تعتبر حرية الصحافة والإعلام جزء من حرية التعبير والرأي والتي تضمنتها الدساتير واللوائح الخاصة بحقوق الإنسان بما لا يتعارض مع النظام العام والآداب والذي يحد د ذلك وفق قانون أو بناءا علية من اجل أن لا يكون هناك مجالا للاجتهاد للتحكم بما تمليه السلطة التنفيذية أو أية جهة أخرى لها سطوة معينة تستطيع من خلالها ممارسة نفوذها .
لقد نصت المادة 19من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الحق على حرية التعبير والتي تشمل على البحث عن واستقبال وإرسال المعلومات والأفكار عبر أي وسيط وبغض النظر عن الحدود
كذلك أكدت المادة 19 من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية
ومثلها فعلت المواثيق الإقليمية حيث ذكرت ذلك الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان في المادة 10 منها وكذلك الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان في المادة 9 اللذان أكدا على حرية التعبير وتبادل المعلومات وطرق الاتصال مما أعطا بعدا قانونيا لغرض الحد من حالات التضييق والتأثير الذي تتعرض له والصحافة مما يجعلها غير قادر على أداء المهمة الملقاة على عاتقها .؟
إن هذه المواثيق الدولية واللوائح قد وجدت لها ما يماثلها في دساتير الدول و قوانينها الوضعية وذلك من اجل أن تضع حدا لما يمارس ضد الإعلام والعاملين به بعد ازدياد التعرض القانوني والتعسفي على كثير من الإعلاميين والصحفيين لأسباب اقل ما يقال عنها إنها لم تكن بذاك المستوى الذي يصل لحد جريمة نشر أو خرق قد يصل لحد العقوبة نتيجة دعاوى كيدية الغرض منها التضييق عليهم وثنيهم عن أداء دورهم بالشكل المطلوب .
إن الدستور العراقي الدائم الذي صدر في 2005قد أكد في المادة” 36 منه على ما يلي :
تكفل الدولة وبما لا يخل بالنظام العام والآداب:
أولا حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.
ثانياً ـ حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.
ثالثاً ـ حرية الاجتماع والتظاهر السلمي وتنظم بقانون.
إن الحرية الممنوحة لوسائل الإعلام والتي تجعل منها أداة مهمة من اجل تشخيص الأخطاء والتعامل معها وفق رؤية صادقة قادرة على النقد البناء الذي يساعد على تلافي السلبيات وتجاوزها و وضع البدائل والحلول التي تجعل من الإعلام سلطة رابعة يساعد في عملية البناء ولأعمار و يكون دوره فعالا ومؤثرا من اجل إرساء مفاهيم عصرية لبناء دولة القانون والديمقراطية.
إن توفير ضمانات وفق القوانين من اجل أن يمارس الإعلام الدور الرقابي و يتحرك بالطريقة التي تجعله قادرا على الكشف عما يدور على الساحة من خلال حصوله على المعلومات والتقارير التي تساعده في تسليط الأضواء على الأحداث والتعامل معها بمهنية تجعل منه قادرا على حماية نفسه وتحصينها وفق ما
تقتضيه العدالة وبالتالي يكون قد أوفى بالرسالة التي يحملها .
لقد نصت المادة 45من الدستور العرقي الدائم 2005((لا يكون تقييد ممارسة أي من الحقوق والحريات الواردة في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون أو بناءا عليه على أن لا يمس هذا التحديد والتقييد جوهر الحق أو الحرية .))
لذا فان ممارسة الحرية ومنها حرية الصحافة والإعلام قد أكد عليها الدستور وطالب بعدم الإخلال بها إلا وفق مواد قانونية تصدر لهذا الغرض تتعامل معه وفق ضوابط وأسس ثابتة يتم السير عليها بناء ما تقتضيه المصلحة العامة والنظام العام والآداب بحيث لا تكون القيد الذي يشل تلك الحرية ويوقفها وفقا لمصالح وأهواء تريدها السلطة التنفيذية وتفرضها بطريقة تجعل العمل معها فيه نوع من الصعوبة مما يولد نظاما تعسفيا لان حرية البلد وديمقراطيته تقاس بما للصحافة والأعلام من مساحة حرة يتحرك فيها ويمارس عمله من خلالها لكي يقوم بواجبه بالشكل الصحيح .
إن ممارسة الصحفي لعملة وقيامة بواجباته المهنية وفق أسس ثابتة تجعل منه ذو رسالة إعلامية مهمتها الكشف عن السلبيات و تصحيح الأخطاء وليس التعرض للأشخاص وخلق عداوات افتراضية ليس من مصلحته التصادم معهم وذلك لان مهمته الكشف عن الأخطاء بالدوائر والمؤسسات (وليس مع رؤسائها) لغرض تجاوزها مستقبلا وعدم تكرارها لتكون قد حددنا لنا طريق نستطيع من خلاله تخطي ما يحيط بنا من تراكمات الماضي الذي جعلت من الإعلام صوت السلطة وتجميل صورتها بغض النظر عما تقوم به من أعمال لتجعله مهادنا ومستكينا لا يحرك ساكن إلا بأمر من السلطة التي توجه لتجعل منه أداة بيد الحكام وناقل لما يقوموا به ليتعرى من أخلاقيته المهنية ويصبح بوقا يزمر ويطبل لممونيه .
إن ما تمتع به الإعلام من حرية في العراق بعد سقوط النظام البائد قد جعلت منه مساهما فعالا في عملية البناء والتغيير لكن نلاحظ كثير من الخروقات التي أخذت تطال الكثير من الصحفيين وتحاول أن تزرع الخوف بينهم بعد قيامهم بعمليات كشف لكثير من حالات الفساد ليجعل الكثير منهم يدفعون حياتهم ثمنا لذلك سواء من قبل القوات الأمريكية أو من قبل العناصر الإرهابية أو الكثير من المافيات التي تشكلت في دوائر الدولة لتقوم بعمليات النهب المنظم للمال العام أو تقوم بعرقلة استتباب الأمن و عمليات البناء والأعمار مما يتطلب من الحكومة بالإسراع بإصدار قانون لحماية الصحفيين والدفاع عنهم وكذلك اتخاذ إجراءات كفيلة للحد من الدعاوى التي تقام ضد الصحفيين والإعلاميين وتخفيف العقوبات التي يتعرضون لها نتيجة جرائم النشر والتقليل من آثار المسؤولية المفترضة لمدير التحرير أو المحرر وإلغاء عقوبة الحبس واستبدالها بالغرامة والحق في المحاكمة أمام القضاء العادل.
وذلك من اجل توفير جو امن ومستقر للصحفي من اجل أن يمارس عمله بكل راحة وطمأنينة ليكون بذلك الوجه الآخر والمساعد للسلطة بما يتلاءم مع مهنيته وحياديته واستقلاله .
أقرأ ايضاً
- مشروع قانون استبدال العقوبة السالبة للحرية بمبالغ مالية
- الامراض النادرة التي تصيب الانسان حقائق اساسية يجب معرفتها
- حرية الرأي في العراق، بخطى ثابتة.. إلى الوراء دُر!