- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مواقف علي (ع) لاتحتمل التفلسف..!!
حجم النص
بقلم حسين الخشيمي
عجيبٌ انت ياعلي, ولدتك الكعبة فكنت من الله .. وقتلت وانت مستقبلها.. فما سر هذا الوفاء؟
من نحن لكي نكتب عن علي عليه السلام؟ وهل هناك كلماتٌ تفي حقه؟ وكيف لنا ان نقيّم علياً ونحن لا نعدوا ان نكون عبيداً نقر بالرق له , فهل يحق للعبد ان يقيّم سيده ومولاه؟ لذا انا مع ما اورده سماحة آية الله المرحوم السيد محمد كاظم القزويني في كتابه عليٌ من المهد الى اللحد عندما قال" الافضل ان نذكر حياة الامام عليه السلام بكل بساطة, ونحيل إدراك الموقف وأهمية الحال الى فكرة القاريء وذهنه وفهمه الفطري, وهذا اولى من تنميق الالفاظ وتنضيدها وتكوين كتلة من الالغاز او الكنايات التي تشبه كتب اللغة ولكن من غير تبويب وتنظيم"
وفعلا.. ان ذكر المواقف اولى من (التفلسف) على حسابها, فمهما بلغ الكاتب او العالم او الخطيب مبلغاً من العلم لا يحق له ان يحمل حياة الامام او مواقفه ما لا يتناسب معها او وضعها في غير موضعها, من اجل ان ينسب الانسان افكاره او توجهاته الى خط وفكر ومنهج الامام علي عليه السلام وسائر الائمة, فينبغي ان نعرف جيداً ان حياتهم ومواقفهم بمنزلة كتاب الله, وهم الثقل الثاني بعد القرآن الذي اوصى بهما رسول الله (ص) ولا يحق لنا التحريف والإضافة والتعليق عليهما بهدف تحميلهما افكارنا او نجعلهما يصبان في مصالحنا الشخصية او الحزبية والفئوية.
إن الإسلام كما اراده الله تعالى هو دين الفطرة والإنسانية, دين الحب والسماحة والعطف, لا دين التعصب والتسقيط وإلغاء الآخرين, وعلي بن ابي طالب عليه السلام كان خير من جسد هذا الاسلام في شخصه بعد رسول الله (ص), فهو القائل في وصيته لمالك الاشتر حين ولاه على مصر " الناس صنفان اما اخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق" فمنطقه منطق الحق والصواب, ومنهجه الرأفة والعفو والانسانية.. وهذا ما تجلى في موقف من مواقفه المشرفة الذي اود ان اذكره في هذه المقالة, ألا وهو احترامه لحق الانسان حتى لو كان هذا الانسان عدوه وفي ساحة قتاله ومنازلته, فهذا معاوية عليه لعائن الله قد جيش جيوشه في صفين من اجل الاطاحة بحكم الامام عليه السلام, وجرى ماجرى في هذه المعركة التي كشفت للأمام عن مدى التآمر والغدر عليه وعلى نهجه .
وبعد ان سيطر معاوية بجيشه على نهر الفرات منادياً:" ياأهل الشام هذا اول الظفر ولاسقاني الله ولا ابا سفيان ان يشربوا منه حتى يقتلوا." ومنع الامام ومن معه من الوصول الى الماء والشرب منه, حتى مكث الامام علي عليه السلام واصحابه يوماً وليلة دون ماء واصابهم العطش الشديد. وحمل علي عليه السلام ومن معه من اصحابه على جيش معاوية وسيطروا سيطرة تامة على الماء وطردوا جيش معاوية اللعين منه. ودعا ذلك الى ان يتخذ انصار الامام موقفاً مشابها لموقف معاوية عندما منعهم من شرب الماء, وطلب معاوية وجيشه الماء من جديد , ولكن علي عليه السلام لم يفعل مافعله معاوية, وسمح لهم بأن يشربوا الماء..!! فأي انسانية يحمل مولانا علي عليه السلام واي عطف وحنان هذا الذي دعا المستشرقين المسيحيين ان يقولوا قولا فيه مضمونه ان هذا الموقف من علي مع عدوه لن يصدر من انسان قط , بل هو فعل الاله الخالق ..!!
وكيف لا وعليٌ من الله واليه, وكل قيمه الهية وافعاله ومواقفه مسددة من قبل الله, حتى انه انفرد بهذه المواقف عن غيره من بني البشر, هذه قيمة علي عليه السلام ولذلك نحن نتمسك به وبمواقفه كما هي دون اي تأويل او تفلسف.
أقرأ ايضاً
- المرجع السيستاني.. المواقف تتكلم
- التسرب من التعليم
- كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟ (الحلقة 7) التجربة الكوبية