- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الجديد في وصية الزهراء لزوجها عليهما السلام
اكثر ما يلفت انتباهنا في روايات اهل البيت عليهم السلام الجانب الماساوي وما تعرضوا له من عداء وظلم ممن اوصاهم رسول الله (ص) بالمودة في القربى ، ولان اهل البيت عليهم السلام حجتنا وقدوتنا في الدنيا والاخرة فان هذا الاقتداء لم ياتي عن فراغ ، بل جاء من فيض علومهم اللدنية والتي ظهرت وبقيت وستبقى اثارها الى يوم الدين على المجتمع البشري، وطالما نحن الامامية نعتبر قول وفعل وتقرير المعصوم نص فهذا يعني اننا ناخذ هذه النصوص في كل مجالات حياتهم وبمختلف الظروف .
قصة استشهاد الزهراء عليها السلام اخذت حيزا واسعا من اوراق التاريخ وذلك لاهميتها وحجم المظلومية التي تعرضت لها ولكنني في هذا بحثي الميسر التفت الى عدة جوانب مهمة في وصايا الزهراء وهي طريحة فراش الاستشهاد وساركز على وصية واحدة فيها درس عقائدي ودروس تربوية .
في كتاب السيد القزويني قدس سره فاطمة الزهراء من المهد الى اللحد وفي بحار الانوار ذكروا ان احد وصاياها عليها السلام لزوجها ان يتزوج امامة بنت ابي العاص لانها اكثر حنانا لاطفالها وكذلك لابد لك ـ اي علي عليه السلام ـ من زوجة ، هذا مضمون وصيتها وليس نصها ، اذا ماذا نستفيد من هذه الوصية ؟
الدروس التربوية منها ان الزهراء عليها السلام كانت تراقب وتلاحظ علاقة كل من يزورها او تزورهم باطفالها ونتيجة لذلك فانها اختارت امامة لما راته منها في حنانها وحبها لاولادها اضافة الى ارتياح اطفالها لها ، والدرس الاخر هو ضرورة الزوجة للزوج حيث ان بقاء الرجل من دون زوجة مع الاستطاعة على الزواج تعد من المكروهات وان فاطمة كانت تقوم بامور المنزل المهمة والصعبة التي يصعب على الرجل ان يقوم بها فكان طلبها من زوجها ان يتزوج لاهمية الدور المناط بالزوجة في الاسرة الذي لا يقدر عليه الرجل .
اما الدرس العقائدي المهم في هذه الوصية الا وهو الاعتقاد بالامامة فان هذا الامر من النقاط الخلافية بين الامامية الذين تكنوا بالامامية نتيجة تمسكهم بالامامة وبقية المذاهب، فما علاقة وصية الزهراء بالامامة ؟ كلنا يعلم ان النبي محمد (ص) اوصى بالولاية والوصاية على امته لابن عمه امير المؤمنين عليه السلام ،حيث لا يعقل ان الدرب الذي قطعه النبي محمد (ص) من اجل النهوض بامته يتركهم من غير راع بعد وفاته ، وفي وصية الزهراء لنا الحجة على تثبيت ما نذهب اليه بانعقاد الامامة لبعلها بامر من رسول الله (ص) ، فان المتعارف عليه والمعلوم لدينا انه من النادر بل حتى المستحيل ان توصي الزوجة لمن يقوم بادارة بيتها بعد وفاتها على اعتبار عدم اهمية الامر ويمكن للزوج ان يتدارك الامر ، الا ان وصية الزهراء جاءت لتثبت اهمية الوصاية والاستخلاف لمن يقوم مقامها بعد وفاتها ، فاذا كان لديها اربعة او ثلاثة اطفال عهدت بهم الى امامة بنت ابي العاص فكيف اذا كانت امة والاعداء يتربصون بها من الخارج والمنافقون من الداخل فهل يعقل ان تترك عبثا ؟
الدرس الاخر والمهم ايضا فالزهراء عليها السلام وهي في اشد مرضها والمها وحزنها على عيالها كانت تفكر بما سيكون عليه وضع عائلتها ، بحيث انها لو لم توص بهذا الامر لما اشكلت ذمتها ولكنها لتعطينا درس في الايثار والتفكير على المدى البعيد في صيانة عقائدنا وصيانة المنظومة العائلية لاطفالها وزوجها
أقرأ ايضاً
- المسير الى الحسين عليه السلام، اما سمواً الى العلى وإما العكس
- فلسفة الموت عند الإمام الحسين (عليه السلام)
- الشرق الأوسط الجديد