على غير العادة والوقت متاخر ليلا هز البيت دوي هائل وحصلت جلبة وضوضاء كبيرين وكل عائلة الحاج رضا الكبيرة نيام وكان صوت رفس باب الدارالخشبية الصغيرة قد اوقع معه جزء من الجدار البالي في ذلك الزقاق الضيق في احدى محلات بغداد القديمة وهو الباب الذي لايحتاج الى كل هذا الرفس القوي ليفتح على مصراعيه فالحاج عبد الرحمن لايحتاج حينما يزور صديق عمره الحاج رضا سوى الى دفعة صغيرة للباب فينفتح ويلج الى داخل الدار محنحنا بصوته مطلقا كلمة يا الله فتسمع النساء صوته الحنون فيسرعن الى غرفتهن الخاصة او الى المطبخ تاركات له الطريق سالكة ممسكا بعصاه المعقوفة من الاعلى والتي يتوكئ عليها ليصل الى حيث يجلس الحاج رضا صديق عمره والطفولة الذي يجلس على اريكة مصنوعة يدويا مفروشة على الارض وامامه نرگيلته الانتيكة وابريق الشاي والذكريات الطويلة بمرها وحلوها ..
اصاب جميع العائلة في تلك الساعة الذعر وانتفض الجميع رعبا وصراخا وعويلا لهول تلك الجلبة و غرفة النوم الوحيدة مكتضة بالاطفال والشباب والفتيات ابناء الحاج رضا وعائلة اخيه اتو لزيارتهم في ذلك اليوم المشؤوم و الكل نيام وسط تلك الغرفة الضيقة فغرف الدار ثلاثة فقط والعائلة كبيرة جدا .. حينما يغط الجميع في نومهم تتشابك الاجساد بعضها فوق بعض مبعثرة هنا وهناك فهؤلاء لم يمنحهم احد من الحكومات السابقة ولا من قضوا ايامهم الاخيرة في عهدها المشؤوم قصورا او بيوتا فارهة تعوضهم سنين الحرمان والقهر الطويل لانهم مجرمين في نظر العبث الطاغي مرتين الاولى لانهم كورد والثانية لانهم شيعة روافض للظلم والطغيان .. وهب الجميع الى حيث مصدر الصوت فكانو امام شياطين الانس بشواربهم الوسخة السوداء المصفرة المفتولة والخاكي ردائهم يتمنطقون بالسلاح وجوهم اشبه ماتكون بوجوه الخنازير الملطخة بقاذوراتها مع ان الخنزير يشعر بالاهانة لتشبيه هؤلاء به ..
تسمر الجميع كل في مكانه فهؤلاء الاوغاد لم ياتوا لتوزيع الورود والحلوى على الاطفال فالاوامر صدرت بتحويل حياتهم الى جحيم مقيم وبسرعة البرق قسُمت العائلة المنكوبة الى قسمين الحاج رضا والشباب والفتيان وعمهم واولاده في جانب والحاجة نرگس زوجته والبنات والاطفال الصغار والرضع في جانب اخر من باحة الدار الضيقة والكل يسمع انفاس الكل والكل يرمق بعضه البعض بنظرات الذهول والحيرة يتسائلون عن سبب مايجري وهم الذين لم يخطط احدهم لمؤامرة لقلب النظام , او شارك احدهم في مظاهرة او عصيان , وامام هذه الحالة لامجال لضياع الوقت فغيرة الحاج رضا واولاده جعلتهم يحدقون في عيون شرفهم ونسائهم مرسلين لهم برسالة فهمتها الحاجة نرگس وبناتها مفادها \" الموت اولى من ركوب العارِ \" فاجبنهم بنظرات عيونهن المرهقات المرتعبات لبيك والدنا واخوتنا لاتبتأسوا لازالت في عروقنا دماء الحسين ولازالت زينب الاسيرة الكسيرة هي قدوتنا ولازالت فينا صلابة الحرة الغيورة فلاتقلقوا علينا .. كانت اللحظات عصيبة على الجميع والجميع يحاول اشباع عيونه من الاخر لان الوضع يشي بفراق طويل وملامح الجريمة كانت واضحة للعيان وحدس الحر لايخطئ ..
وبدأت رحلة العذاب الطويل ..
