- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
بين الامام الحسين والنبي موسى عليهما السلام... درس قراني
حجم النص
بقلم :سامي جواد كاظم
يتضمن القران الكريم قصص الانبياء ويذكر المحطات المهمة من حياتهم الا ان التفاصيل لم يشر اليها ولكن نجد في بعض الكتب التاريخية تفاصيل للحوادث التي ذكرت في الكتاب وهنا لابد للقارئ الكريم او الباحث ان يتقصى عن مصدر هذه المعلومات ومدى صحتها ووثاقة ناقلها فاذا كان ليس ممن له وسيلة اتصال مع اصحاب العلاقة زمن الحدث فمن اين له التفاصيل ؟
من بين الصفات التي يتصف بها الائمة الاطهار عليهم السلام انهم علموا علم الاولين بامر من الله عز وجل ومن خلال رسول الله (ص) الذي ورث الامام علي عليه السلام هذه العلوم وبدات تتوارث للحجج من بعده ، ولهذا اذا اردنا معرفة بعض التفاصيل لبعض الاحداث التاريخية في زمن الانبياء فيمكننا ذلك من خلال قراءة سيرة المعصومين لاسيما الروايات التي يذكرون فيها بعض الايات القرانية التي تخص الانبياء في مفردات حياتهم ونبدا بدراسة الاوضاع التي جعلت المعصوم يستشهد بهذه الاية فتتضح الصورة ان هذه الظروف هي بعينها كان يعيشها النبي المعني في هذه الاية فتكون لدينا الصورة واضحة عن سيرة ذلك النبي على نبينا وعليهم افضل الصلاة والسلام .
حركة الحسين اعتبرها من المصادر المهمة لمعرفة بعض محطات سيرة الانبياء لاسيما ان هنالك تشابها بين سيرة حياة الحسين عليه السلام وسيرة بعضهم .
احدى محطات حياة الامام الحسين عليه السلام هي لما راى جبال مكة وهو في طريقه اليها قرا هذه الاية "وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ"- القصص 22.
في كتب التفاسير ذكر تفسير هذه الاية «و لما توجه تلقاء مدين» التوجه صرف الوجه إلى جهة من الجهات و قوله هذا المعنى يتوجه إلى كذا أي هو كالطالب له يصرف وجهه إليه قال الزجاج معناه و لما سلك في الطريق الذي يلقى مدين فيها
«قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل» أي يرشدني قصد السبيل إلى مدين و قيل سواء السبيل وسطه المؤدي إلى النجاة لأن الأخذ يمينا و شمالا لا يباعد عن طريق الصواب و قيل أنه لم يقصد موضعا بعينه و لكنه أخذ في طريق مدين و قال عكرمة عرضت لموسى أربعة طرق فلم يدر أيتها يسلك و لذلك قال عند استواء الطرق له «عسى ربي أن يهديني سواء السبيل» فلما دعا ربه استجاب له و دله على الطريق المستقيم إلى مدين
ولنعود الى محطة من حياة الحسين عليه السلام وهي لحظة وداع الحسين عليه السلام لاخيه ابن الحنفية قبل الرحيل والمحاورة التي جرت بينهما، فقد اقترح ابن الحنفية على اخيه عليه السلام عدة اماكن للخروج اليها والمكوث فيها حسب ظروفها ومن بين هذه الاماكن مكة واليمن ومناطق جبلية اخرى ومن بلد الى بلد ، وكانت وجهة الحسين عليه السلام هي مكة . موسوعة كربلاء تاليف الدكتور لبيب بيضوت ص 418-419
عند الربط بين قراءة تفسير الاية التي قراها الحسين عليه السلام لما راى جبال مكة وبين الظروف التي كان عليها الحسين في رحيله الى المكة سنجدها صورة طبق الاصل من تفسير الاية اعلاه.
ومن هنا فان الثقلين اللذين اوصانا بهم رسول الله (ص) كتاب الله وعترته وانهما لم يفترقا حتى يردا عليه الحوض جاءت قراءة الحسين عليه السلام لهذه الاية مصداق للتلازم بين العترة والقران وفي نفس الوقت فتح الحسين عليه السلام افاقا جديدة من العلوم القرانية والتاريخية ، فالقرانية هي البحوث الخاصة بالمتشابه والتاريخية هي دراسة ظروف الانبياء عليهم السلام ، بل وحتى دفع الشبهات عن من يلفق بعض الاكاذيب التي تخدش عصمة الانبياء وما قراءة الحسين عليه السلام لاية رب نجني من القوم الظالمين التي كان يرددها موسى عليه السلام وهو متوجه الى مدين ماهي الا دليل لبراءة موسى من المعصية حيث يفسر البعض خروج موسى هاربا خوفا من القصاص لانه قتل نفس ولكن قراءة الحسين للاية بظروف هي بعينها ظروف موسى فالاول ملاحق من قبل فرعون والثاني ملاحق من قبل يزيد ، فلا اهل مدينة موسى نصروه واوه ولا اهل المدينة نصروا الحسين واوه .