حجم النص
بينما راح المصورون وأصحاب مختبرات التصوير في البصرة، يبحثون عن ماهو جديد في عالمهم من أجهزة وكاميرات وتقنيات وأفكار إبداعية تترك لهم بصمات ولمسات تخلد أسماءهم وتجتذب الآخرين، انفرد أبو زيدون من بينهم كجندي مجهول ليستخرج معدن الفضة البراقة من مخلفات التصوير والأحماض، بعيداً عن الحفر وخاماتها في المناجم وبطون الأرض، في طريقة كيمائية تعتمد على إعادة تدوير تلك المخلفات، وبتكاليف قليلة ومراحل معدودة.
ناظم عبد الحسين حميد، من مواليد 1959 البصرة، المعروف بـ"أبو زيدون"، لم يكتفِ بتوظيف علمه ودراسته في علوم الكيمياء برفد الصاغه وسوق الفضة بالمعدن النادر، بل استخلص من مخلفات التصوير ذاتها جنبة إنسانية ليقدم وبالمجان علاجاً سائلاً لأمراض جلدية، كالفطريات وداء الصدفية والبهاق، وبلا آثار ومخاطر ثانوية لمستخدميها.
اليهود روادها وسر المهنة بيد عشرة عراقيين:
وعن فكرة استخراج الفضة من مخلفات التصوير، يقول أبو زيدون في حديث خص به إذاعة المربد، إنها " توارثت بواسطة بعض يهود العراق ومصر في أربعينيات القرن الماضي، حيث كانوا يوزعون في بداية كل عام أوعية بلاستيكية للمصورين، تجمع فيها مخلفات التحميض والمحاليل، وفي نهاية العام، يجمعونها وتقدم إزائها هدية لكل مصور".
ولم يشأ أن يكشف لنا عن تفاصيل أكثر في استخراج الفضة، مكتفياً بالقول " إنها سر المهنة التي لايعرفها في العراق سوى تسعة مصورين وأنا عاشرهم" وبعد هنيهة استدرك قائلا "هناك طريقتين لاستخراج الفضة من مخلفات التصوير المستخدم، إما بالتحليل الكهربائي، أو بالتبادل الأيوني والعملية الكيميائية وترسيب كبريتيد الفضة من ثاني سولفات الصوديوم، وثم تدخل في البوتقة يليها عملية حرق وصهر لفصل مادة الفضة عن الكبريت".
ومايثير الإعجاب، إن هذه العملية ترفد ثلث حاجة السوق المحلية من الفضة، وأمست مصدراً مهما يعتمد عليها الصاغه، بحسب أبو زيدون، فيما لا يرى في الأفق لنفسه خطة لتطوير هذه العملية التي تدر له مالاً وفيراً، حيث اكتفى هو وأقرانه بورش في بغداد يجمعون فيها مخلفات التحميض والأشعة التالفة من المطابع و المستشفيات الحكومية والأهلية في المحافظات، ليستخرج منها فضة عالية النقاوة تصنف بـ(9999) تباع إلى التجار على شكل أقراص.
وتعد الفضة من المعادن الثمينة, ويتحدد سعرها المحلي وفقاً لسعرهافي البورصة العالمية وابرز استخداماتها لصك العملة وصناعة المجوهرات والحلي، كما تدخل في ميدان صناعات آخرى كالأجهزة الكهربائية، إذ أنها من أفضل المعادن توصيلا للكهرباء، فيما تزال تستخدم حوالي نصف منتجات الفضة في بعض الدول ومنها الولايات المتحدة في الأفلام الفوتوغرافية.
علاج لأمراض جلدية بالمجان:
وينفرد مصورنا الخبير على اقرأنه، باستخراجه مادة سائلة عرضية من تلك العملية تستخدم لعلاج أمراض جلدية منها داء الصدفية والبهاق والفطريات، حيث يقول "اغلب أقراني المصورين التسعة اتخذوا من المهنة حرفة لهم، اقتصرت على استخراج الفضة، إذ أنهم لا يمتلكون الخلفية العلمية" مستدركاً " دراستي في الجامعة وعلوم الكيمياء ساعدتني إلى معرفة أهمية مادة ثاني سولفات الصوديوم التي تدخل في علاج الفطريات بعدما وظفتها بشكل صحيح، وبعدما أضفت لها مادة الزنك، وهي مادة مطهرة" وتابع قائلا " عولج بها كثير من المصابين بإمراض جلدية ولاقت استحسانهم بعيدة عن أي آثار ومخاطر ثانوية " وكشف ان " بعض الصيادلة فاتحوني بهدف التعاقد معهم وتزويدهم بكميات اكبر لتسويق العلاج، لكني رفضت التعامل به تجارياً إذ أني وهبته لمن يرغب بالمجان، وهذا ما حققته طيلة الأعوام الـ13 المنصرمة".
مشددا على تجاربه العلمية بالقول" إنها حقيقة طبية وعلمية ينصح باستخدامها من يعرفها من الأطباء، إذ إن كل مركبات الكبريت التي تدخل في التصوير لايوجد فيها أي أعراض جانبية، حيث إن التحميض في الماضي كان بشكل يدوي بلا قفاز أو مكننه".
وفي غضون إجرائنا اللقاء الصحفي، تساءل عدد من المواطنين عن أبو زيدون بحثا عن علاجاً لهم، فيما أكدوا ان صيته ذاع بين الكثيرين من المرضى وأمسى هو وعلاجه وصفة طبية.
وتشير بعض الدراسات الحديثة أن للفضة تأثير على الحالة النفسية للإنسان، فيما تستخدم في أدوية العلاج النفسية، إلى جانب مساهمتها في الوقاية من الأمراض الخطيرة ومنها الجلدية، نظرا لقدرة الفضة الفائقة على قتل البكتريا والجراثيم والكائنات الدقيقة والكائنات الحية الكبيرة والطحالب، كما استخدمها العرب في تنقية الماء.
/البصرة/ حيدر الجزائري
وكالة نون
أقرأ ايضاً
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "
- بابل تخلو من المساحات الخضراء والمتنزهات تغلق أبوابها أمام العوائل
- ممثل السيستاني يفتتح المرحلة الاولى من مدينة سكنية للفقراء بالبصرة:سنبني مدن مشابهة للمحتاجين في كل محافظة