- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ضعف المكون الإيماني أفرز ثقافات هدامة
بقلم: حسين النعمة
الرفعة والوقار والهيبة من كاريزما الإنسان المؤمن الذي ينصاع لطاعة الله سبحانه تعالى، ويسأله المغفرة والرحمة ويحاول في كل يوم من أيام حياته أن يقرب خطاه من ربه، فتجده متأهب على الدوام لعمل الخير وإشاعته.
فيكون شهر الخير والبركة رمضان المبارك للمؤمن منهلا لقطف الحسنات وينبوعا ترتَشفُ منه البركة، فترفل مزن الخير عليه من غيثها رحمة ومغفرة، فيما يغفل ولا يبالي لحرمة هذا الشهر إنسان آخر هو منصرف بمكونه السيكولوجي الى اللهو واللعب متناسيا ثواب الدعاء والتضرع للمولى القدير خلال هذا الشهر الفضيل، وشتان بين الأخير والمؤمن الذي يوظف من وقته للطاعة والعبادة، ومما لا شك فيه يغفل حرمة هذا الشهر العظيم ويلتف حول عادات وأعراف كانت قد اشتهرت سابقا على حساب الهوية الإيمانية وهي لا تقترب من الإسلام بمقدار شعرة.
وفيما نرى الأماسي القرآنية وقد تزدان بترتيل وتجويد الذكر الحكيم نرى موائد الفطور الجماعية للصائمين والتي غالبا ما تعد للفقراء والمساكين والمعوزين من الناس والتي تعكس مظهر اللحمة والتحابب في الله ابتغاءً لمرضاته تعالى، وحيث كان المحسنون والأغنياء يهيئون الفطور في منازلهم والجوامع والحسينيات للإفطار إيمانا منهم بأن لهذا الشهر خصوصية أيمانية وأن الأعمال الطيبة فيه ستلقى أجرا أخرويا مضاعفا فلذلك هم يحاولون استغلاله للتصالح بين المتخاصمين والتودد والتراحم فيما بينهم والتواصل مع الآخرين وذلك يتطلب الاجتماع على طعام الفطور أو التزاور بعد الفطور.
وما نحن كذلك ما إن يحل شهر الخير حتى نلحظ تجمعات أخرى قائمة للهو الضحك يزاول فيها لعبة المحيبس (الخاتم) في الأحياء والمقاهي منذ عشرات السنين، وما يزري هذه اللعبة العبث والإسراف والتبذير للأطعمة؛ بل ويضاف على ذلك خلق بيئة صاخبة يذاع فيها الأغاني والكلام البذيء النابي.
ومما لا شك فيه، بعد ضعف المكون الإيماني خلال العقود الأخيرة في الوسط العراقي أثر ما لاقاه من كبت للثقافة الإسلامية من نظام الحكم البائد، استشرى وباء هذه اللعبة الى بطولات تقام على مستوى العراق، وأصبحت ثقافة تمارس كلما حل شهر رمضان، لدرجة إن كل من يزاول هذه اللعبة أصبح يترقب شهر رمضان لمزاولتها، بل وتعدى ذلك لجعلها سُنة رمضانية تبثها المحطات الفضائية متى ما حل شهر رمضان الكريم.