حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ في ظرف الأزمات كالتي يمر بها العراق لاتعد الدعوة الى ترشيد الطاقة الكهربائية نوعا من الترف الفكري او الحذلقة الاجتماعية او التسويق الحزبي الدعائي او من جملة الأوامر والنواهي الحكومية ولملف في غاية الحساسية اعني ملف الكهرباء الذي يشبه الثقوب السود في عملها "الابتلاعي" كون هذه الثقوب بإمكانها ان تبتلع مجرات بأكملها كما ينظّر علماء الفلك، فملف الكهرباء في بلدنا ابتلع موازنات بأكملها ومع كل موازنة سنوية تقر وعلى مدى عقد ونيف من العقد يصرح السيد وزير الكهرباء هل من مزيد!! طالبا موارد مالية اضافية وشاكيا نسبة "عجز" معتاد ومتوقع في وزارته ولأهمية هذا الملف لدوره المركزي في إدارة عجلة الاقتصاد الوطني وفي حياة المواطنين "لاتبخل" الحكومة عن إمداد وزارة الكهرباء بالأموال أملا في تحسن نوعي لواقع الكهرباء. ومع هذا ماتزال وزارة الكهرباء تحبو رغم الجهود الحثيثة والأموال الفلكية التي تخصص لها، ولأسباب عديدة يعود بعضها للوزارة نفسها والبعض الاخر للواقع الأمني الراهن والظروف الجوية بينما يعود بعضها للمواطن نفسه من حيث سوء استخدام الطاقة الكهربائية وتبذيره المستمر لها ويتجلى ذلك في عدة امور يكمن بعضها في سايكلوجية "المحرومية" التي تنتاب البعض وعقدة "التعويض" باستخدام غير مدروس وعبثي للطاقة الكهربائية وهدر غير مبرر لها فضلا عن عدم دفع الاستحقاقات المتراكمة في ذمة المواطن والمؤسسات الحكومية. ومن هذا المنطلق تبنت شبكة الإعلام العراقي حملة وطنية كبرى لترشيد استخدام الطاقة الكهربائية كونه ـ اي الترشيد ـ يمثل ظاهرة حضارية اولا وضرورة وطنية وشرعية ثانيا وهو يدخل في صلب وجوهر المواطنة الفعالة (Active citizenship) باستشعار منظومة الحقوق والواجبات المترتبة على المواطن وضمن آليات العقد الاجتماعي الذي يقنن العلاقة مابين المواطن والدولة والمجتمع، والترشيد الذي تبنت الحملة بضرورته شبكة الاعلام العراقي ايضا يوضح بجلاء مدى حرص المواطن على المال العام وضرورة إدراكه المسؤوليات التاريخية الملقاة على عاتقه في وقت يمر به العراق بظروف امنية واقتصادية غير طبيعية وأهمية تثقيف المواطنين بضرورة ترشيد الطاقة الكهربائية بشكل عام والتذكير بان وزارات الطاقة والكهرباء في دول العالم لاسيما المتقدمة منها تركز بشكل مستمر على ترشيد استهلاك الكهرباء وهو ما أسهم بحصول فائض من الإنتاج لدى بعض تلك الدول يكون قابلا للتصدير مقابل مردود مالي كبير من العملة الصعبة، ومن الممكن ان يوفر الترشيد مامقداره عشرون بالمائة من الانتاج الحالي بحسب تقدير الخبراء المختصين واكدت الحملة على ضرورة إشراك المرجعيات الدينية والسياسية والاجتماعية بهدف إنضاج فكرة المشروع، لا سيما ان طرح المشروع قبل إنضاج الفكرة أمر من شأنه ان يؤدي الى إجهاضه بوقت سريع كما حصل في قضية زيادة التسعيرة الكهربائية والتي لم تكن في مستوى الطموح. ومن المناسب ان ننوه بان المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف كانت من اوائل المبادرين الى التنويه بضرورة ترشيد استخدام الطاقة الكهربائية وعدم التجاوز على منظومة الشبكة الوطنية كون هذا التجاوز والإسراف غير المبرر يحرم اخرين من التمتع بنعمة الكهرباء، فضلا عن عدم التهاون بدفع المستحقات المالية المترتبة لوزارة الكهرباء في ذمة المواطنين ناهيك عن التلاعب في المقاييس وعدت المرجعية العليا ذلك ضرورة وطنية وشرعية في الوقت عينه وهو مايمثل جوهر الحملة التي تقوم بها شبكة الاعلام العراقي لتعزيز ثقافة ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية خدمة للصالح العام . اعلامي وكاتب
أقرأ ايضاً
- المسرحيات التي تؤدى في وطننا العربي
- وللبزاز مغزله في نسج حرير القوافي البارقات
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته