بقلم: حـسـن رفـعـت الـموسـوي
عرفت النخب العراقية النظام الحزبي مع مطلع القرن الماضي. وصلت اعدادها الى ما يقارب الــ 200 حزب حتى تاريخ كتابة هذه السطور الا ان الكثير منها تفتقد الى الوعي السياسي.
يعرف الوعي السياسي في القواميس السياسية، بأنه الفهم السياسي للواقع والأحداث والتطورات والقدرة على تحديد موقف واضح، استناداً إلى "قاعدة فكرية" معينة تفرز وجهة نظر سياسية، فلا يمكن قياس الوعي السياسي بكثرة المعلومات السياسية وبالمقدرة على الربط بينهما، ولا يمكن قياس الوعي السياسي بالمعرفة السطحية لما يحدث من مستجدات ولا بحفظ الاخبار السياسية ونقلها إلى الآخرين من دون تحليل ونقد.
ساحة من الفوضى العارمة واسعة الانتشار تحت حماية دستورية لها تعتقد انها تؤسس قاعدة لديمقراطية حقيقية حيث ان التعددية الحزبية يمنع البلد من العودة إلى العهود الفردية والشمولية لكن الذي يحدث هو العكس. أيام منحوسة في ظل أحزاب الزينة التي تكاثرت وانشطرت بشكل سرطاني.
مجاميع البحث عن السحت الحرام تحت يافطات بدأت بمنظمات المجتمع المدني، وانتهت إلى أحزاب بيتية وعشائرية لا تمت بأي صلة إلى الواقع السياسي و الاجتماعي.
منتوج سيئ لمنتج فاسد ومرحلة بائسة اختلطت فيها الألوان والأذواق، حتى لا يكاد المرء يميز بين الصالح والطالح.
لا اعرف ما الفائدة من تعدد الاحزاب دون أي منهاج سليم فعلي لبناء الدولة والذي يحدث فقط شعارات براقة وهي استنساخ من هنا و هناك.
غاب الفعل السياسي المؤثر لتصبح مجرد تجمعات لا يزيد عدد أعضائها على أعداد موظفي مكاتبها. نكتب هذه السطور و البلاد تأن من جروح حروبها وقادتها وأحزابها، حيث ان النظر إلى مجريات الأوضاع بعقلية واعية ومتزنة ترى ان البلد عام بعد عام و انتخابات بعد انتخابات تذهب باتجاه الفوضى.
الدول والمجتمعات الشبيهة بدولتنا، لا تتجاوز أحزابها الخمسة عشر حزباً، تتداول السلطة فيما بينها حسب أدائها وتنفيذها لبرامجها المعلنة للجمهور دون امتيازات ولا معاشات مغرية تتكالب عليها الذئاب.