رغم البرد والضباب وشحة المياه الا ان بحيرة الرزارة فتحت ذراعيها لمئات الصيادين الذين نصبوا خيامهم الزرقاء وزوراقهم على ضفافها يبحون عن رزق يطعمون به الاف العائلات التي تقف خلفهم فيرمون شباكهم كل يوم ليغرفوا من خيرها، وينسل بين الخيام ومع الصيادين كل يوم المئات من المتنزهين بينهم عائلات من اهالي كربلاء المقدسة ومحافظات اخرى، يوقفون سياراتهم ويفرشون البساط على الارض ويوقدون نارهم فيشوون السمك ويتمتعون بالاجواء الجميلة لساعات ثم يرحلون، كل هذا يحصل على الرمل مقابل الماء في بحيرة تستصرخ المسؤولين ان يطلقوا المياه عليها ليرووا عطشها ويحولوها الى مشروع سياحي متكامل المرافق فيه جدوة اقتصادية وخدمة للمواطنين والصيادين.
السمك والخير الوفير
الصياد حسين تركي العامري توارث المهنة عن آبائه وأجداده ويمارسها منذ اربعون عاما في بحيرة الرزازة يتحسر بقوله هنا الاف العاملين يكسبون قوتهم من مهنة الصيد في البحيرة التي كانت زاخرة بالثروة السمكية، فهم يبيتون لايام على ضفاف البحيرة بخيم بسيطة ومعدات قليلة من الطعام والفراش، لانهم في كل الضروف الجوية يقومون بنصب شباكهم منذ ساعات الفجر الاولى ويتركوها يوما كاملا في الماء ليسحبوها في صباح اليوم التالي، ويخرجون صيدهم ليبيعوه الى متعهد تسويق السمك المسمى (السفاط) ومن هذا الصيد الذي يباع باسعار رخيصة 500 ـ 600 دينار للكيلوغرام الواحد يحصل مجموعة من الاشخاص على ارزاقهم بينهم الصياد والعاملين معه والسفاط وباعة السمك في الاسواق وصناع الزوارق وبائعي مستلزمات الصيد وبائعي الوقود وغيرهم.
شحة الماء
اكبر معاناة تواجه الصيادين يلخصها العامري خلال حديثه لوكالة نون الخبرية، بشحة الماء في بحيرة الرزازة التي حصلت بعد سقوط النظام المباد بعدما كانت البحيرة ترفد بالمياه من بحيرة الحبانية والتي تتغذى بدورها من بحيرة حديثة تسبب في اختفاء الثروة السمكية التي كانت متواجدة سابقا مثل اسماك الكطان والبنّي والشبّوط الذي اصبح يموت من قلة الاوكسجين، واقتصر على ما موجود الان الاسماك الصغيرة المسماة (الحرش) التي يتعب الصيادون في صيدها من جراء انخفاض مستوى المياه، منوها الى ان بحيرة الرزازة تجمع صيادين من مختلف محافظات العراق من المحافظات الوسطى والجنوبية ورزقها ينتفع به الجميع، بينما من يريد الصيد في محافظة اخرى يستوفى الساكنون على كتف الانهار او البحيرات منه مبلغ (ضمان) يفوق المليون دينار حتى يسمحوا له بالصيد.
امور لوجستيه
"مو صعبة" بهذه الجملة اختصر الصياد سلام جليل امكانية تحويل بحيرة الرزازة الى مشاريع اقتصادية مدرة للاموال، حيث اشار وهو الصياد منذ 25 عاما الى ان الجهات المختصة يمكنها ان توفر لنا كرفانات يتم استئجارها بمبلغ شهري للصيادين الذين يبلغ عددهم بالمئات وكذلك توفير الكهرباء مقابل اجر سواء بتأسيس محطة فرعية او مولدات ليتمكن الصيادون من توفير السمك باسعار رخيصة وتنافسية للعائلة العراقية، كما يمكن للحكومة المحلية رصف الاراضي الرملية التي يستخدمها الصيادون بواسطة الصب او الحجر او الحصى ليسهل تحركهم وعمهلم كما توصل الشارع العام بالبحيرة بشارع او شارعين معبدة لان الامطار تمنع الصيادين من الصيد لمدة ثلاثة ايام بسبب الطين والوحل الذي يمنع حركة السيارات وهو يؤدي الى ارتفاع الاسعار.
امنيات المتنزهون
الشيخ ليث التميمي الذي اصطحب اخوته وابنائه وفرش البسط واشعل نارا استعداد لشوي السمك، نبه الى امر مهم تمثل في ان مياه الصرف الصحي لمحافظة كربلاء اصبحت تصرف الى مياه البحيرة وهذا خطر بيئي حيث تبدل لون مياهها، كما اشار الى ان اهالي كربلاء يتمنون ان يُلتفت الى البحيرة وتحويلها الى مشروع سياحي متكامل كما موجود في الدول المجاورة فالعائلة التي تأتي الى الرزازة تفتقد الى ابسط مقومات الراحة مثل الامان الذي يفتقد مع تواجد مجاميع شبابية تمارس افعالا لا تتناسب مع تواجد العائلات، كما يفتقد الى المنشئات السياحية مثل المطاعم او الكازينوهات او المجمعات الصحية وباقي الخدمات التي تسهل التنزه، مشددا ان توفير مثل تلك الامور واستيفاء مقابل مادي سيجعل البحيرة مرفقا سياحيا يدر الاموال للجهات الحكومية المختصة من جهة ويفتح المجال لملايين العراقيين بالتنزه من جهة اخرى.
الطرق والخدمات
اما حيدر يوسف الذي قدم مع عائلته من محافظة البصرة فتمنى ان يحال انشاء المشروع السياحي الى مستثمر نزيه يمكنه ان ينشأ شوارع توصل من الشارع العام الى البحيرة وتعبيد او صب مساحات موازية لجرف البحيرة وانشاء امكنة للجلوس ووضع منصات لشوي السمك وهي الاكلة التي يعدها اغلب المتنزهين، وكذلك توفير الماء والكهرباء والامن وتخصيص امكنة للعائلات ووضع العاب للاطفال وتحويلها الى مناطق تنزه يمكنها استعياب الملايين خلال العام الواحد لاسيما ان محافظة كربلاء مدينة مقدسة تستقبل الملايين على مدار السنة، واخرى للعزاب وثالثة للصيادين وجباية الاموال من كل من يقصد هذه المناطق.
قاسم الحلفي - كربلاء المقدسة
تصوير: عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- صراع دولي وشبهات فساد.. هل تفشل الاتفاقية العراقية الصينية؟
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