في لحظة واحدة ومفاجئة اصبحت الحاجة نرگس مسؤولة عن هذا الكوم من الاطفال الصغار واصبح عليها عبئ حمايتهم واشباعهم وووومن المسؤوليات الجسام لم تتعودها فهي كانت تدير شان البيت الداخلي من طبخ وتربية وتنظيف وماشاكل ذلك والرزق يجلبه الاولاد وابيهم من خلال عملهم طوال اليوم خارج المنزل والان انقطع هذا الاتصال وبقيت لوحدها مع هذه المجموعة من الاطفال الصغار فيما افترقت الشاحنتان احدهما تقل مجموعة الشباب والفتيان ووالدهم وعمهم واولاده يرمقون كم اللحم الذي يرونه من تحت اربطة عيونهم يرفعون رؤوسهم قليلا الى الاعلى علهم يشبعون النظر من تلك الوجوه التي لطالما الفوها واحتضنوها الى صدورهم يحرقهم وجع الفراق يشعرون انه سيكون طويلا جدا فيما اقلت شاحنة اخرى النساء والاطفال وكل تحرك الى وجهة غير الاخرى.. وجهتان هما اقرب ماتكونان الى الفراق الابدي منهما الى محنة عابرة وايام وتزول لان الامر لو كان كذلك لما اعتقلوا الجميع بهذه الطريقة الوحشية وكانت الاطفال تشاهد الدماء وهي تسيل من وجوه ابيهم الحنون الحاج رضا واخوتهم وهم يُركلون ويضربون باخمص البنادق و بالايادي والارجل البعثية القذرة لاتراعي مشاعر للطفولة او للامومة تتبعثر اسنانهم على الارض تسجل للتاريخ ان على تلك البقعة من الارض ارتكبت ابشع فئة ضالة لابشع جرائم العصر و التاريخ بحق الكورد الفيلية وسط تكتيم اعلامي وعالمي و مدعي الانسانية رهيب ..
لم تمر فترة طويلة حتى انتهت عذابات الحاج رضا ومن معه في ساعة واحدة والى الابد وهم يركلون ويدفعون حشرا في مثارم اللحم الهائلة والعملاقة استوردت من اوربا لهذا الخصوص تثرم اللحم الانساني والعظام معا وتحيل الجماجم والاضلاع واللحوم مزيجا يسيل مع الدماء كنهر من الحمم البركانية الحمراء تشكوا الى الله ماحل بها , ومن حسن حظهم انهم اجتمعوا في الحياة في تلك الغرف الضيقة متلاحمين في آصرة من الدفئ العائلي تعودوها ولم يحرمهم الله من امتزاج كلهم في بعضهم في النهاية رغم بشاعة الجريمة الى انها ساعة صبر بعدها الفوز بالجنة والرضوان التحموا معانقين بعظهم ممتزجين مضوا الى الله يشكونه ظلم الجائرين والطغاة الفاسقين البعثية المفسدين يترقبون اقبالهم في يوم تجفل كل مرضعة عما ارضعت ليوقفوهم امام اعدل العادلين لايظلم في محكمته احد ..
بقيت حكاية الحاجة نرگس وعائلتها الكبيرة طي النسيان حتى آن اوان كشف كامل الحقيقة ونشر تلك الذكريات وبالمناسبة الحاجة نرگس وعائلتها نسخة طبق الاصل لكل هؤلاء الكورد الفيلية المحرومين المظلومين مرتين كما اسلفت ولابد لنا ان نثبت للتاريخ ايضا ان هذه القصة تكررت مع الملايين من ابناء شعبنا العراقي كورده وشيعته وسنته وباقي مكوناته وكل نال مانال وبمستويات مختلفة .. ولكل فجيعة صورتها ..
الحاجة نرگس حينما تشاهدها اليوم تجدها وحيدة مكسورة فريدة ترمق السماء والارض بعينيها الغائرتين وقد ارهقتها السنين وذكريات العذابات , لازالت تعيش في تلك الغربة المريرة في مخيمات اللاجئين تقول انها لازالت رغم طول السنين تسمع حشرجة تلك الانفاس الاخيرة لاطفالها الصغار يصارعون امام عينيها الموت ووجع الجوع والمرض والبرد القارص ولاتقوى ان تفعل لهم شيئا وتقول انها لازالت تتذكر عيونهم الذابلة والناظرة اليها تستنجد بها فلا تستطع ان تغيثهم وشفاههم المتيبسة وتلك الساعات العصيبة على كل ام ترى اكبادها ولدوا من احشائها وهم يصارعون الجوع والعطش والمرض والموت البطئ ..
تجاعيد وجهها تقول انها تكونت حينما هامت على وجهها بعد ان رميت هناك بين الحدود الايرانية العراقية والحرب مشتعلة وسط اودية موحشة لم تطئها ارجل انسية تسرح وتمرح في كهوفها الوحوش الكواسر .. تقطع الاف الكيلومترات والمسافات سائرة بفلذات اكبادها مع الهائمين وسط تجاعيد تلك الارض ووديانها وجبالها وكيف لاتلتصق وترتسم تلك التجاعيد والتضاريس في وجهها وهي امام ساعات عصيبة مليئة بالافاعي والذئاب والجوع وصوت القنابل المتراشقة وغدر الطغاة .. ساعات بطول السنين والازمان والآهات والهموم ..
عيناها الغائرتين كانهما جمرة متوقدة وسط بركان من الغضب ولكنه خامد لايقوى حتى على اطلاق حممه الغاضبة على الدنيا الجائرة .. تسال الدنيا كلها وتسال الامهات في العالم هل تستطيعون تحمل توسيدكم لفلذات اكبادكم وسط تلك الاودية القصية بين قبر وقبر مسافة كبيرة من الوجع والاحزان والدموع تتركهم دون ان تستطع فعل شئ لهم حتى انها بعد مسافة طويلة تنتابها نوبة فزع وشعور بالذنب تعتقد انهم قد يكونوا اغمي عليهم ولم يموتوا فلاتقوى على الرجوع لتنتشلهم وتعيدهم الى احضانها الدافئة مرة اخرى لانها قطعت مسافة طويلة وتنتهي اوهامها حينما تتذكر انها اهالت الترب عليهم بعد ان وضعتهم في عمق بعيد في الارض الموحشة خشية ان تنبش الوحوش تلك الحفر وتلتهم مابقي من تلك الاجساد الاكباد الغضة .. تلك الاجساد الخامدة كانت بالامس القريب تمرح في باحة الدار وفي الزقاق وفي كل صباح تستيقظ نشطة لتذهب الى المدرسة .. وتخيلوا معها كيف يكون مواصلة الدرب .. صورة نتمنى ان يضعها في اعتباره من يبخس هؤلاء المظلومين حقهم .. وظلم ليس ككل الظلم وانواعه المألوفة انه ظلم بنكهة بعثية وما ادراك ما انجاس البعثية ..
سالتها اماه لماذا تقوس واحدودب ظهرك حتى كأنه جذع نخلة تبرز فقراته بروزا واضحا بنتوئات تستطيع رؤيتها من خلف الملابس والعبائة السوداء البالية .. كانك امام نخلة شامخة محنية الى الارض جذرها في موقع وراسها في موضع اخر وقوس جذعها بين هذا وذاك وتمرها داني القطوف ؟؟
اجابتني ولم تتفوه بكلمة لانها لاتقوى على ذلك .. فهمت من نظرة عينيها الغائرتين وسط وديان جفونها انها انحنائة انحنتها لتوسد اخر اكبادها كانت تمشي بهم على الارض في تلك الوديان القصية ومنذ ذلك الوقت ماعادت تقدر ان تستقيم واقفة .. وهي من تقول وكيف اقف وانا ارمق الارض طوال تلك السنين عليَّ اعثر على بقاياهم فلا اجدها ..
كأني بها لاتريد ان ترفع راسها حينما وسدتهم الثرى والصخور تعتقد ان ثمة امل قد يعيد لها تلك الانفاس التي طالما رشفت منها القبلات وحرارة الضحكات البريئة ولطالما التصقت شفتاها بافواههم تقبلهم مستشعرة تلك الحرارة التي لاتستطيع كل الدنيا وزخرفها وظلمها ان تنسيها اياها ..
بقيت الحجية نرگس محنية الظهر تامل ان تنتشلهم من تحت الترب والصخور وسدتهم بايديها ودموع عيونها هناك برفق وحنين وغطتهم الواحد تلو الاخر والواحدة تلو الاخرى برمل وحجارة وبعض اوراق الشجر حسبته غطاء سيقيهم برد تلك الاودية القارص وتحسب ان احدهم سيصرخ مرة اخرى ماما انا جائع انا بردان فبقيت منحنية لكي تسمعهم جيدا ان اجهشوا بالبكاء هكذا هي تعتقد .. فتفتح لهم صدرها لترضعهم من طهور حليبها حتى يرتوون ليعودوا بعدها لنومتهم الهانئة .. ولهذا بقيت محنية الظهر حتى الساعة ..
بقيت محنية بعد ان وارتهم ثرى الوديان وتجاعيدها صارخة بوجه الدنيا والظالمين توجه صرخاتها نحو السماء تقول والوديان تردد معها صدى الصرخات .. اللهم تقبل منا هذه القرابين .. ترمقهم بنظراتها الاخيرة المتوجعة حد الجزع وهي راحلة الى المجهول ترفض ان تفارق عينيها مرقدهم وهي تردد بنوح وانين الان وقد انكسر ظهري.. الان وقد وهنت قوتي .. الان وقد انتهت حيلتي .. وها انا اليوم اعيش كالاموات حية ولكن منسية غير ناسية انني كنت يوما ما في بيتي الهادئ رغم ضيقه وصغره وقله غرفه .. حتى اتت تلك الوحوش البعثية الكاسرة يترحم العرب اليوم على سافلهم لانه فعل بنا تلك الافاعيل ولكن لاعليهم انما يملي الله لهم ليزدادو اثما فوالله ماسمع واطلع احد على ناعيتنا ولم يبكينا وترحم على قاتلنا الا واذاقه الله تلك البلايا جزاءا وفاقا قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ..
كلما اريد سماع المحنة بصوتها اجده وقد اختفى ما ان يبتدأ سرد الرواية فكيف لها ان تقوى على سرد قصتها وقد بكتهم وناحت عليهم سنين وسنين حتى خمدت اوتار حنجرتها وتقطعت وتوارت خلف تلك الوديان الكئيبة .. وبقيت صدى صرخاتها تتردد حتى الان رغم مضي عشرات السنين هناك وهي تشاهد وترقب اخر رمق من الحياة فارقها بعد ذلك الاحبة الى الحياة الاخرة والى الابد .. ولهذا استأذنتها ان اقول عنها ماتريد قوله وان كنت استطعت او حاولت رسم صورة مأساتها بهذه السطور الفقيرة الا اني اشعر ان هذه الجزئية العينة من قصص المآسي التي عانتها هذه الكتل البشرية الكورد الفيلية لا ولن توضح كامل الحقيقة تلك الحقيقة التي قد تكون هذه القصة بمثابة ارحم القصص التي مرت على الباقين والشهداء المنسيين من ابناء هذه الامة التي اقل مايقال عنها انهم اطيب ابناء هذا الشعب العراقي المنكوب ..
قيل لها بعد سنوات من السقوط حجية نرگس قد آن اوان محاكمة الطغاة وكبيرهم وقد التحق بسعير جهنم والاخرين حوكموا بجرائم اخرى شقيقة لجرائم اقترفت بحقكم ولم يعدموا بعد .. فهل ستفرحين وتنتصب قامتك مرة اخرى ؟؟
انتفضت من خمودها وكاني بها وقد استفزها الظلم الاقسى من ظلم الطغاة .. وكأني بها مارد هزه ظلم الخذلان والنسيان والجحود .. وصرخت باكية وهل لما يزل هؤلاء الاوباش الاراذل احياء ؟؟ وهل بقائهم احياء سيجعلني أرى اكبادي مرة اخرى ؟؟ وهل ستعيد المحكمة لي ضحكاتهم ومرحهم وصخبهم الجميل ؟؟
تمتمت عائدة الى وهنها وخمودها رويدا رويدا ان لم تعد لي تلك الوجوه والاصوات والضحكات والامل بعودتهم من المدرسة فلاحاجة لي بها كل محاكمات الدنيا الصورية .. تبا لمن يترك هؤلاء قيد الحياة ..
وصرخت بوجه من تواجد عندها تلك الساعة وهل الان فقط تذكرتمونا ؟؟
اين عدل وعدتمونا به فيما مضى حينما كنتم تتاجرون بمآسينا وتقولون للدنيا انكم ثائرون على الطغيان لانهم فعلوا بنا مافعلوه وها نحن اليوم لازلنا كما ترون لا بل لما نزل لانمتلك دارنا التي نهبت ولا حتى ثياب واغطية تقينا شر البرد والحر في هذه المهاجر النائية والخيام البالية في ازنا وماجاورها والابعد ؟؟
اين انسانية يتشدق بها الانسانيون طوال هذه السنين ؟؟
هل تريدون ان تخدعونا كما خدعتم ضحايا الانفال ؟؟
اوليس هم ذاتهم من لم يجرأ احد منكم ان يقطع انفاسهم كما قطع انفاس آلاف النفوس ؟؟
اجهشت الحجية نرگس بالبكاء وهي تتذكر زوجها الطيب ورفيق دربها بحلوه ومره الحاج رضا واولادها وصغارها فارقتهم مستشهدين جثث هامدة في وديان قصية واخرين لاتعلم عنهم وعن بقايا اجسادهم شئ ..
هل تريدون ان تتفرج علينا الدنيا وبعدها نتوسل بكم ان تطبقوا عدلكم الزائف ؟؟
اذهبوا انتم وهم الى جحيم واحد فلافرق اليوم بينكم وبينهم .. تمتمت بهذه الكلمات وانحنت مكسورة ..
