أبدى القائد العسكري الأميركي في العراق \"تخوفات مشدّدة\" من التوترات في كركوك والموصل والمناطق المحيطة بهما في الشمال، ومن تصاعد الخلافات بين حكومة الإقليم الكردي المحلية والحكومة والمركزية، وحذر من \"اشتباكات\" بين الجيش العراقي والبيشمركه، مؤكداً أنّ القوات الأخيرة ميليشيات\"غير شرعية\" ويجب البحث في مستقبلها. وركز الجنرال على أن معيار \"التخفيضات المستقبلية\" في قواته يستند الى اقتناعه بسيرورة الوضع الأمني على ما يرام، وبالتحديد خلال إجراء الانتخابات البرلمانية نهاية السنة.
ونقل (لوردز غارسيا نافارو) مراسل شبكة NPR الأميركية للأخبار عن الجنرال (رايموند أوديرنو) تأكيده في حوار مسجّل أن ((النزاع في شمال العراق مازال ذا قدرة لو توسّع على زعزعة الاستقرار في العراق)). وأعرب قائد القوات الأميركية، عن \"رضاه\" حتى الآن عن الحالة الأمنية في العراق، مشيراً في الوقت نفسه الى أنّ هناك \"مؤشرات متعددة\"، تقول إن الأوان قد حان لكي تغادر قواته العراق!.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه الجنرال أن العنف هو الآن في أدنى مستوياته منذ الغزو سنة 2003، إلا أنه يحذر من الاسترخاء لحالة \"الرضا\". وأوضح الجنرال الأميركي في المقابلة الحصرية مع شبكة NPR أنّ \"نزاعاً مختمراً أو ناضج التفجّر\" في المنطقة الغنية بالنفط بشمال العراق، يمكن أن تقود الى تجديد حالة اللااستقرار إذا ما تركت التوترات فيها من دون حل.
ومن جانب آخر يؤكد مراسل الشبكة (نافارو) أن انفجار السيارة المفخخة يوم الخميس في بغداد ترك في الأقل 26 قتيلاً ونحو 50 جريحاً، جاء بعد يوم واحد فقط من إعلان الجيش الأميركي، أنّ الهجمات العامة في العراق انخفضت الى أدنى المستويات منذ بداية الحرب، لكنّ استمرار وقوع هجمات كبيرة كهذا الهجوم على مدى الأسابيع الماضية، يشير الى \"استمرار المخاوف\" من تدهور الوضع الأمني.
وفي إطار \"جهوده الحربية\" في إدارة ساحة المعارك في أنحاء مختلفة من العراق، تحدّث المراسل عن زيارة قام بها (أوديرنو) الى مدينة العمارة مركز المحافظة الجنوبية ميسان، وزيارته لمجموعة من طلبة أكاديمية الشرطة بزيهم الأزرق الجديد، مشيراً الى أنه يسافر باستمرار الى أجزاء مختلفة من العراق، ليتحدث مع القادة العسكريين الأميركان في مواقع انتشارهم، ويرى بنفسه ما يجري فيها، حسب تعبير (نافارو).
وخلال رحلته الى العمارة، تحدث (أوديرنو) لشبكة NPR عن تحسن جدّي في الحالة الأمنية خلال الأيام الأخيرة. وقال ((إن مستوى الحوادث في العراق متدن جداً، لذا فإن الوضع العام ماض الى التحسن من وجهة نظر أمنية)). إلا أنه أشار الى قلقه من الحالة الأمنية في الموصل ومحافظة ديالى القريبة من بغداد، ووصفها بأنها \"مازلت مناطق اضطراب\".
وشدّد القائد العسكري للقوات الأميركية في العراق على أنّ \"قلقه الأكبر\" في الوقت الحاضر، سببه \"التوترات المتزايدة\" بين حكومة الإقليم الكردي في الشمال وبين الحكومة المركزية في بغداد. وأكد قوله: ((ما أنا قلق بشأنه هو أنني أريد أن تُعالج هذه التوترات عبر إجراءات سياسية ودبلوماسية، وليس من خلال العنف)).
