حجم النص
بقلم: نـــــــــــــزار حيدر *اذا كان السيد رئيس مجلس الوزراء، نتاج المرحلة الماضية نفسها التي عناها الخطاب المرجعي الذي شنّ الحرب على الفساد؟. *واذا كنّا لا نزال نواجه نفس الوجوه التي لم تجلب الخير للعراق، على حد ّوصف الخطاب المرجعي لها؟. *واذا كنّا قد جرّبنا التّظاهر والاعتصام والإضراب سابقاً فلم نحقّق شيئاً؟. *واذا كانت خطّة الاصلاحِِ الحكوميّة لم تتجاوز لحدّ الان السّعي للتقشّف من خلال التّرشيق والغاء الزائد من المواقع والمناصب الحكومية التي انهكت ميزانية الدولة؟. *واذا لم نر لحدّ الان (عجلاً سميناً) واحداً على الأقل خلفَ القضبان، يُحاكم بتُهم الفساد؟. *واذا لم نرَ الحكومة ردّت لحدّ الان حتى فلساً واحداً الى خزينة الدولة المنهوبة من تلك الملايين التي استحوذ عليها السياسيّون والمسؤولون اّللصوص؟. *واذا لم نرَ انّ عمليّة التّطهير والتّنظيف من الفساد المطلوبة قد طالت السلطة القضائية لحدّ الان؟!. فكيف ننتظر ان ننتصر في الحرب على الفساد، وتالياً في الحرب على الارهاب؟!. هذه الأسئلة وغيرها الكثير أثارها العراقيون أمس واليوم كتعبيرٍ عن حالة الاحباط التي كاد ان يُصاب بها الشارع، وهو يترقّب نتائج اجتماع الهيئة السياسية للتحالف الوطني، عندما عرِفَ انّ المجتمعين هم أنفسهم لم يتغيّر شيئاً، فلا أُضيف لهم احدٌ ولا غابَ عنهم احدٌ، يعني وكما يقول المثل العراقي الشّعبي [نفسِ الطّاس ونفسِ الحمّام] وانّ البيان الختامي الذي صدر عن الاجتماع لم يرتقِ الى مستوى التحدّي التّاريخي الّذي يمرّ به العراق اليوم، وهو لم يلبِّ لا طموح الشارع ولا طموح المرجعية، اذ جاء إنشائياً مكرراً وكأنّه نسخة طبقة الأصل لبيان صادر عن (حركة المعارضة العراقّية). هذا يعني احد أمرين، فامّا انّهم يتحدّون الإرادة الشعبية الشجاعة المدعومة بالخطاب المرجعي المتشدّد، وهذا لَعِبٌ بالنّار، او انّهم عاجزون عن فعلِ شَيْءٍ يُعتدُّ به، فذلك أدهى وأمرُّ!. حقاً انّهُ لأمرٍ مُحزن، يبعث على الياس والقنوط، لولا الخطاب المرجعي الذي يرسم لنا خارطة الطريق التي تقودنا الى النصر في الحربين المتلازمتين، على الفساد وعلى الارهاب. ١/ فعندما وضعَ خِطابُ المرجعيّة العراق على مفترقِ طرقٍ وامام خيارين لا ثالث لهما، فامّا إنجاز الاصلاحِِ الحقيقي الذي يحقق العدالة الاجتماعية، او الانهيار، لا سمحَ الله، نعرف اننا امام خيارٍ واحدٍ فقط لا غير في الحربين القائمتين الان، الا وهو خيار النّصر والنّصر فقط، اذ ليس من المعقول ان نتردّد في ذلك، ونحن نرى العراق على كفِّ عفريت، لان الحربين الان هما حرب وجود وليست حرب حدود، لنتنازل عنها مثلاً. ٢/ ولانّنا اخترنا النصر في الحربين، لذلك نلحظ انّ الخطاب المرجعي بدأ يتحدّث بشكلٍ مباشرٍ وصريحٍ وأكثر وضوحاً من ذي قبل، لدرجةٍ انّه بدأ يتدخّل في التّفاصيل، وهو يؤشر على عزيمة المرجعية الدينية العليا على متابعة الحربين بلا هوادةٍ، بعد ان يئست تقريباً من السياسيّين الذين ثَبُتَ بالتّجربة أنّهم أَبعد ما يكونون عن وعي الخطاب المرجعي ونبض الشارع!. ٣/ الى جانب ذلك، فانّ الشارع العراقي الشجاع الذي يتعرض الان لحملات تشويه وتشويش واسعة من قبل الفاسدين واللصوص والفاشلين، هو الاخر يبدو انّه مصممٌ هذه المرة على الحضور في الساحات والميادين، لن يتركها او يُخليها ابداً قبل ان يلمس انجازاً حقيقياً في الحرب على الفساد. وبذلك نكون قد خلقنا فرصةً عظيمةً لتحقيق النّصر في الحرب على الفساد، عندما صمّم الجناحان الّلذان يطير بهما النصر كما