حجم النص
الخيال تحول الى ضرورة ,وعندنا خاصة وحين يكون العجز واقعاً معاشاً على الدوام ، فلنا ان نتخيل القوة والسيطرة عندما نفقد أشياء عزيزة ونعجز عن إستردادها نتخيل أننا آستعدناها.
لكن في الواقع فإن الخيال لا يجدي كثيراً، فقد تخيل السوريون أنهم إستعادوا لواء الإسكندرونة من تركيا، والمغاربة يتخيلون على الدوام أنهم أبعدوا الإسبان عن سبتة ومليلة، ويريد الإماراتيون أن يجبروا طهران بأن تسلم بعائدية الجزر الثلاث لهم.
في حين يرى الإيرانيون إن البحرين جزء من أراضيهم المفقودة، وصاروا ينددون بمحاولات السعودية بالإتفاق مع ملك البحرين لضم الجزيرة الصغيرة.
تضغط الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والغرب عموماً بتعاون وثيق مع أطراف عربية لإسقاط نظام الحكم في دمشق, و حرمان إيران من حليفها التاريخي وتقطيع أوصال محور طهران ـ بغداد ـ دمشق ـ بيروت ـ غزة.
الحديث لم يعد يدور حول طبيعة العلاقة مع نظام بشار الأسد ، بل في النهاية الحتمية له ,وكيفية تهيئة الأجواء لما بعد إسقاطه.
ما الذي يمكن لإيران أن تفعله في حال عزلت عنها دمشق, وتم إسقاط نظامها؟ وكيف إذا سحب العرب حركة حماس الى دائرتهم، وهو ما يحصل بالفعل في هذه الأيام ؟ وكيف إذا تم حصر حزب الله ,ووضعه في الزاوية الحرجة؟
كيف لإيران أن تعود الى قوتها ,وقدراتها السابقة ؟ وهل يمكن التفكير بقوة بديلة تتحالف معها طهران خلال الفترة الصعبة المقبلة في ظل إصرار الغرب ودول الخليج على تفكيك منظومتها الممانعة ؟
مسؤول إيراني رفيع ألمح منذ مدة الى إمكانية إقامة نوع من الوحدة مع العراق. العرب لم يمانعوا كثيراً وربما رحبوا بفكرة الإتحاد السعودي البحريني، ولم يعترض الغرب ,ولم يفكر في الأسباب ولم يلتفت الى قبول أو رفض شعب البحرين، ومؤكد إن البحارنة لم يصوتوا بالقبول لو أتيحت الفرصة لإستفتاء حول موضوع الإتحاد كما يفعل الأوربيون عادة.
ما هو رد الفعل الممكن من العرب والغرب فيما لو أعلنت طهران مشروع الإتحاد مع بغداد ؟ هذا الرد لا يحتاج الى شرح لأنه معروف سلفاً.
لكن ما هو تأثير الحصار السياسي والعقائدي والاقتصادي المفروض من جهات دولية وإقليمية وعربية في المواقف الإيرانية ؟ وكذلك تأثيره في العراق الذي عانى كثيراً من تجاهل العرب له سياسياً ودعم عواصم للإرهاب وامتداداتهم؟
يرى المهتمون بفكرة الإتحاد بين طهران وبغداد ، أن القوة الاقتصادية الجبارة التي ستنتج عن هذا المشروع ستؤكد حضور البلدين بما لا يدع مجالاً للمنافسة خاصة من دول الإقليم الفقيرة كتركيا ، والعربية المنهكة ، والخليجية التي تمتلك النفط وتنتظر لحظة الحقيقة عندما سينضب ويلتفت أهل الخليج فلا يجدون سوى الصحراء والبحر، والهياكل الاسمنتية التي أنفقوا عليها المليارات ، فهذه البلدان لن تجد المستثمرين ولا السياح بعد سنوات خاصة بإعتمادها على مصدر واحد لا بديل له وهو النفط ، كما إن كل مظاهر التطور والعمران، وبناء المصانع وإنشاء الجزر الصناعية يعتمد كله على العائدات النفطية ، وحتى الحدائق العامة والمتنزهات التي تسقى من مياه البحر بعد تحليتها تستهلك عشرات مليارات الدولارات.
الإتحاد بين إيران والعراق يعتمد بلدين حضاريين يمتلكان إرثاً سياسياً وفكرياً هائلاً ، وتعددية في مصادر الثروة عدا عن الثروة السكانية الفاعلة ، والعمق الجغرافي الذي يؤهل البلدين للعب دور مهم في التحولات السياسية والاقتصادية الإقليمية والدولية، وإمكانية أن توفر لهما تلك القدرات الحماية في مواجهة القوى الصاعدة والتحالفات التي بدأت تتشكل بين الدول العربية (الإعتدال) والولايات المتحدة وأوربا وإسرائيل وتركيا.
هذا الإتحاد بحسب المروجين له يمكن أن يكون صورة من صور الشرق الأوسط الجديد لا على النمط الأمريكي بل على نمط جديد مختلف.
أقرأ ايضاً
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي