حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ من عجائبيات وغرائبيات المشهد السياسي العراقي أن تُوظف اغلب الفعاليات السياسية والامنية والخدمية لأغراض التسقيط السياسي والتجيير لأهداف حزبوية ضيقة وتدخل في مسارات ومسارب مؤدلجة ومتاهات لايعلم قرارها الا "الراسخون" في السياسة، والأمثلة على ذلك اكثر من ان تُحصى وقد ضربت الحادثة الأليمة لاغتيال الشهيد الدكتور محمد الشمري مثلا جليا على ذلك وهي وان كانت مسالة جنائية صرفة ليس لها بعد سياسي او حزبي او قومي او حتى طائفي او مناطقي فهي تقع تبعاتها على مجمل السلطات الأربع العاملة ضمن السياقات الحكومية إذا ما أضفنا نقابة الصحفيين العراقيين الراعية الرسمية للسلطة الرابعة في البلد وأهمية تفعيل قانون حماية الصحفيين كي لا يكون مجرد حبر على ورق!! بعض السياسيين يقتنص اية شاردة او واردة تقوم بها اجهزة السلطة التنفيذية (وخاصة رئيس الوزراء الذي هو رأس الهرم التنفيذي في الحكومة العراقية) والفعاليات التي يقوم بها بعض الوزراء والبرلمانيين ويحاولون ان يوظفوها لأغراض سياسية بحتة لغرض التسقيط السياسي والتشهير الاعلامي، فإن قام وزير فلاني ينتمي لجهة معينة بافتتاح مشروع معين يخدم شريحة واسعة من المواطنين او يصب بشكل إجمالي في الصالح العام قالوا ان المسالة تتعلق بالدعايات الانتخابية والتسويق الدعائي للكتلة او الشخص المعني نفسه وهكذا بقية الفعاليات السياسية والاقتصادية وحتى الامنية كمسالة الانبار التي قال عنها البعض انها تتعلق بأجندات حزبية وللترويج الانتخابي وفي المقابل إن حصل شيء من التماهل او التروي او شيء من التلكؤ رمَوا ذلك الوزير وتلك الجهة بالتقصير والفساد وربما ربطوا ذلك بأجندات خارجية وربما اتهام بالخيانة العظمى، وان حصل وأن اتُهم سياسي ما بأمور تتعلق بالنزاهة او ملفات الفساد او التجاوز على الحق العام قالوا هذا استهداف سياسي وكيدي لهذا السياسي ولكتلته وكأن هذا السياسي وكتلته منزَّلون من السماء وليس من حق احد مساءلتهم، وقلما نجد سياسيا عراقيا تقبَّل أمر الإقالة او الاستبعاد او رفع اليد بروح رياضية وبوعي وطني وكل الذي نسمعه (هذا استهداف سياسي او انا مستهدف سياسيا). ولكن من المستغرب ان تستعر حرب التسقيطات السياسية والمناكفات الكيدية الى درجة المتاجرة بحرمة الدم العراقي منتقدة الإجراء المسؤول لرئيس الوزراء الذي هو رأس السلطة التنفيذية والقائد العام للقوات المسلحة والمسؤول الاول عن الملف الامني في العراق بانه تصرَّف بهذه السرعة وبهذا "الحماس" لأغراض انتخابية ودعائية وإعلامية للاستهلاك المحلي والحزبي وفسروا كلامه وأوَّلوه باتجاهات بعيدة عن واقع الحال وجوهر القضية ولو لم يتصرف رئيس الوزراء بهذا الشكل والاسلوب ميدانيا لاتجهت مسألة استشهاد د. بديوي الى ابعاد اخرى ولاتهموه وكابينته الحكومية بالتقصير المتعمد واللامبالاة بالدم العراقي بل وبمعاداة رموز السلطة الرابعة والتحريض على قتلهم أمام الأنظار وفي رابعة النهار وفي مركز بغداد وفي اهم مناطقها الإستراتيجية وهكذا جميع الفعاليات التي يقوم بها رئيس الحكومة للصالح العام كتوزيع قطع الأراضي على الشرائح المُعدمة والفقيرة وتحسين واقع الكهرباء والاهم من كل ذلك هو الملف الأمني الشائك وملف التسليح وغيرها، والأمر ينطبق على جميع مفاصل وفعاليات العملية السياسية ورموزها وشخوصها وللأسف فقد دخل الدم العراقي هذا المضمار بان جعلوه قضية سياسية طازجة ودسمة من قضايا التسقيط السياسي والاحتراب الحزبي والتطاحن الكتلوي والاستعداءات الشخصية لاسيما وان الانتخابات بدأت بوادرها تلوح في الأفق. فهل تحوَّل الدم العراقي الى دعاية انتخابية ؟ وهو سؤال موجَّه للمتصيدين في الماء العكر وما أكثرهم في المشهد السياسي العراقي. اعلامي وكاتب مستقل [email protected]
أقرأ ايضاً
- صفقات القرون في زمن الانحطاط السياسي
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- ظاهرة الحج السياسي