- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الدولة الكردية بين الطموح و الواقع
حجم النص
بقلم: صالح العطار دائما ما كان يصطدم الحلم الكردي لإقامة دولة كردستان العظمى بعد إنهيار الامبراطورية العثمانية بموانع و عقبات اساسية. فالموقف العراقي لم يتغير بتغير النظام السياسي من الملكي الى الجمهوري، حتى اشتد القمع تجاه الكرد في حقبة سوداء في ظل حكم البعث، لتأتي فسحة الأمل بعدها في الانتفاضة الشعبانية المباركة (1991) بإعلان عزل المناطق الشمالية عن ادارة المركز. الموقف الرافض و الصريح من قبل دول الجوار رافق الحلم الكردي طيلة هذه السنين إلا ان الصراع المستمر في شرق الاوسط و التطورات الاخيرة حملت التغيير في المعادلة الصعبة لتحقيق ذلك الحلم. سوريا كأحد تلك الدول الرافضة اصبحت خارجة عن المعادلة بشكل كامل في ظل ازمة الحياة والموت التي تعيشها على ابواب دمشق. اما الموقف التركي فكتب عنه السيد مارك شمبيون في وكالة انباء (Bloomberg View) انه تغیر حسب ما نقل عن مسئولین بارزین في الحكومة التركية و هذه التصريحات جاءت في يوم اعلن فيه اردوغان ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة. التوقعات ترجح فوز اردوغان في هذه الانتخابات التي سيتم لأول مرة اختيار رئيس الجمهورية مباشرة عبر صناديق الاقتراع بدل ما كان يختار نيابيا كما يحدث في العراق ليعطي حافزا للحزب الفائز بتوسيع صلاحيات الرئيس و اخراجه من صفته الشكلية في ظل مرونة القوانين الموجودة. وهذا ما جعل الاحزاب المعارضة الرئيسية (الشعب الجمهوري، الحركة القومية) ان تتوحد و تترك الخلافات و ترشح اكمل الدين احسان اغلو لهذه الانتخابات المصيرية. نتائج الانتخابات المحلية كانت في الحقيقة تمهيدا للانتخابات الرئاسية و التي افرزت نتائج غير مطمئنة للطرفين فالحزب الحاكم حصد 43% مقابل 44% للائتلاف المعارض لتصبح اصوات الكرد بيضة القبان لترجيح كفة الفائز. هذا ما فسر قرار الحكومة التركية قبل ايام من ترشح اردوغان بالسماح للنشطاء الكرد بالعودة الى المدن و الخروج من المعسكرات دون التعرض لهم و البدء بمفاوضات السلام مع عبد الله اوجلان. بالمقابل ايضا يمكن ان يفسر هذا التغير في الخطاب على انه لا يتعدى خطاب سياسي لغايات انتخابية لا يمكن بناء استراتيجية مصيرية كإعلان الاستقلال من قبل الكرد في العراق على هكذا خطاب رغم ذلك لا يمكن ايضا تجاهله ببساطة بعد ان كان مجرد ذكر دولة كردستان يسبب صداع للقادة الاتراك. فالدولة الكردية ستكون الحليف الاهم لتركيا و التبادل الاقتصادي سيكون الرابط الأساس بين الاثنين. النفط الكردي مقابل المنفذ البحري التركي كفيلين لإعطاء الحافز للمضي في هذا المشروع. اما الحكومة العراقية فهي الاخرى التي تدفع في هذا الإتجاه فبعد ان قرر الاقليم سحب الوزراء من الحكومة الاتحادية عقب الاتهامات المتكررة من قبل رئيس الوزراء المنتهي الصلاحية قررت الحكومة معاقبة الكرد و تعيين وزراء بدلاء بالوكالة كالسيد حسين الشهرساني بديلا عن السيد الزيباري وزير الخارجية. من جهة اخرى عدم التوافق على مرشح بديل لرئاسة الوزراء يحظى بمقبولية من قبل كافة الاطياف سيزيد من شرخ هذه العلاقة بين الاقليم و المركز. يبقى الرادع الايراني لاعلان دولة كردستان هو العقبة الاخيرة، فايران التي حاربت طموح اكرادها و هم نسبة سكانية لا يستهان بها في المحافظات الحدودية مع العراق (كرمانشاه، ايلام، اذربايجان الغربية) ترى في اقامة تلك الدولة خطرا يستهدف امنها القومي في الدرجة الاولى ثم يخل بتوازن القوى الحاكمة في المنطقة. [email protected]
أقرأ ايضاً
- المسرحيات التي تؤدى في وطننا العربي
- وللبزاز مغزله في نسج حرير القوافي البارقات
- وقفه مع التعداد السكاني