حجم النص
يمر الحجيج العراقيون المتوجهون الى الديار المقدسة بمواضع عدة ولعل دولة الكويت _في أحيان_ تكون معبرا للبعض منهم .
الكويت الدولة الجنوبية تعرضت لأعنف ضربة في تاريخ نشأتها السياسية حين إجتاحتها جيوش صدام حسين برا وبحرا وجوا في العام 1990 ,ولم تخرج إلا حين تدخل المجتمع الدولي بدفع أمريكي مباشر, وأهلك ألوف العراقيين ,وأحرج النظام الحاكم في بغداد, وهو الحليف السابق للكويت ,حين كانت الحرب مشتعلة بين بغداد وطهران ثمانينيات القرن الماضي .
بقيت آثار الإحتلال العراقي للكويت في نفوس الأسرة الحاكمة ,وفي دواخل المواطنين والسياسيين ,والنخب المجتمعية ,وعامة الناس ,وإنطبعت الآثار تلك في الوجدان الجمعي ,وصار كل قول وفعل يصدر من الكويتيين متأثرا بهاجس الإحتلال ,وبعدم الثقة بالعراق والعراقيين .وعمل الإعلام والفن الكويتي على ترسيخ النزعة الى عدم الثقة بالجار الشمالي الوقح والمتسلط,وفهمنا إن عدم الثقة لم يكن مرتبطا بالنظام الحاكم في بغداد ,فبعد زوال صدام بقيت تلك الآثار ,وهاهي تظهر من تحت الكثبان من حين لآخر ,وليست قضية ميناء مبارك بالأولى ولا بالأخيرة في سياق أجواء عدم الثقة,أو محاولات ضمان عدم عودة العراق الى فكرة ضم الكويت.
السؤال : لماذا تحاول دولة الكويت إستقطاب الصحفيين العراقيين,من خلال دعوة مجموعات منهم من حين لآخر الى مؤتمرات وندوات ولقاءات؟وذهب بالفعل عديد من هولاء(المرتزقة الى هناك) كما وصفهم بعض الذين أصابتهم نار الغيرة لأنهم كانوا يتمنون أن يكونوا من ضمن المدعوين!! ,وجرى الحديث عن تسلم عدد منهم أموالا بلغت ( العشرة آلاف دولار) ! وأنا أعلم أن الكويتين لم يقدموا أموالا بهذه الصورة ,برغم إنهم قد يكونوا قدموا منها في مناسبات سابقة ,وبأشكال مختلفة,لأغراض متعددة يفهمها الأخوة الكويتيون أكثر منا, خاصة وأن منهم من دعا على العراق بالقول: اللهم لاتبقي فيه حجرا على حجرا!!
الصحفيون العراقيون ذهبوا في وجبات سابقة, ومنهم من يعمل لحساب مؤسسات إعلامية كويتية,ومنهم من يمتلك المشروعية,ومنهم من يتمنى الحصول على فرصة الذهاب بغية نيل المكاسب(أو هكذا يظنون) ,إقترحت من مدة على أحد الأخوة المقربين من الأسرة الحاكمة في الكويت, وبتشاور مع زملاء إعلاميين أن يتم تأسيس جمعية مشتركة ترعى النشاط والحراك الإعلامي بين البلدين بغية سد الطريق في وجه من يحاول تشويه العلاقة تلك ,أو يدفع بإتجاه التأزيم, أو يصور الصحفيين والإعلاميين والكتاب العراقيين كأنهم أدوات بيد الأخوة الكويتيين لإستخدامهم في الترويج للرؤية الكويتية الخاصة بالعلاقة مع العراق والتي قد تكون غير موائمة لما يفكر فيه العراقيون ,وهو ماسيؤدي الى تشابك الرؤى وإختلاطها وتشويهها والإساءة لمستقبل العلاقة,وإبعاد الجميع عن الحل المنشود للتأزيم السائد في المرحلة الحالية,عدا عن تعدد تلك الرؤى وضياع الصورة وعد وضوحها ,والضبابية التي ستطبع المشهد,ثم الحاجة الى من يدير الأمور بتنظيم وبدون شعور مسبق بالرغبة في التوظيف لأغراض خاصة تلبي مصلحة بلد, وتقوض مصلحة الآخر وهو مالانرتضيه.
ومن المهم لكل صحفي وكاتب أن لايسجل في سيرته إنه كان عرضة للشراء من هذه الدولة أو تلك,وعلى الكتاب والصحفيين أن يراعوا مستقبلهم فليس من أمر يخفى على أحد ولابد أن يظهر في الغد.
نحن نريد لعلاقتنا مع دولة الكويت أن تكون مبنية على أساس التفاهم والتصالح مع الذات ,ومنح الفرصة للآخر أن يثبت حسن النوايا على قاعدة المصالح المشتركة.وهكذا يمكن أن تطوى صفحة الماضي فليس من مصلحة أحد أن يسمع كلمة من شاكلة( صدام كان أحسن ).سواء في نظرة المواطنين العراقيين لسياسييهم الذين لم يكونوا في الموعد بعد التخلص من الدكتاتورية وضياعهم في تيه الفشل على كافة الصعد,أو في نظرتهم للسلوك الكويتي منذ عام 1990, والى الآن.
يمكن أن نزور الكويت كضيوف معززين مكرمين ,لكن لانرغب أبدا أن نزورها كأشخاص تم إستدعاؤهم لأغراض خاصة,وهذا ديدننا في العلاقة مع جيران العراق( إيران.سوريا. تركيا. السعودية. الأردن) ,والله من وراء القصد.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- الحجُّ الأصغرُ .. والزِّيارةُ الكُبرىٰ لِقاصِديِّ المولىٰ الحُسّين "ع"
- القنوات المضللة!!