بقلم: القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
مع التطور المتسارع في ظهور مواقع التواصل الاجتماعي وزيادة عدد مستخدميها في العالم الافتراضي فقد تغيرت الكثير من المفاهيم وأصبحت الحياة اكثر سهولة حيث ان الهدف من مواقع التواصل الاجتماعي هو تسهيل عملية التواصل وجعلها بسيطة وغير مكلفة وتساعد في تبادل الأفكار ومع الإيجابيات الموجودة في استخدام تلك المواقع إلا أن هناك آثارا سلبية حيث استخدمت مواقع التواصل الاجتماعي في ارتكاب الجريمة كالسب والقذف والتشهير والابتزاز وانتهاك الآداب العامة.
بل ان البعض استخدمها كوسيلة في زعزعة النظام العام ونشر الشائعات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وسرعة تداولها بين أفراد المجتمع نتيجة ما تتميز به هذه الشبكات من سهولة في نشرها وإرسالها لعدد كبير من الناس مستغلين عدم وجود القيود على تداول المعلومات مما أدى إلى استخدامها استخدام سيئ من قبل أصحاب النفوس الضعيفة في إثارة الفزع والفتن في المجتمع والإضرار بالأمن الداخلي للبلد ويعد نشر الشائعات من اشد مخاطر إساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، لأن الشبكات تسهم في انتشار الشائعات وتضخيمها بشكل مبالغ فيه في فترة قصيرة لا تستغرق ساعات وفي ظل صفحات التواصل الاجتماعي التي أوجدت مجتمعات افتراضية فإن الشائعات تنتشر بكل سريع ويتم مشاركتها والشائعات المجرمة ترتبط بتكدير الرأي العام وزعزعة الثقة بمصالح الدولة الحيوية واهمها الوضع الأمني والاقتصاد والعملة.
وقد اعتبر المشرع العراقي جريمة نشر الشائعات من الجرائم الماسة بأمن الدولة وعاقب عليها في المادة ١٧٩ من قانون العقوبات العراقي المرقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ المعدل حيث يعاقب بالسجن مدة لاتزيد على عشر سنين من أذاع عمدا في زمن الحرب اخبارا أو بيانات أو شائعات كاذبة أو مغرضة أو عمد إلى دعاية مثيرة وكان من شأن ذلك إلحاق الضرر بالاستعدادات الحربية للدفاع عن البلاد أو العمليات الحربية للقوات المسلحة أو إثارة الفزع بين الناس أو إضعاف الروح المعنوية، كما عاقب المشرع العراقي على جريمة نشر الشائعات التي تتعلق بالاقتصاد الوطني والثقة المالية.
وتهدف الشائعات إلى التحريض والإثارة حيث أن الشائعة هي ترويج لخبر مختلق لا أساس له من الواقع والتشويه في سرد خبر أو إضافة معلومات كاذبة أو مشوهة والتعليق عليه بأسلوب مغاير للحقيقة وذلك بهدف التأثير النفسي في الرأي العام وقد ساهمت مجموعة من العوامل في انتشار الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي منها كثرة وجود هذه المواقع وسرعة انتشار المعلومات بين المستخدمين وصعوبة التعرف على شخصية مطلقي الشائعات.
وتعتبر الشائعات من جرائم التعبير باعتبارها تعتمد في تحققها على الاستخدام غير المشروع للتعبير فالجاني من مروجي الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي يستخدم التعبير اللفظي أو الكتابي بصورة عمدية لتحقيق غرض غير مشروع، ولا تقتصر الشائعة على استهداف الأفراد فقط حيث تستخدم في الكثير من الأحيان لزعزعة استقرار المجتمع وتهديد أمنه ونجد من الضروري التأكيد على تفعيل محاربة الشائعة وخصوصا التي يتم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتجريم كل من قام قصدا بإرسال أو بإعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو تقنية المعلومات أو أنظمة المعلومات أو الموقع الإلكتروني أو منصات التواصل الاجتماعي تنطوي على أخبار كاذبة تستهدف الأمن الوطني والسلم المجتمعي والنص على تجريم الشائعة الإلكترونية من خلال تشريع قانوني والنص على تعريفها وأركانها وتشديد وتغليظ العقوبات المقررة لها قانونا.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!