم يعايش _ولو لبضعة أيام_ هذه الأجواء القاسية لأن الجواب حينئذ سيكون نظرياً بحتاً ولا يمكن أن يضع الحلول الجذرية الناجحة .
9.بسبب الأجواء الرطبة -حيث ترتفع نسبة الرطوبة في أيام كثيرة خلال فصلي الصيف والخريف.. التي يتعرض لها الزائرون داخل الصحن الشريف وللزخم الكبير المتواجد منهم لأداء مراسم الزيارة والدعاء والصلاة- ترتفع نسبة الرطوبة بدرجة مضاعفة فيؤدي ذلك إلى حصول حالة الاختناق وفقدان الوعي لعدد من الزائرين خاصة خلال الزيارات المزدحمة حيث يتم معالجتهم داخل المفرزة الطبية أو في المراكز الطبية الأخرى ولا يمكن -لمجرد نصب الخيم- معالجة هذه الظاهرة بل لا بد من توفير مسقفات تامة يمكن من خلالها نصب أجهزة التبريد التي سيعالج معها هذه الظاهرة.
كما أن هناك أياما كثيرة تتعرض فيها عدة مدن في العراق ومنها كربلاء المقدسة لعواصف ترابية لا يمكن حماية الزائر منها إلاّ من خلال التسقيف وليس من خلال بدائل اخرى.
وهنا يمكن أن نسطر عدة إشكالات على البدائل الأخرى:
1. إنها لا يمكن أن تحمي الزائر من الحرارة الشديدة والبرد الشديد والأمطار بصورة جذرية... نعم هي توفر له ظلاً من أشعة الشمس فقط.. وتبقى معاناة الزائر الشديدة من الحرارة المرتفعة جداً والبرودة القاسية.
2. إنها لا يمكن أن تتناغم مع النسيج المعماري للمرقد المطهر.. كما يتضح ذلك من الصور المنشورة في المطبوع والمرفق طياً.
لا يبقى من وسيلة فعالة لتوفير الأجواء المريحة للزائرين إلاّ مشروع التسقيف لأنه سيوفر الظل التام من أشعة الشمس والأمطار والوقاية من البرد الشديد والعواصف الترابية ويمكن من خلاله نصب أجهزة التبريد والتدفئة.. وقد قامت الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة باستيراد أجهزة تبريد حديثة (ماركة يورك الأمريكية وعن طريق شركة اليوسفي الكويتية) وبسعة (1610) طن أي ما يعادل أربعة أضعاف حجم أجهزة التبريد للحرم الشريف .. وهذا المشروع هو مؤقت بانتظار إنجاز المشروع العملاق لتبريد الصحن الشريف وذلك من خلال استيراد أجهزة تبريد وتدفئة متطورة من نوع (جلر) وسيكون هذا المشروع المؤمل إنجازه إن شاء الله تعالى خلال سنتين من المشاريع العملاقة وهو يشبه إلى حد ما مشروع التبريد للمسجد النبوي الشريف إذ ستنصب الأجهزة الكبيرة التي تبلغ طاقتها (6000) طن (ستة آلاف طن) خارج المرقد الحسيني الشريف وعلى بعد (2) كيلو متر وهناك أنابيب تحت الأرض ستمتد من موقع المشروع إلى الصحن الشريف حيث ستنصب الدافعات الكبيرة التي ستقوم بتبريد وتدفئة ليس الصحن الشريف فقط بل حتى مشروع الطابق الثاني وقاعات وغرف الحائر الشريف ونعتقد أن هذا المشروع هو الأول من نوعه في العراق .
ثالثاً: علينا أن نفرِّق بين الأبنية التراثية الجامدة الخالية من الجانب العقائدي والروحي كما هو الحال في آثار بابل وقصر الأخيضر وآثار نينوى وذي قار وغيرها وبين المراقد المشرّفة للمعصومين تمثل الارتباط الروحي والعقائدي والفكري بين المسلمين وخاصة أتباع أهل البيت
أهل البيت من قبل أتباع زيارتها يُقْصَدْ من هذه المراقد مع أئمتهم وقادتهم إذ أن ومحبيهم هو تجديد الولاء لهم وتقوية الارتباط الفكري والعقائدي والروحي معهم وإحياء ذكرهم ومبادئهم وقيمهم وثورتهم في المجتمع ولعل توفير الأجواء المناسبة لأداء مراسم الزيارة والدعاء والصلاة وإقامة مجالس الوعظ وغيرها مما يقوي هذه الارتباطات ويوفر دافعاً أقوى لملايين الزائرين للتوجه لمراقد المعصومين ... وأما الجمود على بعض الأمور بحجة الحفاظ على التراث (مع العلم أن مشروع التسقيف والطابق الثاني لا يتنافى أبداً مع النسيج المعماري
والحفاظ على التراث كما يظهر من الصور والشرح المذكور في المطبوع) ومن ثم إيقاف هذا المشروع
فإنه خلاف المهمة الملقاة على عاتقنا من توفير جميع ما يساهم في تسهيل وإراحة الزائر في زيارته .
رابعاً: يرجى ملاحظة الصور المتعلقة بتوسعة الحرم الرضوي وكيف أن هناك بناء واسعا يحيط بالقبر الشريف للإمام الرضا (عليه السلام) لم يكن موجوداً أصلاً في السابق -فهل أن هذه التوسعة بالبناء المسقف كانت منافية للتراث والنسج المعماري للحرم المطهر-.
ولا ندري هل جرّب صاحب المقال وغيره ممن يعترض على التسقيف أن يصلي صلاة الظهرين جماعة
في الصحن المكشوف خلال أيام شهر تموز أو آب حيث تصل درجة الحرارة لأشعة الشمس التي تسقط على رؤوس وأجساد المصلين إلى 50 مْ - 60 مْ. فضلاً عن أن يجرّب ذلك لشهر تموز بتمامه أو آب بتمامه
كما يصلّي المصلّون المواظبون على الصلاة وحينئذ سيستشعر ذلك الأذى الذي يلحق المصلي بسبب هذه الحرارة الشديدة. وهل جرّب أن يحضر صلاة الجمعة التي تأخذ وقتاً أكثر من ساعة وخلال شهر تموز وآب وسيعرف بنفسه كيف يتلوّى المصلّون من أذى حرارة الشمس. وهل حضر زيارة الأربعين حيث يتوافد الملايين لزيارة مرقد سيد الشهداء (عليه السلام) ويزدحم الصحن الشريف بعشرات الآلاف منهم ويرى كم من زائر يسقط مغمى عليه من الاختناق والحرارة الشديدة وهل حضر أيام المطر الشديد في الشتاء والبرد القارس حتى يرى ويستشعر بنفسه ذلك الأذى الكبير الذي يلحق الزائرين. إننا ندعو جميع هؤلاء الإخوة ليجربوا بأنفسهم حضور تلك الشعائر العبادية والنشاطات الحسينية التي يحضرها الملايين ويعيشوا بأنفسهم معاناة هذه الملايين من الظروف الجوية القاسية -التي لا حل لها سوى التسقيف ونصب أجهزة التبريد والتدفئة- ليعرفوا مدى الحاجة الماسة
لهذا المشروع.
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد