- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العراق مصنعاً لـ "إنتاج الفقراء" !
بقلم:"حيدر مرتضى
في جلسة ممتعة تجاذبت فيها أطراف الحديث مع صديقي "الناشط السياسي"، الذي توقف برهةً عن الحديث متأملاً عبارتي: (إن وظيفة السياسي هي التفكير بالاقتصاد وليس بالفقراء!) فسألني: هل نتخلى عن الفقراء؟!
فأجبته: إن الاقتصاد الذي يعمل بصورة جيدة، هو الذي يتكفل بإيجاد الوظائف للفقراء وزيادة دخلهم، بينما الاقتصاد السيئ سيخلق لك المزيد من العاطلين ويزيد الفقراء فقراً وعدداً، فبأيهما نركز؟!
تكمن المشكلة في الخلط الحاصل بين وظيفة (السياسي) و بين وظيفة (الناشط في المجال الإنساني)، فالناشط في المجال الإنساني يركز على الفقراء العاجزين عن العمل لأسباب واضحة مثل العمر أو الاحتياجات الخاصة..
بينما وظيفة السياسي هي السعي لبناء اقتصاد قوي وفعال، عبّر تبنيه للسياسات والانظمة التي توفر البيئة القانونية والمؤسسية الصحية التي تستقطب الاستثمارات ورؤوس الأموال؛ وفي المرحلة التي يبدأ فيها الاقتصاد بالعمل بصورة جيدة، فسيوفر المزيد من الفرص للعاطلين، وسيرفع دخل والفقراء وإخراجهم من دائرة الفقر.
وكلما نجح السياسي بتبني سياسات وإقرار قوانين تؤدي إلى اقتصاد قوي وسليم، كلما نجح أكثر في مساعدة الفقراء بطريقة أكثر كفاءة.
وعلى النقيض، عندما يبدأ السياسي – ولأغراض انتخابية – بمنح المزيد من المساعدات المالية والخدمات المجانية للشعب، ففي هذه الحالة، هو يساهم بتحطيم اقتصاد بلده ويزيد فقراءه فقراً..
يمكن لـ(ملف الفقر) إن يساهم بدور تدميري للاقتصاد الوطني، إذا لم تتم إدارته بطريقة حكيمة، حيث تشكل المساعدات غير المدروسة عبئاً على الميزانية، وكثيراً ما يتحول عبء المساعدات المجانية للفقراء إلى ديون خارجية مستقبلاً، أو يُترجم لضرائب إضافية على القطاعات الإنتاجية وشركات الأعمال؛ حيث إن ارتفاع وتيرة الضرائب على القطاعات الإنتاجية، يؤدي إلى سلسلة التبعات، تنتهي بإغلاق هذه المشاريع الإنتاجية أو هروب رؤوس الأموال، إلى حيث البلدان التي تتمتع بضرائب أقل..
وهكذا ستتسع شريحة العاطلين، وسيزداد الفقراء فقراً وفاقة.
كلها هذه التداعيات بدأت عندما تعاطف السياسي مع الفقراء، تعاطفاً غير منطقي، وقرر مساعدتهم بالمال بدلاً من الوظائف، فتسبب بإضرارهم بدلاً من مساعدتهم..
إن مساعدة الفقراء هي مسؤولية الناشطين في المجال الإنساني، أما الناشط السياسي فمسؤوليته هي مراقبة أداء الاقتصاد، ومدى سلامة بيئة الأعمال والاستثمار، وهذه المراقبة تتم من خلال متابعة مؤشرات وأرقام مثل{معدلات التضخم، معدلات البطالة، معدل النمو الاقتصادي} التي يشير تحسنها إلى أداء جيد للاقتصاد وإلى تحسن معيشة المواطن وخروجه من تحت خط الفقر.. وهذه هي الوظيفة الأهم السياسي..
وهنا تبدأ مسؤولية "الناشط السياسي" وهي مراقبة مدى كفاءة "السياسي" بأداء وظيفته في تحسين الاقتصاد الوطني، بدلاً من المطالبة بمساعدة الفقراء بمنحهم المساعدات والخدمات المجانية، فمنح الفقراء الرواتب سيعمل على تحويل الفقر إلى مهنة، وربما تتطور هذه المهنة إلى سرطان يثقل الاقتصاد ويلتهمه ويولد المزيد من الفقراء..
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!