- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
يبحثون عن منقذ للاقتصاد العراقي!!!
حجم النص
الكاتب: باسم عبد عون فاضل دفعت العواصف السريعة والمفاجئة في التدهور الاقتصادي وما نتج عنها من تدهور امني واجتماعي الى تعالي الكثير من الأصوات الباحثة هنا وهناك عن منقذ للاقتصاد الوطني العراقي من تلك التجليات التي طفت للواقع أخيرا في بلدنا وغيره من البلدان المجاورة والتي تعم أثارها حتى في العالم البعيد، فكرة المنقذ الاقتصادي أصبحت حاجة ضرورية يتقاسم الكثير الهموم في البحث عن فجرها كما هو الحال في الموروث والحقائق الدينية بعقائدها عندنا نحن المسلمين وعند غيرنا من الأديان الأخرى عندما نبحث عن منقذ للخلاص من الظلم والجور الذي فتك في سكان المعمورة، اليوم عاد الجميع في الاقتباس من فكرة المنقذ الديني فكرة المنقذ الاقتصادي ولحاجات أنية ملحة فرضت نفسها بقوه وبدون سابق إنذار أو مقدمات تذكر، المشروع او الأسس التي تنطلق منها صيرورة المنقذ الاقتصادي سواء من شخص او جماعة او من مؤسسة اقتصادية او مؤسسة بحثية تبدوا للوهلة الأولى سهلة المنال وغير عسير الوصول أليها وتطبيقها وخاصة في بلدنا العراق، فالمقومات التي تشكل نواة عملها متوفرة بل لم تكلف ذلك العناء المفرط من الساعات أو الأيام أو السنين حتى ينطلق بها للمجتمع وينقذ ما يمكن إن ينقذه ويضع الملف الاقتصادي المنهار ويعيده إلى وضعه الطبيعي، لكن في المقابل هنالك ملف يشكل جدار من التحديات يصعب على المنقذ ردمه وربما يضاهي جدار برلين الذي ردم من قبل الألمان في عام 1991، هذا الجدار يتمثل في كل من البنية الدستورية والقانونية للبلد وكذلك طبيعة الحياة السياسية السائدة بأشخاصها وما لديهم طموحات وأفكار وهموم واهتمامات، كل هذه تشكل وتعد جدار يقف حائل دون رواج وظهور المنقذ الاقتصادي للبلد في الوقت الراهن، التناقض الملفت للنظر هنا وبعد عاصفة التدهور والإرباك الاقتصادي التي تسود البلد هو إن فكرة المنقذ الاقتصادية روج لها من قبل النخب السياسية الحاكمة الماسكة بزمام إدارة السلطة في الدولة، وهنا تظهر للجميع صورة غير منطقية تخفي ورائها الكثير من الصور الحقيقية، الصور الحقيقية هي إن التدهور الاقتصادي تتحمل الكثير من أسبابه تلك النخب الحاكمة، فبعيدا عن شبهات الفساد الإداري والمالي لديها، تحملها لمسؤولية ذلك متأتية من كونها لم تضع في حساباتها خطط واليات ومشاريع طيلة أيام الوفرة الاقتصادية في تنويع مصادر الاقتصاد العراقي وأكثر من ذلك لم تنوع وتطور حتى ذلك المصدر الواحد وهو النفط، فلم تقيم مشاريع تطوير واستثمار الغاز الطبيعي وإنشاء معامل ومصانع نفطية كالمصانع البتر وكيماويات وغيرها، إذن عمل المنقذ ومشاريعه وخططه سهلة المنال وصعبة التطبيق في الواقع العملي على الأرض في إن واحد، سهلة المنال؛ لأنها متأتية من وفرة مقومات تنويع الاقتصاد العراقي وهي فقط بحاجة إلى برمجة اقتصادية ذكية مصحوبة بتكييف قانوني ودستوري يعطيها المشروعية وفي النهاية يأتي دور رجل السلطة والإدارة في البلد لكي يطبقها. إما صعوبة عمل المنقذ في التطبيق على ارض الواقع فيمكن إن نلخص ابرز معوقاتها بما يلي:- 1-عدم وجود توافق او تفاهم او وئام سياسي وأداري بين الإطراف الموجود حاليا في إدارة السلطة في البلد، لذلك فأن اي خطة او رؤية من اجل أن تنجح ومنها الاقتصادية تحتاج وتتطلب فريق منسجم وبيئة مناسبة من اجل إنجاحها وهذا ما يعاني منه البلد سواء على المستوى المركزي في بغداد أو على المستوى المحلي في الحكومات والإدارات المحلية في المحافظات. 2-طبيعة التحول والتجربة السياسية العراقية التي حدثت بعد عام 2003 أنتجت ثقافة الاستحواذ والبقاء في السلطة من قبل الكثير من النخب والقيادات، فالسلطة وليس الأفكار والآراء والمشاريع التي تطرح بهدف الكسب السياسي وبطرق سهله وليس عن طريق مشاريع اقتصادية تطرح وتنفذ هنا وهناك. 3- المشاريع الاقتصادية التي يمكن إن يطرحها المنقذ والتي تستند على مقومات عديدة في العراق، وعند البحث عن هذه المقومات نجد إن جلها ارض محرمة موقوفة لصالح تلك النخب والجماعات السياسية الماسكة بالسلطة أو من ينوب عنها مثلا إيقاف الاستيراد والحفاظ على العملة الصعبة داخل البلد والتي يتأتى منها إنعاش الصناعات الوطنية، هذه القضية أو القطاع الاقتصادي هو بحاجة إلى قرار استراتيجي من أعلى المستويات وربما يفوق أو يتجاوز صلاحيات رئيس الوزراء. 4- عدم وجود ثقة من لدن الكثير من المنقذين في العراق ومن خارج العراق في التعامل والتعاون مع الإدارة السياسية في البلد نتيجة لتجارب سابقة حيث قدم الكثير من الخبراء والمختصين الكثير من المشاريع التي تخدم واقع الاقتصاد العراقي إلا أنها لم ترى الاستجابة الحقيقية ووضعت على الرفوف ودثرت، بل إن البعض لوحق وكبل بافتراءات واتهامات من اجل إن يبعد عن مشهد إدارة الاقتصاد الوطني كما حدث للدكتور مظهر محمد صالح عندما كان يشغل نائب محافظ البنك المركزي. إذن الأصوات التي تتعالى هنا وهناك في البحث عن منقذ اقتصادي وخصوصا من قبل صانع القرار السياسي لم تكن جادة في البحث عن مخرج لأزمة الملف الاقتصادي، فهي أصوات من صانع القرار يقصد منها امتصاص الزخم الإعلامي والشعبي، ولم تكن هنالك إرادة جدية حقيقية في البحث عن مخرج لهذه الأزمة، الإرادة الجدية ربما تفرضها الأيام والأشهر القادمة عندما تطرق الأزمة الاقتصادية صوامع ومصالح تلك الجماعات وعند ذلك تصبح الهموم والنداءات مرفقة بضغط جماهيري وديني، عند ذلك التوقيت تتوفر الإرادة الحقيقية للبحث عن منقذ. باحث مشارك في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية
أقرأ ايضاً
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- التعويض عن التوقيف.. خطوة نحو تطور التشريع الإجرائي