لاشك أن المزايا والضمانات والتسهيلات التي تنص عليها التشريعات عوامل جذب للمستثمرين ومما لاشك فيه فان الدول على مختلف سياساتها الاقتصادية الاشتراكية منها كالصين وروسيا أو الرأسمالية كالولايات المتحدة واليابان وعلى مختلف مستوياتها الاقتصادية المتقدمة منها والنامية وحتى المختلفة بدأت باتخاذ خطوات عملية باتجاه منح المستثمرين وخاصة الأجانب منهم الكثير من المزايا والتسهيلات .
ولا يخفى على المتخصصين في المجالين الاقتصادي والتشريعي فأن العراق وعلى مدى عقود لم يتخذ حتى خطوة واحدة بهذا الاتجاه للأسباب المعروفة لدى العامة والخاصة من إن السياسة الاقتصادية والمالية للنظام السابق لم تكن تؤمن بالاستثمار الأجنبي كخطوة على طريق النمو الاقتصادي والاجتماعي .
وخيرا فعل المشرع العراقي عندما شرع القانون رقم 13 لسنة 2006 الذي ينظم الاستثمار في العراق من حيث تحديد الجهة المختصة بالإدارة الاستثمارية وكذلك نص على امتيازات وضمانات المستثمر وبين
حقوقه والتزاماته وكيفية حل النزاعات المحتملة التي قد تنشأ بين المستثمر والغير .
وعلى الرغم من أهمية التشريع كعامل من عوامل جذب المستثمرين. إلا إن هناك أدوات أخرى لابد من معالجتها حتى نصل إلى أفضل الحالات لجذب المستثمرين .
ومن أدواة الجذب إصدار تعليمات واضحة من السلطة التنفيذية تسهل العمل بالقانون ، ذلك إن النص التشريعي يطلق قاعدة عامة مجردة تحتاج في الغالب إلى إيضاح يمهد الطريق للتطبيق وقد تنص بعض مواد القانون على ضرورة إصدار التعليمات كما في نص المادة /10 ونص المادة 33من قانون الاستثمار .
كذلك إطلاق حملة تدريب لكافة الكوادر المعنية لعملية الاستثمار كالهيئة الوطنية والهيئات المحلية والدوائر الساندة الدوائر كالبلديات والتخطيط العمراني والزراعة والمالية وغيرها...........
لتوضيح فلسفة الاستثمار بشكل عام وفلسفة الدولة في تشريع قانون الاستثمار وما هي الأسباب الموجبة للتشريع ، ذلك أن التشريع لايتحرك لوحده لضبط وتنظيم الحالات وإنما لابد من وجود أشخاص على مستوى عالي من فهم النص وفلسفة النص وفلسفة الحكومة . وحاجتها من إصدار التشريع .
وحتى نخرج من التنظير إلى التطبيق نسوق المثال الأتي .............
ينص قانون الاستثمار العراقي رقم 13 لسنة 2006 على إن للهيئة إصدار إجازة استثمار للمتقدمين للمشاريع الاستثمارية . وعلى الهيئة تخصيص الأراضي اللازمة لتلك المشاريع.
وقد قسم القانون التخصيص على نوعين :-
الأول :- أراضي مشاريع الإسكان .والثاني:- الأراضي والمشاريع الأخرى. وقد نص في المادة / 10 منه للأراضي المخصصة لمشاريع الإسكان .
\"وللمستثمر العراقي والأجنبي لأغراض مشاريع الإسكان حق الاحتفاظ بالأرض بمقابل يحدد بينه وبين مالك الأرض دون المضاربة بالأرض وفق ضوابط تضعها الهيئة الوطنية الاستثمار وبموافقة مجلس الوزراء ، وتسهل الهيئة تخصيص الأراضي اللازمة للمشاريع السكانية وتمليك الوحدات السكنية للعراقيين بعد إكمال المشروع\" .
\"تهدف الهيئة إلى تشجيع الاستثمار من خلال العمل على ما يأتي:-
تسهيل تخصيص الأراضي اللازمة وتأجيرها لإقامة المشاريع بمقابل تحدده الهيئة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة .\"..
ونخلص من التطبيق أعلاه إلى كمايلي :-
1- على الهيئة الوطنية إصدار تعليمات تسهل العمل بالمادة /10 تتعلق بالأراضي المخصصة لمشاريع الإسكان .......
2- على الهيئة الوطنية والهيئات المحلية إيجاد آلية لتسهيل العمل بالفقرة سادسا من المادة /9 للمشاريع الأخرى .
وفي هذا المقام تقتضي استحضار فلسفة الاستثمار واتجاه الحكومة وإرادة المشروع وما هي الأسباب الموجبة للتشريع حتى لايجتهد واضع التعليمات بعيدا عن إرادة المشرع ذاته وقت التشريع وحتى لا يضيع الحكمة من تشريع القانون .
حيث تتباين وجهات النظر حول بدلات الأراضي سواء المخصصة للإسكان أم للمشاريع الأخرى عند رجال الإدارة في الدولة وهم يمثلون طرفا واحدا في الدولة وتتصارع الإرادات بين الإدارة والمستثمر باعتبارهما طرفان في العلاقة كل يبغي المنفعة لنفسه .
وحل هذه المشكلة كما أرى أن فلسفة الاستثمار تقوم على التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإيجاد فرص عمل للعاطلين ونقل التكنولوجيا واللحاق بركب الدولة المتطورة وتعزيز القدرة التنافسية في الأسواق المحلية والأجنبية ولا تقوم بشكل أساس على الإيرادات المباشرة المتحصلة من ريع وبدلات الأراضي خاصة ونحن في مراحلنا الأولى للاستثمار ، وان مسالة زيادة الإيرادات المباشرة سوف تزداد بعد دخول المستثمرين والبدء بالمشاريع الاستثمارية وتعمير الأراضي الغير مستغلة.
ويمكن استخلاص النتيجة المتقدمة من نصوص القانون ذاته فقد أعفى القانون المشاريع الاستثمارية من الضرائب مدة تتراوح من 10-15 سنة وهي مبالغ ضخمة جدا إذا ما قورنت ببدلات الأراضي كذلك أعفى الموجودات والمكان والعدد والآلات واللوازم المستوردة لأغراض المشروع المشمول بالقانون من كافة الرسوم ،كما سمح لأصحاب الفنادق والمؤسسات التعليمية والصحية بتجديد الأثاث مرة كل أربع سنوات ودون أية رسوم ، كما أعفى المكائن المستوردة لأغراض تحديث وتطوير المشاريع من الرسوم كذلك ..
وسمح باستيراد 20% من قيمة المكائن كأدوات احتياطية معفاة من الرسم ...........
ومما تقدم نرى أن السياسة الاستثمارية للدولة تسير باتجاه جذب ألاستثمارات .. هدفها ليس الإيرادات المباشرة في الاستثمار عليه أرى أن لا نغالي بتحديد بدلات الأراضي وجعل هذه الميزة من أدوات جذب الاستثمار..
وسوف نتكلم بعون الله عن سرعة منح تراخيص الاستثمار في وقت آخر إنشاء الله باعتبارها أداة من أدوات جذب الاستثمار .
جمال عبد كاظم الحاج ياسين
نائب رئيس هيئة استثمار كربلاء المقدسة
أقرأ ايضاً
- الاستثمار في العراق سلاح ذو حدين !
- إشكاليَّة الاستثمار الصناعي في العراق
- وقفه على مقال (الاستثمار الأجنبي المباشر يساعد على نهضة العراق)