عمار جبار الكعبي
تقرير المصير وحلم الوطن الكوردي شعور وليس شعار، تغذت عليه الأطفال، وأُهِلت لاجله الكبار، فكان مطلباً لا يخضع للنزاع ولا يقبل الاختلاف، وان اختلفوا في من يحمل رايته، لانه واقعاً سيجعله يرث الوطن الكوردي لسنين عديده، ولكنه الهدف الاستراتيجي المرحلي، فهو هدف توارثه الأبناء عن الآباء ووضعوه موضع التنفيذ، وهو مرحلي لشد الانتباه عن الصراعات التي تعصف بالإقليم، بسبب خزانته الفارغة، وساسته المتناحرون، ورئاسته المنتهية، ومديونيته الكبيرة
الانسان عليه ان يختار بين واقعين، اما ان يكون كما يريد ضاربا ً زمكانيته وظروفه عرض الحائط، او ان يكون كما يستطيع لا كما يحلم، والخيارات المصيرية التي تحمل امال الشعوب يجب ان تراعي الخيار الثاني اكثر من سابقه، لان الشعوب حينما تنتكس نتيجة الخيبات فهنالك شيءٌ يموت بداخلها وان استمرت!، حينما طُرح مشروع الاستفتاء لقيام الدولة الكوردية كان مأزقاً لمسعود اكثر مما كان مهرباً، فالمشاكل تلف بأستفتائه من كل الجهات، واصبح بين مطرقة الشركاء وسندان جمهوره!
الدساتير هي الكتاب المقدس للحكومات، وهي ما تحدد ما يجب وكيف ومتى، والدساتير العالمية التي كتبت للشعوب التي لها ميول إستقلالية راعت هذا الجانب، فكل دستور يحدد متى وكم مرة يكون هنالك استفتاء حول استقلال جماعة معينة، كدستور المملكة المتحدة الذي أجاز ان يكون هنالك استفتاء كل سنتين خاص بالاسكتلنديين اذا ما قرروا الاستقلال عن المملكة، وهنالك دساتير تمنح هذا الحق مرة واحدة، كيلا تفتح المجال امام النزاعات التي تهدد الامن القومي لهشاشة المجتمع، ومن أمثلة هذا النوع من الدساتير هو الدستور العراقي، الذي سمح بأجراء الاستفتاء مرة واحدة في ٢٠٠٥، حينما صوتت الاغلبية الساحقة من المكون الكوردي بالإيجاب والبقاء مع العراق الموحد بأقليم خاص بهم، واذا ما أراد مسعود استفتاءه فعليه ان يجمع الاصوات الكافية ليعدل الدستور اولاً، وليس ان يقرر مصير إقليمه!
الاستفتاء ليس رغبات وأمنيات، وانما حالة حساسة تحدد مصير الشعوب والاوطان، ولهذا فهي يجب ان تنظم بقوانين خاصة بالاستفتاءات، تحدد اليات الاستفتاء ومواعيده وشكله والاجهزة المشرفة عليه سواء كانت وطنية او دولية، وهو ما لم يكن بحسبان البرزاني، فليس هنالك قانون ينظم الاستفتاء ويحدد آلياته، وهو ما يحدد ان اولويات الاقليم متداخلة ويعاني من تخبط غير مسبوق، سيكون له عظيم الأثر في مواقف الشركاء، وسيحول الكثير من الاصدقاء الى المعسكر الاخر الذي سيجعل منه تخبطه اكبر من يتساهل مع تطلعاته!
الدولة الكوردية سترسم حدودها بالدماء، قالها مسعود وصدق وان كان يكذب!، فحدود الاقليم توسعت بأتجاه المناطق المجاورة بنسبة ١٠٠٪ عن حدود الاقليم لعام ٢٠٠٣، وهو ما لن يسمح به قاطنوا هذه الاراضي بعد ان تسلحوا ونظموا صفوفهم جراء حرب داعش، والعشائر ومن خلفهم لن يتنازلوا عن شبر واحد من أراضيهم فكيف بعشرات الاميال، وهو ما سيخلق بيئة عدائية تغذيها اطراف خارجية مجاورة رافضة للإقليم لما له من تهديد خطير لأمنها القومي، لان الحمى ستنتشر وان كانت اجواء الحدود الباردة، وهو باب لا يجرأ احدُ على فتحه، لانه سيفتح أبواب جهنم حتى على من يعتقد انه بعيداٌ عن لهيبها!.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!