اطرقت برأسها المثقل بكل الهموم والآهات وضعته بين ركبتيها ممسكة به بيديها وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة بين حرف واخر تجهش ببكاء وانين وكأني بها تقول اتركوني وشجوني .. اتركوني وحنيني .. اتركوني وذكرياتي .. فما عدت ارغب بسماع اصوات كنت اصرخ ولاتسمعني وكنت اناشد ولاتنجدني وكنت اهيم بهم في الوديان والجبال اسمع فيها صدى صوت انين اكبادي والدنيا كل الدنيا وانتم تسمعون وتتفرجون وتاكلون وتشربون وتتدفؤن وترقصون طربا واليوم اراكم حماة الجلادين وقتلة اغلى الغالين .
تلك هي حكاية من قصص الواقع والمعانات التي ذاقها هؤلاء المظلومين المكون الذي قتل مرتين فيما قتل الاخرون مرة واحدة , ابيدوا لانهم كورد عصاة في المفهوم الطغياني الصدامي .. وابيدوا لانهم شيعة روافض لايوالون الدنية ولايقرون لها اقرار العبيد المناكيد .. ولايعطوها بايديهم وقلوبهم اعطاء الذليل ..
تلك حكاية ان صنفت بتصنيفات الاقسى والاكثر قسوة وهكذا فانها ستصنف بانها الاقل قسوة مما جرى على ابطالها الحقيقيون فكيف لي انا الذي اطلع على الكثير من مآسيهم وغيرهم ان يصف حالهم وماخفي من تلك الجرائم كان اعظم ولن استطع وصفه بالصفة الحقيقية لمن عاناها ووقعت عليه .. وهل قول المجرب كقول من سمع وقال ..
لازالت اوجاع هؤلاء المظلومين اقسى من تلك المظالم وكيف لا وهم يطلعون على ردود افعال الامة تجاه محاكمة طغاة هذا الشعب المظلوم وهم يترحمون على اقذر ما انجبت ارحام الباغيات زمرة اقل مايقال عنها انها اقذر زمرة انجبتها ارحام السقوط ..
انها حكاية ومذكرات ام كوردية فيلية اسمها نرگس رماها اوباش العبث الصدامي على الحدود العراقية الايرانية وسط وديان سحيقة واجبرت بعد سلبها ماتملك وقتل اولادها وزوجها واحبتها في المحنة والقومية والدين والعقيدة على قطع مئات الكيلو مترات الشاسعة وسط دوي القنابل المتراشقة بين الجيشين وترصد انياب الوحوش الكاسرة المتربصة بفرائسها معها من بقي من الاطفال بعد ان فرقوا بينها وبين الكبار وقيل لها هذه وجهتك ان عدت ادراجك نسفناك وهم نسفا ليتهم كما تقول فعلوها ولم يتركوني ادفنهم الواحد تلو الاخر يلفظون انفاسهم امام عيوني وبقيت انا الشاهد والشهيد والمكفن لاحبابي واكبادي بورق الشجر وروحي التي لن تنساهم مابقيت حية ..
اقولها اليوم عذرا منكم ايها الطيبون الاصلاء تاخرت بالكتابة عنكم كنت اود ان اقول مالم يقله الاخرون قالو عنكم الكثير وارجوا اني فعلت ذلك واقبل قدميك ايتها الام الفيلية انا تواجدت وانا دفنت وانا بكيت وانا صبرت فنعم عقبى الدار ولعن الله ظالميكم ومن سمع بناعيتكم و قصر بحقكم .
لنشاهد معا هذا النزر اليسير مما فعله طاغية العراق ووحوشه الكاسرة بشعبنا الصابر الأبي ومنهم الكورد الفيلية .. ولن نقبل ان يسالنا احد لماذا نحن قساة بلغتنا مع اعدائنا .. ليسوا ككل الاعداء .. ولن نقبل من احد ان يلومنا لاننا نلعن امة ترحمت على هؤلاء المجرمين وكتبت فيهم القصائد فحق عليهم القول انهم الغاوون في كل واد من اودية الخسة والنذالة والسقوط يهيمون ولاتنسوا اننا نلعن من يترحم على الطغاة منهم طاغية العراق وان كان عددهم بالملايين واكرر لاتنسوا اننا نلعن من يمجد ويترحم على هؤلاء الفجرة الفسقة وسنستمر بذلك حتى يغيرو .. ولنشاهد معا الاسباب الموجبة لذلك :
http://www.youtube.com/watch?v=aKHrxvQ03D0&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=ydDPFdrcJJk&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=DfpUs3v1GoM&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=VkwrNGdIE1g&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=971CiQHwPT8&feature=related