بقلم:عباس الصباغ
من ذات المنبر الذي انطلقت منه فتوى الجهاد الكفائي التي اعلنها ممثل المرجعية العليا في الحضرة الحسينية الشريفة بعد يومين فقط من الاكتساح الداعشي للموصل العزيزة اعلنت المرجعيةخطبةالنصر المؤزر على هذا التنظيم المتوحش وهي خطبة لقيت صدى اعلاميا عالميا واسعا، وعندما اعلنت المرجعية الفتوى كانت قد استشرفت ببصيرتها الثاقبة آفاق المستقبل وادركت ان داعش هو مشروع اقليمي / دولي تدميري وتوسعي ولن يكتفي بالموصل ذات الاهمية الستراتيجية الفائقة فغايته كانت ابعد من ذلك بكثير،وفعلا كان رأس العراق دولة وشعبا ومرتكزات حضارية وشواخص هو المطلوب، وقد وصل التهديدالداعشي الى مشارف بغداد بعد فترة وجيزة من احتلال مايقرب من ثلث مساحة العراق.
كان تقدير المرجعية في مكانه كون القوات الامنية العراقية احتاجت الى ظهير قوي يساندها ويسد ثغراتها وضعفها بسبب الظروف التي مر بها العراق بعد التغيير النيساني، فكانت الفتوى التي انتجت الحشد الشعبي الذي قلب الطاولة على رأس داعش ومعه الاجندات الاقليمية والدولية التي وقفت وراءه، ورجّح كفة التوازن لصالح العراق فتحقق النصر المبين الذي بدأت تباشيره تلوح في الافق منذ انطلاق معارك التحرير من جرف النصر وحتى تحرير اخر شبر من الحدود العراقية السورية وبعد تقديم تضحيات جسيمة من الشهداء والجرحى من جميع فصائل الحشد الشعبي الذي انبثق من جميع تلاوين الطيف الاثني والمجتمعي العراقي.
وقد اثبتت المرجعية الدينية العليا المتمثلة بآية الله السيستاني (دام ظله) انها ذات بعد نظر ستراتيجي فاستشرفت مرة اخرى آفاق المستقبل ووضعت في خطبة النصر التي اعلنتها من ذات منبر الجهاد الكفائي، خارطة طريق مستقبلية لوضع العراق لما بعد داعش باعتبار ان الصفحة العسكرية من الحرب الضروس ضد هذا التنظيم المتخلف قد وضعت اوزارها، ولكن لايعني هذا ان الحرب قد انتهت نهائيا وبمعنى آخر ان الحرب الشاملة لم تنتهِ فعليا ولابد من توضيح بعض الامور التي ترتبت عن هذه الحرب ومنها مايخص الوضع القانوني للحشد الشعبي بعد ان تم الحاقه بالمؤسسة الامنية العراقية ويأخذ اوامره من القائد العام للقوات المسلحة مباشرة،واكدت على وجوب ان تبقى صورة الحشد الشعبي ناصعة البياض كما هي منذ انطلاق الفتوى بعدم انزلاق الحشد في متاهات المعترك السياسي فعلى الاقل عدم الترشيح للانتخابات او اتخاذ الحشد كواجهات اعلانية ودعائية للانتخابات المقبلة لكي تبقى ذات المكانة السامية لأبطال الحشد في النفوس.
واشارت المرجعية الى ان هنالك حربا اخرى ستكون اشد ضراوة من المواجهات العسكرية تتمثل في ضرورة اجتثاث الايدلوجية الداعشية المريضة من نفوس وعقول الحواضن الداعشية، ومن الذين استطاع داعش ان يغسل ادمغتهم ويحرف مسارهم بعيدا عن الحاضنة الوطنية الجامعة لكل العراقيين قبل ان تستحيل الى بؤرة جديدة لتنظيمات متطرفةلاتختلف عن داعش وثانيا يجب اعادة هؤلاء الى حضيرة الوطن وحاضنة المواطنة العراقية وبودقة المواطنية التي تجلت بوضوح بتلاحم جميع شرائح النسيج المجتمعي العراقي في تلبية نداء فتوى الجهاد الكفائي لغرض تطهير ارض الوطن من دنس داعش وهذا ماحصل فعلا، فضلا عن تطهير الوطن من الفكر الداعشي الظلامي الذي يجب ان يُستأصل تماما من الواقع الوطني كما استئصلت قواه العسكرية بفعل تضحية ابناء العراق ومن كافة الصنوف القتالية.
أقرأ ايضاً
- لولا السلاح (الفلاني) لما تحقق النصر على داعش في العراق
- على ضِفافِ النصر ..
- حتى لا يضيع النصر الذي تحقق