- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ذكرى مولد الإمام الحسين (عليه السلام) عِبْرَةٌ وعَبْرة
حجم النص
بقلم الكاتب / حيدر علي الكاظمي نعــيش في هـذه الأيام ذكرى مولد الإمام الحسين (عليه السلام)، والتي كانت في الثالث من شهر شعبان السنة الرابعة من الهجرة، ونحن نستذكر هــذه المناسبات المباركة نحاول مـن خلالها الارتبـاط بأهـل البيت عليهم الـسلام، ونحاول أن نستفيد منهم في تقوية هـذا الارتبـاط، وإذا أرتبطنا بهم فمعنى ذلك أننا نرتبط بالله تعالى أكثر، فنحاول أن نـستفيد مـن هـذه المناسبة لربط أهـل البيت (عليهم الـسلام) بالأحوال الموجـودة حولنا، وكيفيـة معيشتنا وحياتنا التي يجـب أن نأخذها منهم، حيث يجيء هذا اليوم الأغر لنعيش في ظلاله الوارفة، ونستقبل ذكرى مولد ثالث أئمّة أهل البيت الطاهرين، وثاني سبطَي رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) وسيّد شباب أهل الجنة، وريحانة المصطفى، وأحد الخمسة أصحاب العبا وسيّد الشهداء، ابن فاطمة الزهراء (عليها السلام) أسوتنا وقدوتنا، الإمام الحسين (عليــه الــسلام)، وهذه الذكرى هي ذكرى غالية عزيزة نفرح بقدومها، ومحطة للتأمل نستلهم منها الدروس والعبر، لتعزز فينا الحب المتين للآل الأطهار، والتعلق بنهج نبي هذه الأمة وسيرته ومنهاجه، والاقتداء به ذلكم الرسول المفتدى والنبي المجتبى محمد بن عبد الله (صلَّى الله عليه وآله)، والمتتبع لسيرة الإمام الحسين (عليه السلام)، يرى جليا أنه في ثورته ضد الفئة الباغية، قد جسد أروع صفات التضحية والإباء، حيث حار الجود في وصف جوده يوم عاشوراء، مضحيا بأغلى مايملك أبتغاء لمرضاة الله تعالى، يوم أيده الله بنصره، وجعل فيه كل خصال البطولة، للذود عن قيم الإسلام، وحفظ كينونته السرمدية، وهيأ له من المؤمنين الزمرة الخالدة، التي آمنت به ونصرته، لذا فإن المتتبع لقضية الإمام الحسين (عليه السلام) ورسالته المباركة، ونهضته المقدسة، وثورته المعطاءة، يجد بأن الإنسان في هذه الحياة لا يستطيع أن يفي بحقه، مهما بذل، فما عسانا أن نقدم في قبال رحمة الله الواسعة، وباب نجاة الأمة ؟! على ذلك، سيبقى الحسين (عليه السلام)، مهوى قلوب الأحرار والشرفاء، والباحثين عن العزة و الكرامة والحرية، وسيظل تلك السفينة التي انتشلت الكثيرين من غياهب ظلمات الخطيئة والفساد والانحطاط، إلى عالم الفضيلة والشرف والرفعة والقرب من الله تعالى، وسيطاول منبره الشريف السماء شموخاً ورفعة، كما وسيستمر مستشفاه يقدم علاجه إلى أولئك المرضى المحتاجين إلى لمسة الشفاء، من طبيب وادي كربلاء المتمرس في علاج قلوب الأحرار، بعد هذا كله فإنني لا أرى إلى تلك التساؤلات التي قد يتدخل في وسط سطورها الشيطان الرجيم، ليغمز ويهمز ويوسوس، ممارساً لعبته المفضلة مع أولئك القصّر عقولاً وفكراً، ليحرفهم عنه وعن شعائره المقدسة، ومأتمه، ومنبره، معللاً لهم ذلك الإبعاد بتعليلات ومبررات واهية، لا تزيدهم إلا بعداً عن الحق، ولا أرى لها من سبيل اطلاقا، فمن عرف الحق فقد عرف أهله، ومن جهله فقد جهل أهله، بيد إن من ينظر إلى الحسين (عليه السلام) وقضيته، لابد أن يعلم تماماً، ماهيات الدروس والعبر من ثورته الخالدة وحياته الشريفة، فكل جيل عليه أن يلعب دور الحسين (عليه السلام)، كما أن الطواغيت يجيدوا لعب دور يزيداً ومعاوية في كل الأزمنة ؟؟ فنحن مطالبين اليوم بمحاكمة يزيدنا ومعاويتنا، من الإرهابيين والقتلة والاقتصاص منهم ومقارعتهم، وإلا فما نحن في ركب الحسين (عليه السلام)، فهذه هي الحياة وهذا هو الخلود، إن سيرة الإمام الحسين (عليه السلام) هي القدوة الحسنة في مناهج الدعاة والمصلحين والمفكرين، وهي فرصة سانحة لكل مسلم يشغف قلبه بحب الله والفوز في الدنيا والآخرة، وعليه أن يستحضر تفاصيل سيرته المباركة ويعيش في هذه الظلال الوارفة لهذه السيرة العطرة، المحفزة لإيقاظ الهمم والتمسك بأهداب الإسلام الحنيف، والاستقامة على هديه، ونشر قيم التسامح، والمحبة، والتعامل الإنساني الراقي، للتأسي بحياته الشريفة، تلك الحياة الجميلة الرائعة التي سادتها روح المحبة والود والتضحية والإباء والأخلاق العالية، لنستمد من هذه السيرة الثرية الغنية بالرفق واللين في جميع تعاملاتنا وسلوكياتنا وتصرفاتنا مع كل من حولنا من بني البشر الصلحاء، ونطبق ذلك والأخذ بلب دين الإسلام السمح، هذا الدين الخاتم الذي أرسى قواعده رسول الرحمة محمد (صلى الله عليه واله وسلم)، فعلينا كمسلمين كافة أن نجعل من ذكرى مولد الإمام الحسين (عليه السلام)، عِبْرَةٌ وعَبْرة، فالعِبْرَة هي الاقتداء بمنهاجه القويم، والسير على جادة الصواب التي رسمها بدمه الطاهر الشريف لنهنأ بالدارين، وعَبْرة هي ملامح الحزن والأسى المرسومة على وجوه الموالين الذئبين في حبه، الذارفين الدموع حين ذكر مصيبته العظمى.. فسلام عليك سيدي يا أبا عبد الله الحسين يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا..