- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الانتخابات المحلية ...وصعوبة القرار
مع بدء العد التنازلي للانتخابات المحلية القادمة المقررة في الحادي والثلاثين من شهر كانون الثاني القادم ،ازدادت النقاشات بين الأهالي وارتفعت وتيرتها في مايتعلق بامرين الاول المشاركة في الانتخابات من عدمها ،واخرى تتعلق بعملية اختيار المرشح لو افترضنا جدلا الاشتراك فيها ،خصوصا وان الشوارع والازقة وجدران المحلات والبيوتات قد غصت مؤخرا بصور المرشحين وتناقلت طروحاتهم عبر الناس والتي من خلالها تباينت الاراء باختيار هذا المرشح او ذاك والذي يعد بالتالي من نتاجات الديمقراطية ..
...وبالعودة الى الامر الاول وهو المشاركة في الانتخابات او عدمها يظهر لنا ان غالبية الجماهير بدات تستوعب خطورة هذه المرحلة بسبب المشاكل التي عانتها من خلال اختيار مرشحين غير اكفاء في الانتخابات السابقة ،والتي كانت اساس الطائفية والمحاصصة التي بنيت عليها الحكومة فيما بعد والتي ذاق الشعب العراقي ويلاتها من خلال الاوضاع الامنية الصعبة التي عاشتها غالبية المحافظات والحالة الاقتصادية السيئة ومارافقها من انتشار ظاهرة الفساد الاداري والمالي في غالبية المؤسسات الحكومية ان لم نقل كلها ،لذلك كان لابد للمواطن من ان يختار المشاركة في الانتخابات للتخلص ان امكن من تلك الاعباء والتركات الثقيلة التي خلفتها الحكومات المتعاقبة بعد دخول الامريكان خاصة اذا اخذنا بالاعتبار انها ورثت اعباء كثيرة من النظام السابق ...
ولكن ..تظهر مشكلة اخرى على الساحة مع اختيار المشاركة الا وهي نزاهة تلك الانتخابات ،والسؤال هل ان الاحزاب والتيارات التي جاءت بعد 2003 والتي خططت الكثير للوصول الى مناصبها ستتخلى عنها بسهولة الى اشخاص مستقلين ،خصوصا اذا ماعرفنا حجم ماآلت اليه عملية الوصول الى كراسي الحكم الحالية (من عمليات قتل وتهجير طائفي واغتيالات لهذه الشخصية او تلك بحساب ان الغاية تبرر الوسيلة ) في حقبة معينة ،رافقتها تنازلات من هذا الطرف او ذاك خلال حقبة اخرى وصولا الى مشاركة في السلطة تحت عناوين وشعارات رنانة مثل المصالحة الوطنية وغيرها من المشاريع التي استنزفت الكثير من الاموال والدماء وبالتالي خلقت المحاصصة الطائفية التي ابتلي بها الشعب لاحقا ...
وعودا الى سؤالنا السابق هل ستتنازل تلك الاحزاب عن مناصبها ام لا ؟ اعتقد من خلال تلك المقدمة واخرى لم يتسن لذاكرتي حضورها انها لن تتنازل باغلى الاثمان حتى لو كلف ذلك مزيدا من الدماء والاموال ...
الامر الاخر الذي اعتبره دليلا باعتقادي على عدم امكانية نزاهة الانتخابات هو استغلال المناصب الوظيفية من اجل الدعاية الانتخابية،وكذلك صرف الاموال ببذخ شديد على ذوي الحظ العظيم الذين يحضرون المؤتمرات او اللقاءات مع ذلك المسؤول اوغيره من شيوخ عشائر ومواطنين وحتى الصحفيين والتي تصل في بعض الاحيان الى مئات ملايين من الدنانير بحساب بسيط ان الفرقة التي انشدت الى احد المسؤولين خلال زيارته احدى المحافظات قد كرمت بمبلغ عشرة ملايين دينار لقاء انشودة استغرقت من الوقت عشر دقائق .. وعند مناقشة مصدر هذه الاموال وامكانية صرفها يقال هذه من التخصيصات المالية لتلك الشخصية ،واتذكر هنا قصة الصحفية الامريكية بربارا التي قابلت صدام وسألته عن سر وجود صوره في اغلب البيوتات العراقية \"ذلك لانها لاتعلم بما كان يجري في العراق في تلك الفترة \" فأجابها ببرود انه يستطيع ان يغدق الاموال على أي بيت عراقي ليغير حاله المادي من حال الى حال وهذا لايتمتع به غريمه في الولايات لمتحدة ،حينها اجابته الصحفية بذكاء \"ان رئيسها لايستطيع ان يتصرف بدولار واحد من خزينة الدولة مالم تكن بموافقة الكونغرس\" ،فعجبا للذي يجري الان خصوصا ان القائمين على دفة الحكم كانوا معارضين لسياسة النظام السابق ...
