حجم النص
بقلم:عزيز الخزرجي قالوا في مدح عليٍّ الكثير.. الكثير.. و كلّ ما قيل مثّلَ جانباً من آلحقيقة.. و لم يكن كلّ الحقيقة لا و الله أبدأً سوى ما كشفهُ لأوّل مرّة عارفٌ كبيرٌ ختمنا به مقالنا هذا. فرغم نزول أكثر من 320 آية بحقّه في القرآن و أضعافها من الأحاديث الشريفة.. و منها: [عليٌّ مع القرآن و القرآن مع عليّ].. [عليٌّ مع الحقّ و الحقّ مع عليّ].. [عليٌّ نفس رسول الله].. [الحقَّ مع عليٍّ حيث ما دار].. [يا عليّ أنا و أنت أبوا هذه الأمة].. [و إنه في أمّ الكتاب لعليّ قدير] و غيرها كثير.. لكن كلّ هذا لم يظهر حقيقة عليّ.. لأنّ آخر الثناء فيه إبتداء. حيث عجزتْ كلمات آلأنبياء و الرّسل و فلاسفة العالم من معرفة و بيان حقيقة عليٍّ.. حتى ظهرتْ بعض جوانبها على لسان الفيلسوف العربيّ المسيحيّ (جبران خليل جبران) ألّذي يُعدّ من أنبه عباقرة الفكر العربي في هذا العصر, و الذي رآى العظمة متألقة في ثلاثة من البشر يمثلون الكمال الأنساني, هم؛ (عيسى, محمد, عليّ). يقول في عليّ(ع): [في عقيدتي أنّ ابن أبي طالب كان أوّل عربيّ لازم الرّوح الكليّة، و جاورها، و سامرها، و هو أوّل عربيّ تناولت شفتاه صدى أغانيها على مسمع قوم لم يسمعوا بها من قبل، فتاهوا بين مناهج بلاغته، و ظلمات ماضيهم، فمن أعجب به كان إعجاباً موثوقاً بالفطرة، و من خاصمه كان من أبناء الجاهلية]. ثم يقول جبران: [مات علي بن أبي طالب شهيد عظمته… مات و الصّلاة بين شفتيه … ماتَ و في قلبه شوقٌ إلى ربّه … و لم يعرف العرب حقيقة مقامه و مقداره، حتى قام من جيرانهم الفرس أناس يدركون الفارق بين الجّوهر و الحُصى.. مات قبل أن يبلغ العالم رسالته كاملة وافيه، غير أنني أتمثله مبتسماً قبل أن يغمض عينيه عن هذه الأرض.. مات شأن جميع الأنبياء الباصرين الذين يأتون إلى بلد ليس ببلدهم، وفي زمن ليس بزمنهم، ولكن لربك شأن في ذلك، وهو أعلم]. لقد رأى جبران الكمال الإنساني بكلّ معانيه و أبعاده متجلّياً في ثلاث من شخصيّات ألعالم هم: (عيسى، محمد، علي). و جبران يعتقد أنّ عليّاً؛ [هو أوّل عربيّ بعد رسول الله(ص).. عرف الذّات الأحديّة.. و لم يفارقها في حبّه، و إخلاصه، و صدق سريرته، و في خُطبهِ ألنّورُ الساطع الدليل على ذلك، و في سلوكه الدّيني، والاجتماعي.. و الإنساني و آلسّياسيّ أيضاً]. و يعتقد؛ [أن الذين أحبّوا علياً قد لبّوا دعوة فطرتهم السّليمة التي لم تفسدها السّياسة، و شهوات الدنيا الآثمة]. و يرى جبران؛ [أنّ عليّاً ماتَ شهيداً؛ شهيد عظمته الإنسانيّة؛ و رقيه الرّوحاني؛ و عقيدته الإسلاميّة الصّافية؛ وأنه أغمض عينيه الكريمتين عن هذا العالم، و أنوار الصّلاة الرّحمانيّة تسطعُ على شفتيه بهاءً ملكوتيّاًّ وأنّه ترك هذا العالم قبل أداء رسالته القرآنية بسبب وجوده بين قومٍ أعشتْ قلوبهم الأحقاد الجاهليّة.. و شهوة حبّ التسلط، فلم يُقدّروه حقّ قدره.. فحاربوه.. و حرّموا البشريّة مِن تحقيق أمانيه في الحريّة.. و المحبّة.. والإخاء.. و المساواة.. و العدل الاجتماعي.. و الأقتصاديّ.. تلك الأمانيّ التي كان يُريد أنْ يصبّها على النّاس أجمعين نعيماً فيّاضاً بالخير.. و المرحمة.. و البركات.. و العيش البهيج الرّغيد]. وعليّ(ع) في عقيدة جبران كما يقول؛ [جوهرة بين الحصى، أيّ أنه تفرّد بمعانٍ جعلتْ منه الإنسان الكامل]. و حقّاً قال فيلسوف الشرق جبران؛ [إنّ قريشاً أولتْ علياً حقداً أزرق لأنه قتل أعيان أبطالها في بدر، وأحد، و الخندق]. و قال: [إنّ عليّ بن أبي طالب (ع) كلام الله الناطق، و قلب الله الواعي، نسبته إلى من عداه من الأصحاب شبه المعقول إلى المحسوس، و ذاته من شدّة الاقتراب ممسوس في ذات الله]. اليك منّي يا سيدي يا إمام الكونين سلام قلب متيّم بعشقك الأزليّ.. سلاماً متواصلاً يوم ولدت في جوف الكعبة المشرفة و يوم استشهدت في جوف محرابك بين يدي الله سبحانه و تعالى على يد أشقى الأشقياء و يوم تُبعثُ حياً و أنت تُسقي العطاشى من حوض الكوثر في يوم العطش الأكبر و لا حول و لا قوة إلا بآلله العلي العظيم. و نختم مقالنا بقول أحد العرفاء الرّبانيين, الذي وحده جسّد حقيقة الأمام عليّ بنظري لأنه عرفَ و كشفَ مكانة و حقّ عليّ و حقّ عليّ, حين وصفه قائلاً: ها عليٌّ بشرٌ.. كيف بشر؟ ربّهُ فيه تجلّى.. و ظهــر؟