تعود قضية العد والفرز لنتائج الانتخابات إلى الواجهة، بعد اعتماد النظامين الإلكتروني واليدوي في قانون الانتخابات المعدل من قبل البرلمان، لكن هذا التوجه قوبل بمواقف متباينة من قبل نواب ومراقبين سياسيين، ففيما ذكروا أن "اليدوي" سيمنح الكتل السياسية "منفذا للتزوير"، خاصة في المناطق النائية ببعض المدن، عدّه آخرون بأنه الأفضل والأدق، وسيكون مطمئنا للجميع، نظرا للشبهات التي حامت حول العد الإلكتروني في الانتخابات السابقة.
ويقول المحلل السياسي، صلاح الموسوي، إن "لغطا كبيرا حصل على العد والفرز الإلكتروني في الانتخابات السابقة، واعتبر الكثير من الكتل وجود تزوير، والقضاء آنذاك طاوع هذا الاتهام، وأجرى عدا يدويا في حينها، وهذه الشكوك التي ترافق كل الانتخابات لا يمكن إنهاءها حتى وإن أجريت الانتخابات وفقا للعد اليدوي والالكتروني، فسنشهد اتهامات، وطعونات سواء بالمفوضية أو بإجراءات أخرى".
ويرى الموسوي، أن "إدخال العد اليدوي لا يخلو من هيمنة بعض الكتل التي تريد التزوير، خاصة في المناطق النائية والأرياف التي تأتي صناديقها مفروزة وهي بأعداد هائلة، وعليه فأن بعض الأحزاب يخدمها العد اليدوي من خلال سيطرتها على هذه المناطق او الهامش الانتخابي الكبير فبإمكانها أن تمارس لعبتها في حين أن النظام الالكتروني نظام عالمي".
وشهدت الانتخابات السابقة التي جرت في 2021، جدلا كبيرا، وكان الإطار التنسيقي من أول المعترضين على نتائجها، ورفع دعوى أمام المحكمة الاتحادية لإلغاء نتائج الانتخابات.
وفي حينها اتهم الإطار التنسيقي، الإمارات بالوقوف خلف التزوير، نظرا لكون العد والفرز كان إلكترونيا، وأكد أن تلاعبا جرى بالسيرفرات الرئيسة التي نقلت فيها النتائج، وجرى استخدام تقنيات حديثة وأجهزة لهذا الغرض.
كما حاول الإطار التنسيقي آنذاك، تدويل مطلبه، وهو العد والفرز اليدوي الشامل، لكن اعترافات المجتمع الدولي بنتائج الانتخابات حالت دون تدويله القضية، فضلا عن عدم تعاطي وزارة الخارجية مع مطلبه.
من جانبه، يبين النائب عن الإطار التنسيقي رفيق الصالحي، أن "فقرة العد الالكتروني والعد اليدوي اعتمدتا وثبتتا في المحطة نفسها بحضور وكلاء الكيانات السياسية، مع وجود كاميرات المراقبة لمتابعة دقة العمل، ما يعزز من رصانة العملية الانتخابية".
ويضيف الصالحي، أن "أمر التلاعب سيكون صعبا مع وجود مراقبي الكيانات، لأن كل حزب أو مرشح له مراقب داخل المحطة، كما انه إذا اخفق النظام الالكتروني فالنظام اليدوي موجود ولا يوجد بديل آخر، فهذا هو الأفضل فقد كان العد في الانتخابات السابقة الكترونيا فقط، أما الآن تمت إضافة العد اليدوي رسميا".
يشار إلى أن المحكمة الاتحادية، ونتيجة لدعاوى الإطار التنسيقي بهذا الشأن، أصدرت قرارا بإعادة عد وفرز جزئي شمل 2000 محطة اقتراع، بشكل يدوي، وعلى ضوئه حصل تحالف الفتح أحد أبرز كتل الإطار التنسيقي على مقعد إضافي.
يذكر أن الإطار التنسيقي في حينها، أقدم على تحريك جماهيره بتظاهرات تحولت إلى اعتصام استمر لقرابة شهرين أمام المنطقة الخضراء، للمطالبة بإعادة الانتخابات، ومن ثم تحولت المطالب إلى إعادة العد والفرز بشكل يدوي.
وقد حصل تحالف الفتح، في تلك الانتخابات، على 15 مقعدا نيابيا قبل أن تصبح 16 مقعدا بعد العد اليدوي، فيما حصل تحالف قوى الدولة الذي يضم تيار الحكمة وائتلاف النصر على 4 مقاعد فقط، بمقابل حصول الكتلة الصدرية على 73 مقعدا.
إلى ذلك، يبين المحلل السياسي راجي نصير، أن "الدمج بين النظامين، العدّ الالكتروني واليدوي، يأتي من اجل التسريع في إعلان النتائج الأولية لأن البرلمان ألزم مفوضية الانتخابات إعلانها خلال 24 ساعة ومن ثم يصار إلى العد والفرز اليدوي ليطمئن الجميع بعدم وجود تلاعب".
ويعتقد نصير أن "وجود العد والفرز اليدوي سيقلّل كثيرا من احتمالات التزوير والتلاعب على اعتبار أن المفوضية تعلم أن وراءها عدا وفرزا يدويا وأن من شأن هذا الإجراء أن يكشف أي تلاعب في حال حدوثه، وبالتالي القرار هو ترصين للعملية الانتخابية ومحاولة للحفاظ على شفافية الانتخابات وثقة المواطن فواحد من الأسباب الرئيسية التي دفعت المواطن باتجاه العزوف عن الانتخاب هي الشكوك بوجود تزوير وتلاعب"، مشيرا إلى أن "عملية العد والفرز اليدوي تتم بحضور القضاء وممثلي جميع الكيانات وجميع المرشحين وبالتالي فأن من يحاول التلاعب لا يستطيع بوجود هذا الكم الهائل من الممثلين".
ومما شهدته الانتخابات السابقة، هو ما كشفه رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، بوجود شكاوى عديدة من بعض المناطق، تتمثّل بقيام بعض الكيانات والأحزاب بتهديد المواطنين بجلب بطاقات عوائلهم جميعاً، والإدلاء بأصواتهم لها، بالإضافة إلى تأكيده أن بعض الجماعات حاولت ابتزاز الناخب، والتأثير على قرار التصويت لديه بالقوة، ومحاولة التجاوز على الدولة والقانون.
يشار إلى أن مجلس القضاء الأعلى، أعلن في 26 آب 2021، عن الإطاحة بشبكة تحترف الابتزاز الإلكتروني، كان هدفها الأول الإعداد للتلاعب بنتائج الانتخابات وتغير نتائجها، فيما كان هدفها الثاني الفوضى السياسية.
المصدر: العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- فضيحة التنصّت.. هل يدفع السوداني الثمن؟
- هل تنجح "الدورات الإلزامية" للمقبلين على الزواج بالحد من تزايد الطلاق؟
- مع التفشي العالمي.. هل العراق قادر على مواجهة "جدري القردة" ؟