ويشير مراسل الشبكة الى تأكيد (أوديرنو) أن كبار ضباطه يقومون بأدوار \"الوساطة\" بين أطراف النزاع الذي يتركز بشكل خاص في مناطق محافظة كركوك الغنية بالنفط، ومناطق أخرى في شمال العراق. ويقول الجنرال الأميركي بهذا الصدد: ((إن دورنا هو لضمان أن النزاعات لن تتحوّل الى العنف، وأن تُحل بطرق سلمية))، حسب تعبيره!.
والمسألة الأخرى التي تحتاج الى المعالجة –في رأي أوديرنو- هي \"الوضع المستقبلي لميليشيات البيشمركه\" أي القوات الكردية الموالية للحكومة الإقليمية في كردستان. وعلى الرغم من أن وجود الميليشيات أو \"الجيوش الشعبية\" في العراق لم يعد \"شرعياً\"، فإن الأكراد مازالوا يسمحون بوجود ميليشياتهم. وجذر المخاوف لدى الجنرال أن تتصاعد المشكلة بين بغداد وبين الأكراد، وقوات الجيش العراقي وقوات البيشمركه يمكن أن تشتبكا!. وعلى الرغم من هذه التوترات وغيرها، يفكر الجنرال بمزيد من تخفيض القوات الأميركية قبيل إجراء الانتخابات البرلمانية في نهاية السنة الحالية.
ويقول (أوديرنو): ((ضمن الإطار الزمني لشهري آب-أيلول، سوف أنظر كيف تجري الأشياء، وسوف أتخذ قراراً آخر فيما إذا كنا نقلل المزيد من حضورنا في العراق. وذلك التقييم سوف يؤسس على الاعتقاد بأنّ لدينا قوات كافية لضمان إجراء الانتخابات البرلمانية بسلام ونجاح. وإذا اعتقدت أن ذلك سيتم بوجود قوات أقل، فسوف نقلل القوات)).
وفي النهاية –يقول نافارو- سيكون هناك فقط نحو 50,000 جندي أميركي في العراق من أصل 140,000 جندي موجودون الآن. وخلال وقت قصير بعد ذلك، سوف تنتهي العمليات القتالية الأميركي. ويؤكد الجنرال (أوديرنو) قوله: ((إن الناس يمكن أن يميّزوا هذه الأمور بالطريقة التي يريدونها، لكن إذا وصلنا الى قناعة بعدم ضرورة العمليات القتالية، فلن نعمل ذلك)). وأضاف: ((إن الرئيس الأميركي قد أوضح أنّ العمليات القتالية سوف تنتهي في 31 آب من السنة المقبلة 2010)).
ويتحدث (أوديرنو) كما يقول المراسل الى عن مؤشرات عديدة، تؤكد أن الوقت قد حان لمغادرة القوات الأميركية للعراق و\"السماح\" للعراقيين بمزيد من السيطرة على: التطورات الأمنية، وكساد العنف، وتنظيم الاستفتاء الشعبي الخاص بالاتفاقية الأمنية، وإجراء انتخابات برلمانية بسلام. ويرى (أوديرنو) أن الأمور ستتم بسلام، لكنه يعترف بأنْ لا شيء في العراق مضمون جداً.
ويضيف الجنرال الأميركي قائلاً: ((وكحد أدنى فإننا سنقيّم كل هذه التفاصيل. وأعتقد أن الاستراتيجية التي وضعناها موضع التنفيذ ستكون جيدة)). وأكد أن الأمور إذا سارت على ما يرام، فإن العراقيين سوف يكونون قادرين على فرض سيطرتهم الكاملة على الأوضاع الأمنية عندما يترك آخر جندي أميركي العراق سنة 2011.
المصدر : النور - الملف برس
أقرأ ايضاً
- رئيس الوزراء العراقي يلتقي في مدريد نظيره الإسباني بيدرو سانشيز
- السفيرة الامريكية: للحكومة العراقية الدور بالضغط الدبلوماسي والذي تمخض عنه وقف اطلاق النار بلبنان
- الهلال الأحمر العراقي يحصي حجم المساعدات المقدمة إلى غزة ولبنان ويؤكد وجود 22 الف لبناني متواجد بالعراق