- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هل اكتمل النِصاب؟ لا.. لم يكتمل!!!
يتساءلون في العراق: كيف يمكن ان يكتمل النصاب؟ صار حلما.. ان يكتمل النصاب!!، متى.. متى؟، ما اعجبه من نصاب لا يكتمل، بل ما ابخله،ربما هو شيء خيالي.. لذلك لا يكتمل، وفي الحقيقة انه غير قابل للاكتمال، لان الاكتمال رجس من عمل الشيطان.. ربما، وان النصاب اذا اكتمل فهو شؤم، نعم.. ومن ضرورات الحياة البرلمانية ان لا يكتمل النصاب، لان باكتماله ستموت العديد من الكائنات الحية، وهذه جريمة لا تغتفر!
البرلمان العراقي الوحيد الذي لا يكتمل النصاب فيه، وصار الامر حسرة في قلب المواطن ان يسمع بان النصاب قد اكتمل، وان البرلمانيين شغلوا مقاعدهم فلا وجود لمقعد شاغر، صار البعض يتسلى بالنصاب(يا نصاب العافية عليكم يا اهلنه)، والبعض يتراهن عليه، كم نائبا سيدخل القاعة وكم نائبا سيبقى خارجها، وهناك من يقول ان البرلمان وضع لافتة كبيرة على احد جدرانه تقول: (النصاب سيكتمل كل يوم.. ما عدا اليوم!!)، وهذا شعار كل يوم، ومعنى هذا انه سوف لن يكتمل، وستظل المقاعد باردة تبحث في الاتجاهات عن اكياس اللحم والشحم لكي تمنحها بعض الدفء، ومن يتأملها سيجدها ترتجف، وتندب حظها العاثر، فهي مثل السمك, مأكول مذموم.
النواب.. في صباحاتهم يتأنقون ويتعطرون ويتفقدون رجال حماياتهم ومن ثم يستقلون سياراتهم المظللة / المضللة وينطلقون في شوارع المدينة، تتعالى من سياراتهم اصوات اجهزة المنبهات المختلفة النغمات التي يشل زعيقها حركة الشارع ويلفت انتباه الداني والقاصي ويعكر مزاج اشارات المرور ان وجدت، وحين يكون هناك زحام، يضطر بعض رجال الحماية الى النزول من سيراتهم لفتح الطريق بالصياح والوعيد، فينقلب الشارع رأسا على عقب، وحين يصلون الى مقر البرلمان يترجلون من سياراتهم بكثير من الفخامة والابهة، وعلى الشفاه ابتسامات عريضة انيقة ايضا، وكأنهم يتنافسون فيما بينهم : ايهم اكثر اناقة، ويدخلون بناية البرلمان ويستريحون في (الكافتيريا) يتجاذبون الابتسامات والضحكات والنظرات، ويحتسون (الشايات والقهوات والنيسكافات والماءات المقطرات واشياء اخرى)، وحين يقرع الجرس للدخول الى القاعة، هناك من يشعر انه سيدخل الى غرفة امتحانات، وهناك من يعتقد ان يدخل صالة ولادة (النساء خاصة) وهناك من يشعر بالنعاس فيسترخي قليلا في مقعد الكافتريا، ويقول لنفسه :(ان اغفاءة بسيطة ستكفي)، لكن الاغفاءة تتحول الى نوم عميق يصاحبه شخير، قاعة البرلمان خالية بينما الكافتريا ممتلئة، ولكن لم يقترح احدهم ان تتحول الكافتريا الى قاعة اجتماعات!.
هناك من يدخل القاعة من اجل الاستطلاع فقط، لانه لا يريد ان ينسى تفاصيل القاعة، فيتمشى في ارجائها ومن ثم يغادرها للجلوس في الكافتريا.
- اخوان.. النصاب؟
- النصاب في الكافتريا!
- اخوان.. النصاب؟
- (باجر).. غدا.. يعني ضروري النصاب؟
- (اخوان) ان لدينا قوانينا لابد من اقرارها.
- دعها تتأجل الى الدورة المقبلة!
وبعد ان ترفع الجلسة يتململ النواب الذين لم يكملوا النصاب، و (يتمغطون) ويطقطقون عظامهم، ومن ثم يبتسمون لبعضهم وينادون رجال حمايتهم للانطلاق، وينطلقون في الشوارع تسبقهم اصوات (الويص ويص) التي تقلب الشارع رأسا على عقب و (تيتي.. تيتي..) وليذهب النصاب.. الى اهل النصاب.