يعاني العراق من كارثة زراعية وحياتية بسبب أزمة جفاف أججتها مشاريع تركيا وإيران على الأنهار المشتركة والتغير المناخي، حيث يؤدي التصحر إلى العديد من الآثار السلبية، من أبرزها انخفاض إنتاجية الأراضي الزراعية، وتدهور الموارد المائية، وتهديد الأمن الغذائي للسكان، وزيادة معدلات الفقر في المناطق المتضررة.
وفي هذا الإطار، أعلنت وزارة الزراعة، اليوم الاثنين، فقدان العراق 60% من الأراضي الزراعية المروية بالأنهار، بسبب الجفاف.
ويفقد العراق 100 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية سنوياً نتيجة التصحُّر ويخلُص تقرير، صدر عن وزارة الموارد المائية العراقية، إلى أن موجات الجفاف الشديد المتوقعة حتى سنة 2025 ستؤدي إلى جفاف نهر الفرات بشكل كامل في قطاعه الجنوبي، بينما سيتحوَّل نهر دجلة إلى مجرى مائي بموارد محدودة.
إذ قال المتحدث الرسمي للوزارة محمد الخزاعي، بحسب صحيفة “الصباح” الرسمية، أن “العراق فقد ما يقارب 60 % من الأراضي الزراعية المسقية بمياه الأنهار بسبب شح المياه والتغيرات المناخية الصعبة التي ضربت العراق مما اضطرنا لتقليص مساحة خطتنا الزراعية الشتوية الخاصة بمحصول القمح إلى مليون ونصف المليون دونم فقط”.
وأشار إلى “اجتهاد الوزارة لايجاد البدائل من خلال التوسع في الأراضي الصحراوية عن طريق ري هذه الأراضي بالمرشات التي تروى بالمياه الجوفية”.
وأضاف انه “استطعنا زراعة 4 ملايين دونم لتعويض النقص بالأراضي التي تروى عن طريق الأنهر، ونجحنا بإنتاج 6 ملايين و400 الف طن من الحنطة”.
وانخفضت مساحة الأراضي الزراعية في العراق المسقية بمياه الأنهر بنسبة 60%، أي نتيجة تقليص المساحات المزروعة من 6 ملايين دونم الى حوالي 2 مليون دونم فقط.
وكانت لجنة المياه والاهوار البرلمانية، كشفت في 12 آيار الماضي، عن عدم تطبيق تركيا الاتفاقية بشأن الحصص المائية العادلة، داعية الحكومة إلى استغلال الحكومة مقررات القمة العربية التي عقدت في المنامة لضمان حصوله على حقوقه المائية من تركيا.
وشدد البيان الختامي للقمة العربية التي عقدت في العاصمة البحرينية المنامة، في 16 آيار الماضي، على أن الأمن المائي العربي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، خاصة لكل من جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان، والتشديد على رفض أي عمل أو إجراء يمس بحقوقهما في مياه النيل، وكذلك بالنسبة للجمهورية العربية السورية، وجمهورية العراق فيما يخص نهري دجلة والفرات، والتضامن معهم في اتخاذ ما يرونه من إجراءات لحماية أمنهم ومصالحهم المائية، معربين عن القلق البالغ من الاستمرار في الإجراءات الأحادية التي من شأنها إلحاق ضرر بمصالحهم المائية.
ووصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 22 نيسان الماضي، إلى العاصمة بغداد في زيارة هي الاولى منذ 13 عاما، فيما وصف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، زيارة اردوغان الى العراق، بأنها “ليست زيارة عابرة”، وستتضمن لأول مرة وضع الحلول بدلا من ترحيل الأزمات، فيما وقع العراق مع تركيا ، 26 اتفاقية ومذكرة تفاهم تتعلق بمجالات مختلفة أبرزها اتفاقية إدارة الموارد المائية.
ورغم الترحيب الرسمي، فقد أثارت الاتفاقية غضب خبراء المياه لعدم إنهائها الخلاف حول “محلية” أم “دولية” نهري دجلة والفرات، وعدم الوضوح في تحديد كميات المياه التي سيتم إطلاقها إلى العراق، حيث تعتبر أنقرة نهري دجلة والفرات نهرين محليين تركيين، وليسا نهرين دوليين.
وحذر تقرير صادر عن منظمة اليونسكو، فى 1 نيسان الماضي، بأن يكون العراق مقبل على حرب مياه بحلول العام 2050.
وأدى ارتفاع درجات الحرارة في العراق إلى انخفاض كبير في هطول الأمطار السنوي، والذي يبلغ حاليا 30 في المئة، ومن المتوقع أن يصل هذا الانخفاض إلى 65 في المئة بحلول عام 2050.
وأصبحت تربية الجاموس “عبّ” على عاتق المربين فغياب المراعي الخضراء أدى إلى ارتفاع “العلف النباتي” من 300 الف دينار للطن الواحد إلى 800 ألف.
ويرى مختصون أن العراق مقبل على كارثة بيئية اذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن، وهذا سيكون بمثابة كارثة إنسانية لبلاد ما بين النهرين، وبالتالي هجرة الريف إلى المدينة في ظل عدم نجاح الحلول الحالية، فمن الأفضل للسلطات العراقية التوجه إلى إستراتيجية وطنية جديدة، تعمل على ترشيد استخدام المياه، ورسم سياسة ري جديدة للأراضي الزراعية، وتحديد حصص المحافظات، والعمل بجدية على وقف التجاوزات الموجودة في بعضها.
ويشتكي العراق منذ سنوات من السياسات المائية غير العادلة التي تنتهجها تركيا، عبر بناء العديد من السدود على نهر دجلة ما تسبب بتراجع حصصه المائية، وأيضاً إيران، من خلال تحريف مسار أكثر من 30 نهراً داخل أراضيها للحيلولة دون وصولها إلى الأراضي العراقية، بالإضافة إلى ذلك، فاقمت مشكلة الجفاف وقلة الأمطار خلال السنوات الأربع الأخيرة من أوضاع البلاد البيئية والزراعية.
وانخفض الحجم الإجمالي للمياه الواردة من دجلة والفرات بشكل ملحوظ من 93.47 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى 49.59 مليار متر مكعب في عام 2020، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تصرفات دول المنبع.
أقرأ ايضاً
- روسيا تعلن نجاح اختبار صاروخ "أوريشنيك" وتدميره مصنعا عسكريا شرق أوكرانيا
- استشهاد 42 شخصا في أحد أعنف "الاعتداءات الطائفية" في باكستان
- إسرائيل تجدد غاراتها على الضاحية.. الصحة اللبنانية تعلن استشهاد 40 شخصاً (فيديو)