حجم النص
بقلم: حسن كاظم الفتال من المؤسف أن تجد نفسك أحيانا تهدر سنينا من عمرك مرغما وسط أناس لا يتمنون لأنفسهم إلا الإحتقار.. ولا يرغبون إلا أن تسفه أحلامهم وتسخر منهم باستمرار. فيوقفك أمرهم على شفا جرف الحيرة. فإن نصحتهم يولون مدبرين إدبارا... وإن احترمتهم تمادوا عليك جهارا...وازدادوا لك احتقارا. وإن حييتهم بتحية استكبروا استكبارا. وإن حادثتهم بأدب ورقة وتأدب استلبوا منك وقارا. وإن وصفتهم بالجهل يؤثر الجهل منهم على البقاء فرارا... إذ أنك أقررت لهم بالفضل إقرارا. فمنهم الجهل براء.. وما حليفهم إلا الغباء..إذ هم لم يقدموا يوما لأي سفر أي عطاء.. ما هم إلا أوهام أو أشباح.. لا يُرَوْن إلا حين يمنحهم القدر الإنفلات المستديم بئس ولاء. فليس لهم ذكر في الذاكرين.. ولا يستحقون شكر الشاكرين..وفي الشر هم أول المبادرين. لا فيصل عندهم بين الصراحة والوقاحة ... لا يمتلكون إلا القباحة. لا عهد لهم لا بالسماحة ولا الفصاحة بائسون... ومن اكتساب العلم والمعرفة يائسون.. فقراء من الأدب.. أيتام من العلم والمعرفة.. لا يمتلكون من القدر والمقام والمنزلة شيئا قط... لا يخيفهم إلا غوغاء سافل منحط.. صفحات سجل سيرهم خالية بائسة.. لم يدون فيها أي أثر.. إن لم تكن ملوثة بخبايا مخجلة... منتهى طموحهم أن يستخدموا وبابتذال أخس الوسائل.. ليعتلوا أكتاف أناس لوت أذرعهم النكبات وخانتهم الظروف فأبعدتهم عن مراتبهم.. وأزالتهم عن مواقعهم... وظلمهم الأقربون قبل الأبعدين...فأركنتهم السواهي في زوايا النسيان المظلمة.. وغيبت عنهم الدواهي أي مكرمة يعتلون الأكتاف بشكل مبتذل... أنت يحجبك عن اعتلاء الأكتاف سمو قدرك.. والاعتزاز بكرامتك.. ونبذك للتملق والتوسل أو (التمريخ) لكنهم وصلوا إلى ذلك. بكل ما أنت نبذت من وسائل أنت ينهيك عن ركوب الذل تأريخك المكلل بالمناقب.. وهم تدفعهم لسحق الآخرين ما تطوقهم من مثالب... لذا تراهم يتسارعون ويتسابقون في المناهب خولتهم الصدف وفوضى الزمان أن يتأمروا.. على من منهم أمس سخروا... مسكوا الزمام لكي يعيثوا في الأرض ويبطروا.. وللرذيلة على الفضيلة يؤثروا.. ولكل كرامة يهدروا لا يحسبون أي حساب للمقتدرين.. لا يولون اهتماما ولا رعاية لشيمة المعتذرين.. ولا يفقهون مغزى صبر المحتسبين.. بل يسيئون بهم ظنا.. لا يخشون إلا من هو أدنى .. منهم مرتبة وقدرا وشأنا.. لا يحترمون إلا من يستصغر قدرهم ويجعله وهنا. يعدون العامل معهم رقا.. ويزقونه بالسوء زقا.ويسوقونه إلى المكاره سوقا. لا يفرضون آراءهم إلا بالهرطقة...ولا يرتكزون بها إلا على إلا السفسطة المنمقة تأسرهم ثرثرة المثرثرين.. تبهرهم جعجعة المتهاترين... وتصهرهم نفثات المتجبرين.. الذين هم لقدرهم من العارفين.. لا تكسب إحترامهم إلا حين تجلس أمام هياكلهم المنخورة.. وتضع قدما على أخرى غير آبه بوجودهم وتنفخ وتجفخ. حتى وإن كان نفخك وجفخك لا يمت للواقع أو الحقيقة أو الأحقية بأية صلة. .. وحين تخاطبهم بأنفة وكبرياء.. خطاب العلماء للجهال..عند ذلك ستنتزع شديد احترامهم بكل تأكيد. إنما أن تجلس هادئا صامتا متواضعا (تتچفه الشر) كما يقال وتوليهم التقدير والإحترام. فسوف لا تحصد منهم إلا كل ما هو بائس وحقير كقدرهم. لا يجدون أنفسهم إلا فوق كرسي منخور.. أو في مكتب كل جلال عن دخوله محظور.. وبالبهرجة التافهة معمور إذا خانك القدر وعاندتك الويلات وصرت أول من تعاقب وتحاسب من قبلهم بعد توليهم.. لينزلوا قدرك لعلك تتدنى إلى درجاتهم الدنية.. وتتساوى معهم بالمراتب السفلوية. حين تجد أن هذا الإبتذال سبب لك الألم والمتاعب لا تشتكي لأحد ولا تلعن أو تشتم أحد. فإنك لا تجد أذنا صاغية.بل خاطب الزمن وقل مستعبرا: نوازع الشر لما استفحلت ضَعُفَت *** بعضُ النفوسِ وصار الغدرُ منعطفا نحو المطامع إذ قسراً أتيح لهـا *** أن تجعل الأفـكَ ميزانـاً ومنتصفـا ويح الزمان على أحقابِهِ شجبي *** تعسـاً له عامـداً يجني على الشُرفا يثيبُ باغٍ ويؤتي الأتقياءَ شجى *** بئس الخطايا بحقِّ المصطفى اقترفا وخذ دليلاً على ظلمِ الزمان فكم *** أنَّ البقيـعُ فحاكى نــوحُه النجـفـــا