ودليل اخر يضاف على الذي اذهب اليه وهو ما اكده الناطق باسم الحكومة علي الدباغ لدى مشاركته في برنامج \"في صلب الموضوع\" الذي يبثه إسبوعيا \"راديو سوا\"،حيث قال بالحرف الواحد \"خشيتي الآن هو أن الأصوات تشترى. المال يُستخدم. وهذه خشية كبيرة جدا، لأنه حقيقة عندما تأتي بعض الأحزاب وتدفع الناخب على أن يقسم على القرآن وتقول له يجب أن تقسم على الدين، هذا يعتبر تجاوزا على الدين وعلى كل المقدسات\".
واضاف الدباغ بالحرف \"هذه محاولة قسرية لبناء ديمقراطية مشوهة. أنا أقول أن الديمقراطية بئر نشرب منها الماء، فلماذا نرمي الأحجار فيها؟ سنتستفيد منها (الديمقراطية) نحن وأولادنا والجيل القادم. هل الهدف هو بناء ديمقراطية هزيلة، ديمقراطية مشوهة أو بناء بلد منيع فيه مؤسسات. أنا أتصور وجود رؤية لبعض الأحزاب، ومع الأسف، تجنح لها في محاولة للسيطرة على مفاصل السلطة بهذه الطريقة\"
ويمضي الدباغ بالقول : \"الحقيقة، أنا شخصيا قلق من الاختراقات والتجاوزات لمراكز الاقتراع من بعض القوى التي تحاول أن تستخدم هذه الطريقة التي تعتقد أنها طريقة مسموح بها أو طريقة مشروعة. هذا ما يقلقنا في العراق. أن تأتي قوة عبر انتخابات نزيهة وشريفة فأهلا وسهلا، ولكن عندما تأتي عبر الطرق الملتوية، حتى ليست داخل مراكز الاقتراع، حتى عند استخدام الدعاية الانتخابية القسرية مثل ما رأينا في الانتخابات السابقة، هذا يعتبر تجاوزا على خيارات المواطن\"
ولكن وبعد كل هذه الحقائق والاراء هل يعني هذا الخنوع والاستسلام وعدم الذهاب الى الانتخابات ،باعتقادي يجب على المواطن وعي هذه المرحلة الخطيرة من خلال إن الأحزاب الموجودة على الساحة لديها اصوات خاصة بها تجعلها في حال عدم مشاركة البقية ،من الفوز فيها وستبقى المعادلة العراقية كما هي لاربعة اعوام لاحقة وحينها نصل حتما الى احزاب ديكتاتورية بدلا من شخص ديكتاتوري ..
ان الانتخابات القادمة تكمن صعوبتها في الاختيار ومهما كانت درجة نزاهتها ،لان هنالك كثيرا من الشخصيات التي تستحق الاحترام لذلك يجب على المواطن التمحيص كثيرا لمن يختارهم حتى لو وصل به الامر ان يسال ويستفسر طيلة المدة المتبقية ...وهنا سؤال يطرح نفسه يقول ماهي ضمانات الاشخاص الذي سنعطي لهم اصواتنا فنقول ان الضمان هو المستقبل بمعادلة رياضية بسيطة ان المجلس القادم لو ارتقى اليه خمسة وعشرون في المئة من الاشخاص الكفوئيين فسيرتقي المجلس القادم النصف وهكذا الى ان نصل الى دولة القانون الحقيقية التي تحكم الوزير قبل الغفير وهذا ليس كلاما مثاليا او رومانسيا بل واقع عاشته شعوب جاهدت في سبيل مستقبل ابنائها ...
مصطفى حميد
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- كيف ستتأثر منطقة الشرق الاوسط بعد الانتخابات الرئاسية في ايران؟
- قبل الانتخابات وبعدها