يطير الطائر بجناحيه، واقصد بهما الخطاب المرجعي الذي صمّم على عدم ترك السّاحة هذه المرة وانه سيتابع كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ، والشارع الذي صمّم، هو الاخر، هذه المرّة على المكوث في الساحة وعدم ترك الامور بسرعة، كما في المرّات السابقة عندما كانت تخدعهُ وعود السياسيين الكاذبة وألاعيبهم الخبيثة التي كانت تلجأ الى (فتاوى دينية) كان يستصدرُها السّلف من (فقهاء) تحت الطّلب لخدمة أجنداته السياسيّة الفاسِدة!. الى جانب كلّ هذه الحقائق، ينبغي ان ننتبه جيداً الى حقيقتين مهمّتين ذكرهما الخطاب المرجعي اليوم؛ الحقيقة الاولى؛ ان نبذل كل جهدنا، وعلى مختلف الاصعدة، لدعم واسناد قوّاتنا المسلحة الباسلة ومعها قوات الحشد الشعبي والعشائر الغيورة التي تقاتل بشراسةٍ وشجاعةٍ في طول ساحات الحرب على الارهاب. فمهما انشغلنا بالحرب على الفساد، ينبغي ابداً ان لا نغفل عن تلك الحرب الحقيقية والأساسية، على الرّغم من علمنا جميعاً بأَن الارهاب هو النتيجة الطبيعية للفساد المالي والاداري الذي تورطت به (عجولٌ سمينةٍ) أمسكت بزمام الامور طوال السنين الثمان الماضية. الحقيقة الثانية؛ ان الفساد الذي استشرى وعشعش واستقر في كلّ مفاصل الدولة، وعلى مدى (١٣) عام تقريباً لا يمكن ان نقضي عليه بين ليلةٍ وضُحاها، فالحربُ على الفساِد بحاجةٍ الى بعض الوقت، من دون ان يعني ذلك اننا نقبل التّبرير او التسويف والتّأخير، ابداً، فما لم نلحظ المعيار على الجديّة في هذه الحرب، واقصد به ان نرى (عجلًا سميناً) واحداً على الأقل خلف القضبان، فسنظلّ نلاحقهم، واذا اقتضت الضرورة، نفضحهُم، لحين البدء بالخطوة الحقيقية الاولى. وفي هذه الاثناء، يلزم على العراقيين ان يبدو تأييدهم لخطة الاصلاحِِ الحكومية التي أعلن عنها الدكتور العبادي، وبكلّ المناسبات، فالتقّدم خطوة الى الامام في جبهات الحرب على الفساد مرهونٌ بالتأييد الشعبي وبالموقف المرجعي الصارم والحازم فقط، وليس بارادة السياسيين ابداً. انّ تصاعد الدعم والتاييد يقوي من عزيمة السيد رئيس مجلس الوزراء ويحرّضهُ اكثر فاكثر للضرب بيدٍ من حديدٍ على رؤوس الفاسدين، فالموقف الشعبي الشجاع في الحقيقة هو يد الحديد التي يُمسك بها العبادي ليضرب بها على رؤوس الفاسدين، خاصةً وانَّ المتضررّين من الحرب على الفساد، واخصّ بالذكر (عَبَدَةُ الْعِجْلِ) سوف لن يدعوهُ يحثُّ الخطا في مشروعه الاصلاحي. انّه يحتاج الى قوّة معنويّة وعزيمة راسخة، لا تتأتّى له الا بالموقف الشعبي الشجاع الذي أبدى لحدّ الان عزماً راسخاً للذّهاب مع هذه الحرب الى خطّ النهاية، فلا مجالَ للتسويف بعد اليوم ولا مجال للتّضليل ولا مجال للتّبرير ولا مجال للمجاملة فعِجلُ الفَسادِ يجب ان يتهاوى مهما حاولت قوى داخلية واقليمية إسنادهُ بـ {مِنسَأَتَهِ} التي أكلتها {دَابَّةُ الْأَرْضِ}!. لم يعد أمامنا المزيد من الوقت ابداً، فبعد ان ضيّع السياسيون كل الفرص السانحة وعلى مدى (١٣) عاماً، فقد نفدَ الوقتُ، وهذا ما نبّهت اليه المرجعية الدينية العليا أمس واليوم. انّ [عَبدَةُ الْعِجْلِ] الذين يحاولون انقاذ [ربِّهم] بتضخيمِ بعض المواقف البائسة لهذه الدولة الجارة او تلك، والذين تذكّرُنا طريقتهم بالفخر بقصّة (العِنّين) المعروفة، لن يفيدهم من الأَمر شيء. انّ طريدَ المرجعيّة، ثم الشّعب الأبيّ، لا يستفيدُ شيئاً حتى اذا دعمهُ العالَم بقضِّهِ وقضيضهِ، فمَن لا حظّ له عند المرجعية والشعب، ليس له حظٌّ عند أحدٍ آخرَ ابداً ابداً ابداً. E-mail: nhaidar@hotmail. com