- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تعديل الدستور الخطوة الاولى نحو الاصلاح السياسي في العراق
بقلم: د. أحمد عدنان الميالي
تعتبر مسألة التعديلات الدستورية في العراق غاية في الاهمية؛ لأنها اهم وانجع طرق الاصلاح السياسي والقانوني الذي يحتاجه البلد في الوقت الراهن، نظرا لتعكز القوى السياسية على ثغرات الدستور في التنصل عن عدم القيام بأي شيء اتجاه واجباتها ازاء الشعب في مسائل عديدة اهمها: طبيعة النظام السياسي والقانوني الذي يفرض في احيانا كثيرة مطبات ومعوقات تتقاطع وعملية بناء دولة قانون ومؤسسات مستقلة حيادية فاعلة اضافة الى الجمود والشلل السياسي الذي يعتري العملية السياسية بشكل مستمر، ما يؤدي الى مشكلات كبيرة في الوضع العام للبلد اقتصاديا وسياسيا وامنيا سواء في طريقة تشكيل الرئاسات الثلاث او تأخر اقرار الموازنات العامة وتلكؤ وعجز في المشاريع التنموية، اضافة الى الخروقات الامنية التي ترافق الانسدادات والخلافات السياسية ما يؤثر بشكل واضح على حياة المواطن العراقي الذي وجد بطريقة الاحتجاج والتظاهر والرفض لكل ماهو سياسي للتعبير عن مطالباته بالتغيير والاصلاح، ما يضع امام صناع القرار وضع حلول وبدائل عاجلة للاستجابة لهذه المطالب واهم هذه الحلول والبدائل وعلى رأسها المسألة الدستورية الحاكمة للعملية السياسية العراقية، فهل يحتاج الدستور الى تعديل ام وضع دستور جديد، ام البقاء على هذا الدستور كما هو عليه؟ وهل هنالك مسالك وطرق للتعديل او الوضع؟ ام ان الازمة بنيوية شاملة لا يمكن وفقا للجمود الدستوري وعدم التوافق السياسي والاجتماعي على مسألة تجاوز ازمة تعديل الدستور.
في الحقيقة هنالك معوقات عديدة امام تعديل الدستور تترسخ بطرق التعديل الواردة في الدستور ذاته في مواده ١٢٦-١٤٢ التي تعيق الى حد كبير امكانية التواصل الى تفاهمات بالحد المقبول والمعقول على التعديل، فالمادة ١٤٢ يعيقها الحظر الجغرافي التي قيدت امضاء الدستور برفض ثلثي المصوتين في ثلاث محافظات، والمادة ١٢٦ لا يمكن اللجوء اليها الا بعد استكمال تفصيلات المادة ١٤٢ حسب ما قررته المحكمة الاتحادية كما انها تصطدم بضرورة التصويت على تلك التعديلات داخل مجلس النواب بأغلبية الثلثين ثم تعرض على الاستفتاء الشعبي، وهنا اغلبية الثلثين صعبة ايضا ولا يمكن ان تتحقق فأساس التعطيل والانسداد السياسي الذي مررنا به ولازلنا كان نتيجة عدم تحقق هذا النصاب في قضية شكلية ومؤقتة وهي انتخاب رئيس الجمهورية فكيف تتحقق في مسألة جوهرية وحساسة كتعديل الدستور؟، يضاف الى ذلك وجود خلافات سياسية عميقة تقف عائقا امام اجتراح اي حلول واتفاقات على قبول فكرة التعديل اساسا، اذ ان اي تعديل يمس الدستور يعني ان اطرافا ستشعر بالمغبونية واطراف لن تحصل على شيء جديد واطراف ستكون هي الرابحة وفقا للتقسيم المكوناتي في البلد.
كما ان هنالك عقبات حول من سيقوم باقتراح تعديل الدستور ومن سيتبنى ذلك ؟ وماهي طبيعة تكوين وخلفيات لجان التعديلات الدستورية وهل ستستوعب التحديات وتمثل عمق مكونات الشعب العراقي اضافة الى الخبرة الدستورية والقانونية والسياسية والادارية والصفة الوطنية لمن سيكلفون في هذه اللجان؟ ومن سيختارهم؟ اذا كانت القوى السياسية التي هي اساس المشكلة او ذات القوى التي شاركت بوضع الدستور الدائم واتهمت بانتهاكه وتأويله فما الفائدة من تعديله من قبل ذات تلك القوى؟، واذا كانت القوى المكلفة بذلك من خارجها هل ستكون حيادية وغير تابعة لها ولن تؤثر عليها؟ وهل لديها الخبرة والقدرة؟ وهل تقتنع القوى الحاكمة بتعديلات دستورية تقلص حجومها ونفوذها السياسي لصالح المواطن ولصالح القانون ودولة مؤسسات؟.
هذه اهم ازمة تواجه مشروع تعديل الدستور وتحتاج الى سعة نظر في كيفية التوصل الى صيغة او الية معقولة ومنطقية لتكليف من سيقوم باقتراح التعديلات الدستورية والقبول بما ستأتي به مع دعم لجماهير هذه القوى لتأييد فكرة التعديلات الدستورية وعدم الاعتراض عليها او وضعها على الرف اكثر من مرة.
ان الدستور الحالي لم يعد صالحا وتولد تفسيراته انسدادات سياسية مستمرة رغم ان العيب ليس في الدستور نفسه انما في الذين لا يطبقوه ولا يحترموه، لكن هذه الازمة في ظل وجود تحديات ومعطيات سياسية وامنية واحتجاجية معقدة يجب ان تدفع القوى الحاكمة على الاتفاق السياسي على انجاز ملحق اضافي للدستور يتضمن مجموعة من القواعد الدستورية وفقا لقواعد تعديل الدستور النافذ بموجب المادة ١٤٢ منه تراعى ما جاء في المادة ١٢٦، يعالج كل الارتباكات والغموض للمواد القابلة للتأويل ويعمل على اجتراح مرحلة سياسية جديدة تتضمن الاستجابة لمطالب واحتياجات الشعب العراقي من حيث شكل النظام السياسي ومخرجاته بشكل كامل ومعالجة القصور المذكور في الفقرات السالفة الذكر اعلاه مع حسم كل المواد الدستورية الخلافية القابلة للتأويل والتفسير وتلك التي لجأوا للمحكمة الاتحادية لتفسيرها ولم تحصل القناعة السياسية حولها، وعرض هذا الملحق على الاستفتاء، والعمل على تطبيق هذه التعديلات الواردة في هذا الملحق، وحتى ان لم تجتاز عقبة الاستفتاء فبالإمكان اضافة بعض التعديلات واعادة الاستفتاء مرة اخرى فالمحاولة لتجاوز ازمة التعديلات الدستورية افضل من الدوران في هذه الازمة دون محاولة.
أقرأ ايضاً
- ما موقع العراق مما يجري في سوريا؟
- الأطر القانونية لحماية البيئة من التلوث في التشريع العراقي
- التقاضي الإلكتروني.. نحو عدالة الذكاء الاصطناعي