- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الديمقراطية في البحرين.. بين الحقيقة والخيال
حجم النص
بقلم:علياء القاسمي/ كاتبة وباحثة استنكرت ۸ منظمات حقوقية بحرينية (مركز البحرين لحقوق الإنسان، مرصد البحرين لحقوق الإنسان، منظمة سلام للديموقراطية وحقوق الإنسان، جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان، المنظمة الأوروبية البحرينية لحقوق الإنسان، الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، منظمة العدالة لحقوق الإنسان) تمسك السلطات البحرينية بقرار إسقاط الجنسية عن معارضين بحرينيين منذ تشرين الثاني في عام ۲۰۱۲، والذي بلغ عددهم (200) مواطن معظمهم ممن لديهم نشاط سياسي أو حقوقي أو إعلامي بارز بتهمة معارضة الحكومة دون مبرر أو مسوغ قانوني في مخالفة صريحة للمادة رقم 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تنص على أنه "لكل فرد حق التمتع بجنسية ما. ولا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييره". الاستنكار هذا لم يكن الأول لا الأخير ففي 15 ايلول سبتمبر الماضي قدمت سويسرا اعلاناً موقعاً من 32 دولة عالمية الى مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة في جنيف، يدعو حكومة البحرين الى اتخاذ اجراءات لضمان حقوق الانسان. حيث أعرب المجلس الأممي والدولة ذاته عن قلقهم الشديد لتقارير الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية وهيومن ووتش رايتس وفريدوم هاوس وغيرها من المنظمات الدولية والعربية المعنية بحقوق الانسان حول التدهور الشديد لحقوق الانسان البحريني، وتقارير حول مضايقات وسجن الذين مارسوا حقهم في التعبير عن رأيهم والتجمع وتكوين الجمعيات السلمية، بمن فيهم المدافعون عن حقوق الانسان، وسط اعتقالات كبيرة للقاصرين بتهمة مشاركتهم في التظاهرات الاحتجاجية للتعبير عن الرأي أو المطالبة باطلاق سراح المعتقلين. التقارير الدولية تؤكد استمرار السلطة البحرينية في انتهاج القبضة الحديدية تجاه نشطاء الرأي وحقوق الانسان وسياسة كم الأفواه وتهديد الاعلام والتغييب القسري وتعريض المعتقلين للتعذيب المفرط وإنتزاع إعترافات وهمية من المعتقلين بعد تعريض القاصرين منهم خصوصاً للتعذيب الجسدي والاعتداء الجنسي من قبل رجال “جهاز الأمن الوطني” والذي يشرف عليه ناصر بن حمد نجل الملك حمد، حيث هناك شواهد حية تؤكد ما نقول منها اختفاء الشيح محمد حبيب المقداد بعد اعتقاله وتعذيبه باشراف ناصر بن حمد، وكذلك سيد عقيل الموسوي وعشرات آخرين غيرهم حتى هذا الوقت؛ فيما تمكن عبد الغني خنجر وعلي عبد الإمام وغير هم، من الهروب الى خارج البلاد، ناهيك عما جرى على البروفيسور البحريني السنكيس (52 عاما)، الذي شغل منصب رئيس قسم الهندسة الميكانيكية بكلية الهندسة في جامعة البحرين بعد اعتقاله على يد رجال السلطة لا نريد الدخول في التفاصيل. كل ذلك يؤكد أن مقولة "الديمقراطية" التي يتشدق بها النظام البحريني ما هي إلا أوهام كاذبة بعيدة عن الحقيقة، وهو ما أكده ايضاً مرصد حقوق الإنسان الدولي في تقريره بتاريخ 25 يونيو/حزيران الماضي بقلم المحامية الفرنسية "صفية أكوري" أكدت فيه "إن المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين يعملون في مساحة متضائلة تصل الى العدم في غالبية الاحيان".. وأنه "لا شك أن القضاء يبذل قصارى جهده لمساعدة النظام في إسكات المعارضين وفي تكميم أفواه من يجاهرون برفض انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في البحرين"، خاصة بعد التظاهرات الحاشدة التي شهدتها البحرين في دوار اللؤلؤة شباط عام 2011، فيما قال "غيرالد ستابيروك" الأمين العام للمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب: "حان الوقت لأن تتخلى البحرين عن الخطابة الجوفاء في إصلاحات حقوق الإنسان على الصعيد الدولي، وأن تقبل حقاً على إصلاحات فعالة وحقيقية تؤدي لاتساقها مع التزاماتها الدولية". العدل وتکافؤ الفرص والشفافیة وتطبیق القانون دون استثناء أسس مفقودة في تعامل وسياسة النظام البحريني تجاه غالبية أبناء الشعب، ورغم أن البلاد تعیش ومنذ أربعة عقود أزمة دستوریة وسیاسیة خانقة لها تداعياتها الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية والثقافية الخطيرة، لكنها لم تشهد أزمة دستورية وسياسية كالتي تعيشها الآن بكل تجاذباتها وانعطافاتها وتحدياتها المتصاعدة.. وقد كشفت في مقال سابق لي تحت عنوان "البحرين.. سجن صغير لشعب كبير" من على موقعنا هذا قسماً ضئيلاً من حجم المآسي التي يعيشها الشعب البحريني الشقيق وتفاقم الأزمة التي تمر بها الجارة البحرين لكن لطالما هناك دعم خليجي وغربي (امريكي وبريطاني وفرنسي) للأسرة الحاكمة التي هي في الأساس ليست ببحرينية ودخيلة على البلاد؛ لن تشهد البحرين الاستقرار والعودة للعيش السليم بين الشعب والأسرة الحاكمة وهو ما سيؤثر سلباً على الشعوب الخليجية الاخرى وسط تفاقم الأزمة اليمنية.
أقرأ ايضاً
- العراقيون يفقدون الثقة في الديمقراطية
- أعراض مرض الديمقراطية تسبق اغتيال ترامب
- الحقيقة ليست في الصورة