في زمن أصبح التحشيش وسيلة المواطن لتنفيس مكبوتات قلبه، ولكي يتجنب أمرين، الأول جنونه، والثاني زعل المسوؤل، في هذا الزمن أرسلتْ أحدى الصحف - التي لم تجد لها اسماً بعد –، مراسلها واسمهُ بطران المشهور بـ (دعبلة)، إلى مسؤول في أحدى المحافظات العراقية – ليست كربلاء طبعاً - فدار الحوار التالي:
بطران: هل تعلم ما هو شعور الإنسان الذي يعيش على سطح المريخ ويضطر لمواجهة عشرات الأطنان من الأتربة المتطايرة في الجو؟
المسؤول: (قهقهقهقهقه عالية)، كلا لم أمر بتلك التجربة أو ذلك الشعور، فأنا كما تعلم لم اذهب إلى المريخ سابقاً، ولم اضطر حتى الآن للتجول في شوارع مدينتنا والحمد لله، فلا اعلم ما هو شعور من يواجهها!.
بطران: ألم تسمع يا سيدي بـ (نظام الشفْتين أو الوجبتين)، وهو نظام عالمي ابتكر وأُستخدم للتسريع في إنجاز المشاريع؟
المسؤول: (يتكئ ويهز الكرسي الجالس عليه) بالطبع سمعت، لكن ماذا افعل إذا كانت الانتخابات تجري كل أربع سنين! نصيحتي إلى الشعب، أن يطالب بجعل الانتخابات كل سنة، وبهذا ستسرع إنجاز المشاريع مع بداية كل انتخابات!.
بطران: سيدي المسئول، باعتبار أنك موظف تتقاضى مرتبك بداية كل شهر، وباعتبار ثاني: أنك تمتلك التخويل للوصول مع عائلتك وأقاربك إلى أي مكان بالسيارة أو الطائرة دون معاناة، السؤال: هل تعرف مدى معاناة المواطنين من عوائل وعجزة وأطفال وحتى أصحاب المحلات التجارية عند غلق الطرق والشوارع، لأسباب كثيراً ما تكون واهية – أو حتى مزاجية -؟
المسؤول: (بحدّة مفتعلة) هل تظن أن أمن المسؤول سبب واهي، ثم ماذا لو قطع المواطن مسافة إضافية بطول 3000 أو 4000 متر. أما أصحاب المحلات التجارية، فالتضحية واجبة من قبل المواطن!.
بطران: لكن -عالمياً- قد تطورت طرق التعامل مع الدواعي الأمنية وضروراتها دون التسبب بمشاق للمواطن، فلماذا هذه الإجراءات البدائية التي ما زلنا نطبقها؟
المسؤول: كما تعلم أن الإجراءات المتطورة تحتاج إلى (تريليونات).
بطران: عذراً هل تقصد (مليارات)؟
المسؤول: كلا، المليارات أصبحت رقم يغطي فقط رواتب المسؤولين ونفقاتهم، إننا بحاجة إلى تريليونات لتطبيق واستيراد هذه الأجراءت الأمنية المتطورة، خزينتنا تفتقر إلى هذه المبالغ.
بطران: على ذكر المليارات، ونظراً للحياة المترفة التي يعيشها المسئولين في المحافظة، هل هناك خطط حقيقية لجعل المواطن يعيش نصفها؟ أو لنقل تقليل نسبة المواطنين الواقعين تحت خط الفقر؟ او لنقل توفير الحقوق الأساسية وهي ابسط متطلبات العيش الكريم للمواطن؟
المسؤول: (يتلعثم) طبعاً طبعاً، فكما تعلم.. وعلى هذا الأساس.. ومن منطلق.. وبهذه الحيثية.... وهذا لا يمنع أننا نسعى.. ونتمنى ونرغب وبكل قوانا.. وإذا شاء الله ستكون الأمور على ما يرام والخير قادم إن شاء الله..
بطران: أخيراً هل ستتعجب إذا كتبت هذا الموضوع باسم مستعار؟
المسؤول: بالطبع لا، فنحن في العراق؟
بطران: أنا شكرك فعلاً لحسك الديمقراطي، أتمنى لقائك مجدداً.
المسؤول: (ههههههههه) في الحقيقة لا أتمنى ذلك.