حجم النص
بقلم:محمد حسن الساعدي المشهد السياسي والعسكري اتخذ منعطفاً خطيراً خلال شهر أيار 2015 خصوصاً بعد سقوط مدينة الرمادي بيد تنظيم داعش الإرهابي , والذي جاء بعد معارك عنيفة مع القوات العراقية والجيش العراقي , وانتهت بسقوط المدينة بيد داعش وتوسع سيطرة هذا التنظيم وخطره حتى بات يهدد مدينة بغداد. ما حصل في الرمادي يشكل نكسة حقيقية للنظام السياسي في العراق , كما انه يعكس فشل واضح في إدارة الملف العسكري ,وبناء قوات عسكرية نظامية تكون قادرة على درء أي خطر يهدد العراق ووحدة أراضيه وامن شعبه مما اضطر حكومة العبادي الاستعانة بقوات الحشد الشعبي والتحرك السريع واعداد خطط سريعة من اجل استعادة المدينة من سيطرة داعش. ان نظرة شاملة لمجريات الاحداث نجد ان هذه ليست مجرد نكسة عسكرية فحسب , بل هي تراجع وانكسار سياسي جعل موقف حكومة العبادي يتزعزع ويفقد بريقه الذي بدا به بعد تمسك المالكي بالولاية الثالثة والتي انتهت بسقوط مروع لثلاث محافظات بيد داعش , وارثاً من التوتر الحاد بين الأطراف السياسية في العراق وعداء مع الدول الإقليمية، مما شكل عامل ضغط على تراجع الأداء السياسي والعسكري , وتقدم تنظيم داعش الى جانب ضعف الأداء الحكومي الفاسد والذي زاد من أعباء الحكومة الحالية , بالإضافة الى سعي فريق المالكي الى اضعاف حكومة العبادي لكسب المزيد من القوة في داخل التحالف الشيعي , وبالتالي فأن أي هزيمة في الرمادي او غيرها ستكون في صالح المالكي وفريقه والذي نجح لحد ما في اضعاف وتهديد الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد. البلاد الان على مفترق طرق فالجهود الرامية الى استعادة الرمادي من جانب , وتداعياتها التي ستكون حاسمة في تحديد مستقبل البلاد لان التقدم العسكري في الانبار والمعارك التي تقودها قوات الحشد الشيعي بمساندة من بعض العشائر السنية يجب ان يتسق معها جهد سياسي من اجل نزع فتيل الازمة وبدء مرحلة جديدة في التعايش السلمي والحفاظ على وحدة العراق ارضاً وشعباً , وهاذا من شأنه ان يعطي زخماً معنوياً للقوات الأمنية في تصديها للارهاب الداعشي في المناطق المحتلة , كما انه يُكسب الحكومة ثقة المجتمع السني في تلك المناطق , ويعزل المجموعات الإرهابية وحواضنها. تجربة الرمادي ستكون محصلة ونتيجة مهمة فأذا استطاعت القوات الأمنية من حسم الامر فيها يمكن ان يكون سبباً في احداث نقلة نوعية في طريقة وأسلوب القتال والتحول من أسلوب الدفاع الى أسلوب الهجوم مما يقدم لنا تجربة قيمّة في أساليب حرب العصابات ويمهد لبناء جيش وطني موحد يكون قادراً على الدفاع عن البلاد. ان النجاحات المتحققة في الميدان وعلى الارض يمكن لها ان تمهد الطريق لبذل جهد متعدد لاستعادة الموصل، كما انه أعطى درساً للآخرين وللدول الإقليمية ان العراقيين لا يمكنهم القبول بتفكك بلدهم وهذا ما نراه جلياً في وحدات الحشد الشعبي وهم من الشباب المجاهدين الذين لبوا نداء المرجعية الدينية العليا في الدفاع عن الارض والمقدسات، وهي تقاتل في الاراضي السنية وتدافع عن العوائل والعشائر السنية وطرد الارهاب الداعشي منها، وان في حال نجاحها فإنها ستوفر لمحة عن صمود الشعب العراقي في دولة متعددة المذاهب والاعراق والقوميات وهي على استعداد للدفاع عن بلدها وآمن ابناءها، لان البديل سيكون التفكك والانقسام وتمزيق البلاد، وهذا ما يسعى اليه تنظيم داعش في حال انسحابه من البلاد.