- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
وزارة الثقافة ...بلا ثقافة !!!
من العلامات الفارقة في العراق الجديد ظهور المؤسسات الجديدة سواء كانت حكومية او غير حكومية ,حيث شهدنا ظهور وزارات جديدة وهيكلة وزارات قديمة ,فقد اصبحت لدينا وزارة للبيئة ووزارة للمرأة ووزارة للحوار الوطني وغيرها من الوزارات ذات الاسماء التي ما انزل الله بها ما سلطان . وبات الجميع يدرك جيدا ان وجود وانشاء هذه الوزارات جاء تلبية لرغبة المحاصصة السياسية (السيئة الصيت) ,فمن اجل ان تقبل كياناتنا السياسية المتهرئة المشاركة في العملية السياسية وترضي غرورها الاجوف اسندت اليها هذه الوزارات حيث اعتبرت الكيانات السياسية هذه الوزارت هي الهدف الذي تسعى الوصول اليه بشتى الطرق . ولذلك اصبحت هذه الوزارات عرجاء في عملها سلبية في ادائها . وذلك بات واضحا للجميع والا بماذا نفسر ارتفاع مستوى التلوث في العراق ونحن لدينا وزارة للبيئة ؟وماذا نفسر عملية ازاحة المرأة عن مواقعها ونحن لدينا وزارة للمرأة ؟ وماذا نفسر عملية التلكأ (والجر والعر) في الحوار الوطني ونحن لدينا وزارة للحوار الوطني ؟ وغير ذلك من الوزارات الاخرى .
والمتابع للمشهد اليومي للمؤسسات العراقية الحكومية او الغير حكومية يشاهد العديد من الوزارات العاطلة والمعطلة في نفس الوقت .فعلى سبيل المثال نحن نمتلك وزارة للثقافة ,ونعتقد ومعنا الكثيرون ان هذه الوزارة من الوزارات الحيوية والمهمة والتي نحن في أمس الحاجة لها الآن وفي هذا الظرف بالذات الذي يعيشه العراق اليوم .صحيح ان هذه الوزارة ليست وزارة سيادية على حد تعبير ساستنا الساذج الا انها وزارة يمكن لها ان تفعل الكثير ,متى ما عرف العاملون فيها اهمية الدور الذي يمكن ان تلعبه وزارة الثقافة في البناء الثقافي الرصين والذي بات المجتمع العراقي يفتقده منذ عقود من الزمن . فبعيدا عن لغات الاديولوجيات المتناحرة والمتنافرة وارهاصات السياسة القذرة ,كان يجب ان تأخذ وزارة الثقافة دورها الريادي في ترصين وتحصين ثقافة المجتمع من خلال مؤسساتها المتعددة والمتنوعة .لكننا اصبحنا نشاهد العكس من ذلك تماما ,حتى بات وزير الثقافة يمثل احد قادة العصابات المسلحة .فتصوروا وزير ثقافة يمتهن القتل وتصبح وزارة الثقافة وكرا للاسلحة والمتفجرات وهذا مافعله الوزير الهارب (اسعد الهاشمي) والذي لانعرف اين حل به المطاف ؟وفي أي منتجع يعيش الآن ؟؟؟
واليوم ونحن نتأمل المشهد الثقافي العراقي نلاحظ غيابا كاملا لوزارة الثقافة ,فقد غابت هذه الوزارة عن كل النشاطات والفعاليات الثقافية في العراق حتى انها لم تكلف نفسها يوما بأن تحضر مراسيم تكريم رائد من رواد الحركة الثقافية العراقية او ان تحضر مراسيم تشيع رمز من رموز الثقافة العراقية .
ففي الوقت الذي يقبع السيد وزير الثقافة في مكتبه الوفير وبين حماياته وحاشيته ووكلائه الذين يجوبون الارض كل يبحث عن ليلاه تبقى وزارة الثقافة بعيدة كل البعد عن الهم الثقافي العراقي .فقد تعرض الوسط الثقافي العراقي الى العديد من الهزات والاحداث التي حركت الرأي العام داخل العراق وخارجه بقت وزارة الثقافة نائمة في دهاليزها المظلمة في الوقت الذي تتعرض فيه الثقافة العراقية ورموزها لكل اشكال التهميش والتسقيط والاقصاء لم نشاهد وزير الثقافة يحضر مهرجانا شعريا او أمسية قصصية أو حتى معرضا تشكيليا أومؤتمرا أو غير ذلك من النشاطات والفعاليات الاخرى في حين ينشغل وكيله الاقدم السيد الجابري بجدال بيزنطي حول (الصراع بين قصيدة النثر المخنثة على حد تعبيره وقصيدة التفعيلة) .لاندرك سبب تجاهل وزارة الثقافة لرموز الثقافة العراقية حيث لم نشاهد حتى لافتة سوداء واحدة بأسم وزارة الثقافة تنعى الراحل عبد الخالق المختار او الراحل قاسم محمد ؟ اين وزارة الثقافة من هؤلاء ؟واين وزارة الثقافة مما يتعرض له الفنانون العراقيون من ضغوط ورقابة تصل حد التهديد بالقتل والاعتقال ؟وهذا ما جرى للفنان سلمان عبد فنان الكاريكتير في محافظة كربلاء مؤخرا ؟اين وزارة الثقافة من كل ذلك ؟ حتى اننا نكاد لانسمع ان هناك وزارة في العراق اسمها وزارة الثقافة .بعد ان غيبتها المحاصصة السياسية والطائفية المقيتة وجعلتها وزارة عاطلة ومعطلة عن العمل .حيث لايمكن ان تكون هناك ثقافة بدون هواء نقي وفضاء نظيف حيث يتسامى الانسان ابداعا وتألقا وهو يستمد حريته من ثقافته التي تجعله يحلق بعيدا في فضاءات الابداع بعيدا عن عنعنات السياسة وطنطنات الطائفية المريضة ,فالثقافة مثل الوطن هي للجميع وعلينا ان نعيد حساباتنا مع وزارة الثقافة التي هي للاسف بلا ثقافة.
كربلاء المقدسة