جواد العطار
الشد والجذب الطويل الذي شهده البرلمان الاسبوعين الماضيين لاتخاذ قرار تحديد موعد الانتخابات المقبلة اثر سلبا على مجمل العملية الانتخابية، فبين مؤيد ورافض لموعد الثاني عشر من ايار ومن ثم قرار المحكمة الاتحادية العليا التي ثبتت الموعد وألزمت البرلمان بالتصويت عليه... تضررت صورة البرلمان دائم الانقسام اولا؛ وتضررت صورة الانتخابات في تفكير الناخب ثانيا؛ وأثرت سلبا على المرشحين وقرارهم في الترشيح من عدمه رابعا؛ وفي استعدادات المشاركين من قوائم واحزاب خامسا.
واذا كان الاتفاق على موعد محدد للانتخابات المقبلة عقبة تم تجاوزها بصعوبة وبمساعدة المحكمة الاتحادية العليا، فان عقبة المقاطعة قد لا يتم تجاوزها بسهولة خصوصا وأنها خطيرة جداً رغم ان دعاتها ما زالوا قلة من مجموع الناخبين، ولكن ان لم تتخذ اجراءات مناسبة لطمأنة فريق المقاطعين الذي قد يتشكل فانه يمكن ان يتوسع بما يؤدي الى تدني نسب المشاركة وبشكل قد يضر بشرعية الانتخابات، فما العمل للوقوف امام هذا الخيار المضر؟ وما هي الإجراءات المناسبة لطمأنة دعاة هذا التوجه ودفعه الى المشاركة الفاعلة؟
لا خلاف ان اية انتخابات في العالم تشهد مشاركة وعزوف او مقاطعة احيانا من المعارضة تارة ومن الغاضبين او الرافضين للسياسات المتبعة تارة اخرى... ولكن للتجربة في العراق خصوصية فلا معارضة داخلية في البلاد اولا؛ والجميع مشارك في الانتخابات ثانيا؛ وممثلا بها بطريقة مباشرة او بأخرى عبر مفوضية الانتخابات. والأبواب مفتوحة بحسن الاختيار ثالثا؛ ومشرعة للتغيير امام المواطن دون تقييد.
ومع غياب البديل اولا؛ والخوف من التزوير ثانيا؛ والخشية من تكرار الوجوه ثالثا؛ وتكرار السياسات المتبعة رابعا... ينطلق دعاة المقاطعة في مواجهة دعاة المشاركة والتغيير... والحقيقة الامر ما زال طبيعيا لان دعاة المشاركة هم الطرف الأرجح لحد الان وهم وكل المؤسسات الرسمية والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وكافة القوى المدنية الفاعلة يجب ان يعملوا على بث صورة ناصعة عن نزاهة الانتخابات والإجراءات الكفيلة بمنع ورصد حالات التزوير بشفافية ويجب ان يعمل الجميع على توعية المواطن وأهمية قراره امام صناديق الاقتراع باعتباره الوسيلة الامثل لمستقبل افضل، لكن رغم كل ذلك تبقى المعادلة غير متوازنة وتبقى الأشهر الاربعة المتبقية هي الفرصة المناسبة لإقناع الناخبين بالمشاركة وتفتيت وطمأنة المقاطعين، لان اية انتخابات ناجحة هي الطريق الامثل للتغيير في الوجوه والسياسات وأية انتخابات ناجحة ومثالية هي التي تخلو من اية مقاطعة واسعة