- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
قراءة في "السيناريو" القادم: الصراع في المنطقة مرسوم بخبث
حجم النص
بقلم: حسام محمد / جامعة الموصل قد يبدو من العسير استقراء ما ستؤول إليه المنطقة إثر التفاعل الجنوني الذي تعيشه هذه الأيام، خصوصا مسار المواجهة بين التحالف الدولي وتنظيم داعش، بيد أنني، ومن خلال تتبعي لمسار الأحداث بدقة، يتراءى لي ما يلي: من الواضح عدم جدية التحالف الدولي في القضاء على تنظيم داعش في الوقت الحالي، فبالتزامن مع توجيه ضربات جوية (والتي تعد من الناحية الإستراتيجية أداة تميل إلى أن تكون حاسمة إذا توفرت لها ظروف معينة) انطلق التنظيم في عدة جبهات وعلى رقعة واسعة، فشمالا توجه إلى كوباني التي لا تحتل عمقا اجتماعيا لداعش، وحقق تقدما فيها، مربكا بذلك حسابات تركيا بشكل كبير، وتحرك جنوبا نحو الأنبار، وبدا الحديث يعود إلى النذير من تطويقه لبغداد في الوقت الذي يروج فيه إعلاميا إلى التجهيز لغزو كركوك العائمة على النفط، كل هذا يحدث وكأن طيران التحالف كان يلقي عتادا على تنظيم داعش لا قصفه وإضعافه، وهذا يجعلني أتوقع الآتي: 1- إما أن التحالف الدولي يريد إكمال التدخل بإنزال قوات برية على الأرض وحسم الصراع مع داعش، لكن إبقاء خريطة التوازنات الحالية على ما هي عليه الآن (وهذا الأمر لن يستغرق طويلا لعدة اعتبارات). 2- أو أن التدخل الدولي يهدف إلى إغراق المنطقة في فوضى أعمق من التي تعيشها الآن، وذلك بتوسيع رقعة الفوضى إلى بلدان أخرى غير المشتعلة فيها الآن وإطالة أمدها إلى حين انهيار منظومات المنطقة والتدخل بريا على غرار 1916، ومن ثم التقسيم وفق الخريطة التي خلفتها داعش بعد رحيلها (وهذا الأمر يعني أن الأزمة إستراتيجية وطويلة)، وهذه النقطة تقودنا إلى عدة تساؤلات تمثل محددات ما سيجري على الأرض: ما مدى قدرة أمريكا (العجوز) على ضبط التفاعل الدرامي الذي تشهده المنطقة؟ وما مدى قدرتها على ضبط مآلات الفوضى، بأن لا تتشظى إلى الحد الذي لا ينسف مصالحها ووجودها الاحتكاري في المنطقة؟ وبما أن العالم يعيش أزمة اقتصادية، فما هي قدرته على إطالة أمد الصراع المستَنزِف؟ ثم ما هي قدرة أمريكا على ضبط التحالف والحفاظ عليه من التصدع؟ هذه التساؤلات والتعقيدات التي تطرح نفسها على الساحة ستكشف الأحداث التي ستجري في الأيام القادمة بعض ملابساتها، والأمر الذي يحسم أيا من الاحتمالين مقرون بقرار داعش في التوجه إلى كركوك والسماح له بالسيطرة عليها، فإذا ما حصل ذلك فهذا يعني أن داعش لن تنتهي حتى تنهي وجود دول من المنطقة.. الصراع في المنطقة مرسوم بخبث، والمعضلة أن ما يحده خطوط من لهب تظل سريعة الاشتعال. قد نشهد سقوطا لبعض مناطق حزام بغداد بيد داعش، وقد يسمح التحالف الدولي بذلك في عملية إخراج لمتغير قاد. داعش لديها القدرة منذ سقوط الموصل على إسقاط بغداد، فلديها إمكانية أن تحدث صدمة أخرى بإسقاط معسكر التاج، لكنها تعلم أن ذلك من الخطوط الحمر. تسيطر على أكثر من 60 بالمائة من مساحة العراق، لكنها لا تسيطر على أي بئر نفطي وعندما استولت على حقل "عين زالة "الصغير كانت أمريكا بالمرصاد! إذ ليس لأمريكا مدلل في العراق غير النفط، فعندما غزته في 2003 تركت المتاحف التي تحوي تراثا بشريا يعبث بها وحمت وزارة النفط والأمر يتكرر مع داعش
أقرأ ايضاً
- توقعات باستهداف المنشآت النفطية في المنطقة والخوف من غليان أسعار النفط العالمي
- اهمية ربط خطوط سكك الحديد العراقية مع دول المنطقة
- الأهمية العسكرية للبحر الاحمر.. قراءة في البعد الجيوستراتيجي