- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
جريمة انقطاع الكهرباء في العراق
حجم النص
بقلم:شبكة النبأ تنقسم الجرائم الى أنواع من حيث حجم التأثير، والأسلوب الذي يتم من خلاله هذا التأثير، فهناك جرائم كبرى، وصغرى، وجرائم متوسطة التأثير، أما الأسلوب، فأما أن يكون مباشرا، مثل عملية القتل بالرصاص أو أية آلة جارح، حيث يؤدي الاعتداء بهذه الطريقة المباشرة الى جرح او موت الكائن الحي، إنسانا أو غيره، وأما أن يكون اسلوب غير مباشر، بمعنى تحدث الجريمة وتؤدي الى اضرار كالإصابة أو القتل، ولكن لا تتم بالطريقة المباشرة عبر آله جارحة أو سواها، ولكن نتائج اسلوب الجريمة لا تختلف، فأما الموت أو التعويق!. إذاً لا فرق بين الجريمتين، طالما أنهما تتشابهان في النتائج والاضرار التي تلحقها الجريمة بالكائنات الحية، الانسان وغيره من الكائنات، لذلك فإن انقطاع الكهرباء عن العراقيين، تعد من الجرائم غير المباشرة، ولكن هذه لا يعفيها من كونها تلحق الضرر بالشعب، تعويقا أو قتلا، أما كيف يحدث ذلك؟، فالحقيقة وكما تشير الوقائع الملموسة، أن انقطاع الكهرباء يلحق أضررا فادحة بالشعب، تصل الى مستوى الجريمة غير المباشرة. فقطع الكهرباء مثلا يخلق أجواء التوتر والقلق لدى الناس، كالطلاب على مدار السنة، فضلا عن ايام الامتحانات الحاسمة، وقطع الكهرباء تمنع المستشفيات من تقديم الخدمات الصحية كما يجب، وقد تتسبب في حالات موت لبعض المرضى، وهو امر يحدث فعلا، وانقطاع الكهرباء يؤدي الى قطع ارزاق الناس الذين تعتمد أعمالهم ومهنهم على الطاقة الكهربائية، وانقطاع الكهرباء يساعد على انتشار مرض الكآبة والخمول والتطرف، بصورة أسرع واكثر تركيزا وتأثيرا. وهي أمراض تنتهي بالانسان الى الفشل في الانسجام مع المحيط المجتمعي، وتدفعه في حالات معينة الى اقتراف الجريمة المباشرة، هكذا يمكن أن تكون الكهرباء سببا في تدمير الانسان، الفرد والمجتمع، أما المسؤول، أو المتهم في هذا الامر، المسؤول الحكومي او الوزارة والجهة الحكومية التي تتعامل مع ملف الكهرباء في العراق، وكأنه فرصة لتحقيق مآرب عديدة، منها تدمير الشعب وتعجيزه، ربما تنفيذا لأجندات مخطط لها، والاثراء الشخصي أو الشللي المالي على حساب الناس وخاصة الفقراء، وتمويل بعض الفئات من المال العام، وغيرها من الاهداف التي تجعل قضية انقطاع الكهرباء في العراق بمثابة الجريمة. وعندما نعود الى ملف الكهرباء قبل الانتخابات وبعدها، فإننا سوف نكتشف حجم اللعبة وخطورتها، إذ تصل لدى البعض، الى توظيف هذا الملف لصالحها من اجل كسب الاصوات، وتابع الشعب العراقي حزمة من التصريحان الرنان للمسؤولين العراقيين وكيف أنهم اعلنوا القضاء بصورة تامة وجذرية على مشكلة الكهرباء الكأداء، بل أعلن عدد من المسؤولين في بغداد والمحافظات، أن الكهرباء لم تعد تشكل مشكلة وان الانتاج الذي يتحقق حاليا يفوق طاقة العراق من الكهرباء، لهذا سوف نقوم بتصدير الكهرباء الى الدول المجاورة!!. لاحظوا درجة الاستخفاف بالمواطن العراقي، والضحك على الذقون، والتلاعب بمصالح الشعب!!، وإلا ماذا نسمي تزويد المحافظات بـ 24 ساعة في اليوم قبل الانتخابات، وعندما تأكد الفائزون من فوزهم، ومعظمهم وجوه قديمة جديدة، عادت الكهرباء الى سابق عهدها، بل وصلت درجة صلافة بعض المسؤولين، الى الاعلان عن تزويد مولدات الطاقة الاهلية بمادة (الكاز) لتوفير الكهرباء للمواطنين!، وهو حل ترقيعي أقل ما يُقال عنه بأنه فاشل، لان النسبة الاكثر من المولدات لا تعمل بطريقة جيدة، فضلا عن تلويث البيئة، كما انها تثقل كاهل العائلة العراقية ماليا، وهي تعاني اصلا من دخلها المحدود. لذلك نحن لا نغالي، عندما نصف انقطاع الكهرباء بالجريمة، كما أن الفشل في ادارة هذا الملف وعدم وضع الحلول الإستراتيجية لها، يجعل منها مشكلة غير قابلة للحل في ظل المسؤولين الحاليين عنها، لأنهم لا يمتلكون خبرة ادارة هذا الملف، وليست لديهم الارادة القوية لمعالجة هذا الخلل الخطير، فضلا عن النيّات المسبقة في استخدام هذا الملف، لتحقيق مآرب سياسية خارجية وداخلية باتت معروفة للجميع، ولكن قد تعود الاحتجاجات الشعبية مرة اخرى، خاصة اننا مقبلون على صيف ساخن، كتعبير عن سخط الشعب الذي بات ينظر الى انقطاع الكهرباء كجريمة لا يمكن السكوت عنها.
أقرأ ايضاً
- جغرافية الجريمة
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى