حجم النص
بقلم :صالح الطائي
الآن بعد أن لملم شهر رمضان حوائجه ورحل بانتظار العودة في السنة القادمة لا بأس أن نجري حسابا تقيميا لكثير من الأمور المرتبطة به سواء منها الشخصي الخاص بنوعية تعاملنا معه ومدى تطبيقنا لمتطلباته، أو العام الذي يرتبط نوعا ما بنا شخصيا مثل موضوعة البرامج الرمضانية التي عرضتها القنوات الفضائية. والذي يهمنا منها على كثرتها برنامج (العراقية تطبع) الذي أعده وقدمه الإعلامي الناجح رسول خضر زبون لكونه أحد أكبر البرامج الثقافية العراقية، ولأن إحدى حلقاته خصصت للحديث عن تجربتي مع كتابي (نحن والآخر والهوية) الذي قامت شبكة الإعلام العراقي بطباعته ضمن خطة البرنامج في دورته الأولى، وهي مبادرة رائعة من الشبكة تكاد تتفوق على كل ذلك الكرم الساخر المذل الذي روجت له بعض القنوات الفضائية الأخرى والمبني على المتاجرة بآلام العراقيين الفقراء وصولا إلى درجة التشهير والإحراج واكتساب الدعوات للرأسماليين التجار أصحاب تلك القنوات مقابل بعض العطاء المغموس بالذل والإهانة.
ومع كثرة جهلي بشؤون القنوات الفضائية وأساليب عملها لا أدري هل أن تأخرنا العلمي هو الذي جعلنا لا نعرف اليوم الذي ستبث فيه الحلقة الخاصة بنا أم أن إخفاء الموعد كان عملا مقصودا من الفضائية العراقية غايته شدنا إلى البرنامج ومتابعته يوميا وصولا إلى ما يخصنا وهو تاريخ عرض حلقتنا، وفي كلتا الحالتين أتيح لنا برضانا أو مكرهين متابعة البرنامج يوميا على مدى شهر رمضان حتى بعد أن تم عرض الحلقة الخاصة بنا، وهنا أقول أن سحر البرنامج هو الذي جعلنا ننتظر وقت عرضه، ولو كانت متابعتنا له نابعة من مصلحة ما بعينها لما كنا أكملنا المتابعة إلى نهاية كل حلقة منه، بمعنى أن مادة البرنامج والتنوع الكبير لمواضيع الكتب المشاركة وخفة دم المقدم وتفاعله الكبير مع الضيف ومع مادة الكتاب المعروض فضلا عن تمكن المؤلفين من عرض مضامين كتبهم، زائدا سحر وتنوع الأماكن التي صورت فيها الحلقات ونوع الحوار الذي أجري مع ضيوف الحلقات؛ اجتمعت كلها لتجعل من برنامج (العراقية تطبع) واحدا من أنجح البرامج الرمضانية الجديدة بمضمونها وأسلوب عرضها، وهو أفضل كثيرا من بعض البرامج التي كان همها استغفال المشاهد من خلال المراهنة على فقره وحاجته بتقديم هدايا مادية مغموسة بالمذلة والاستخفاف.
وقد كان الأستاذ محمد عبد الجبار الشبوط موفقا جدا في اختيار هذه المجموعة من المؤلفات من أصل أكثر من مائة مؤلف وصلت إلى الشبكة حيث تنوعت مواضيعها واقتصر الاختيار على الأكثر أهمية ومساسا بحياة المواطن العراقي والأوضاع التي يعيشها العراقيون، وقد أسهم الاختيار الدقيق للأستاذ الشبوط في إنجاح البرنامج. كما كان للأستاذ نوفل عبد دهش دورا مميزا في إنجاح هذا البرنامج الثقافي الكبير.
الآن بعد انتهى عرض البرنامج وبعد أن تمتعتُ شخصيا بمشاهدة جميع حلقاته بلا استثناء؛ لي مأخذان أجدني مدفوعا للحديث عنهما: المأخذ الأول يخص البرنامج، والآخر يخص شبكة الإعلام العراقي، مأخذي على البرنامج أن وقت الحلقة كان قصيرا لا يسمح بتغطية كامل مساحة الكتاب بما يحد من حجم الفائدة المرجوة من العمل؛ وكان المفروض أن يمتد الوقت إلى ساعة كاملة تتخللها تقارير عن لقاءات مع بعض المثقفين الذين أتيح لهم قراءة الكتاب أو الإطلاع عليه لسماع رأيهم فيه.
أما مأخذي على شبكة الإعلام العراقي فهو أنها اختارت وقت الظهيرة لعرض البرنامج تزامنا مع وقت صلاة الظهر ونوافلها وهي تستغرق عادة أكثر من نصف ساعة في الظروف الاعتيادية، وكان المفروض أن يكون العرض ضمن الفترة الذهبية التي خصصت لعرض برامج أقل منه فائدة مثل برامج المسابقات والمنوعات وغيرها نظرا لأهميته.
إن برنامج (العراقية تطبع) جديد بمضمونه ومحتواه وفكرته؛ وقد أسهم في طباعة ونشر (30) كتابا لباحثين ومؤلفين عراقيين، وكنت أتمنى لو تم زيادة عدد النسخ المطبوعة من كل كتاب؛ مع تبني شبكة الإعلام العراقي موضوع إهدائه إلى بعض المؤسسات والجهات ذات العلاقة، وإهداء نسخ دورة كاملة من جميع الكتب المطبوعة إلى الباحثين الذين اشتركوا في البرنامج في جلسة احتفالية تكريمية تنظمها الشبكة للمؤلفين ولا بأس أن تكون هناك لجنة علمية خاصة تختار أفضل ثلاثة كتب لتفوز بالمراكز المتقدمة وتقدم الهدايا لكتابها وبذا تنجح الشبكة في تقريب الباحثين العراقيين من بعضهم كما نجحت في طباعة ثلاثين كتابا أغنت المكتبة العراقية بفكر نحن بحاجة إليه.
كما عرفت من خلال متابعتي لكل ما يخص البرنامج أن ترشيح الكتب المشاركة كان مستعجلا بعض الشيء لأن التبليغ وصل إلى مكاتب العراقية في المحافظات قبل مدة قصيرة من عرض البرنامج، لذا أقترح على القائمين عليه ما يلي:
1ـ أن يتم منذ الآن الإعلان عن موعد الموسم الثاني للبرنامج لكي يباشر الباحثون في تهيئة مؤلفاتهم.
2ـ أن يتم اختيار (60) كتابا ليتم عرض كتابين في كل حلقة.
وأخيرا أبارك كل الجهود الخيرة التي تسعى إلى نشر الثقافة في مجتمعنا لأن الثقافة والفهم وحدهما القادران على العودة بنا إلى أيام الوحدة والتعايش والحب بعد أن أنهكت شعبنا وبلدنا عمليات التخريب والتحزب.
أقرأ ايضاً
- إشارات من كتاب
- الأسطورة وكتابات المؤرخين
- قراءة في كتاب مديرية التسجيل العقاري في ذي قار لمؤلفه ابن خلدون .