- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المهندس وسلمى الحاج.. خطاب النصر
بقلم: سليم الحسني
كان خطاب العبادي في الموصل، أقرب الى تصريح الصحفي منه الى الخطاب.. تصريح عن قضية بسيطة، وليس كما وصفته الفضائيات قبل يومين، بانها تنتظر خطاباً تاريخياً من العبادي حول إعلان النصر.
الى جانب تصريح العبادي الذي سمعناه، نقرأ كلمات المجاهد البطل (أبو مهدي المهندس) في بيانه، لقد كانت كلماته صادرة من اعماقه، تُعبر عن منجز تاريخي ضخم، صنعته الدماء الطاهرة للشهداء والجرحى، وشجاعة الابطال على خطوط القتال.
والى جانب الاثنين، كانت الإعلامية سلمى الحاج وعبد الله بدران من قناة الميادين يعلنان النصر بكلمات ممزوجة باصوات الرصاص المبتهج.
كانت سلمى الحاج أكثر تفاعلاً مع النصر التاريخي من العبادي وهي اللبنانية التي جاءت في مهمة إعلامية، لكنها أحست بالحدث، شعرت بعظمة النصر، فمسكت العلم العراقي، وراحت تبارك للشعب العراقي وتترحم على الشهداء، بنبرة صادقة صادرة من عمق الوجدان.
ليس خطاب النصر، يعني استخدام البلاغة والكلمات الضخمة والشعارات البراقة، وليس خطاب النصر كلاماً طويلا بالساعات، إنما هو موقف مسؤول، يبقى للتاريخ، إنه لسان حال الشهداء والمجروحين والثكالى والايتام والمقاتلين والمضحين، إنه خطاب النصر على شاكلة ما يفعله السيد حسن نصر الله حين تصدر الكلمات من قلبه على شهيد من شهداء المقاومة.
ليس الدم رخيصاً الى هذا الحد، بحيث ينزعج البعض، عندما ندين العبادي في تصريحه المسمى خطاباً. هو دم لا يُقدر بثمن، فهو يعني روح طاهرة، وعائلة محرومة وأرملة ويتيم.
إن من يعرف معنى النصر بالتضحية يعرف، قيمة الموقف في هذه المناسبات التاريخية.
وأغرب ما في الأمر أن يبدي البعض انزعاجه، مستهجناً الخطابة في مثل هذه الحالات، لكنه لا يستهجن الخطب المطولة التي يُصدّع بها السياسيون رؤوس الشعب المسكين بلا معنى.
عجيب أمر هذه القيم المعكوسة، ففي مورد الخطاب التاريخي، نستهجن الموقف المطلوب ونرضى بأقل القليل، بينما لا نفعل ذلك في موارد الثرثرة المملة.
هل ما حدث في الموصل، كان نزاعاً بين عشيرتين؟ أم كان انتصاراً عراقياً على أعتى الإرهابيين في العالم؟
هل ما حدث في الموصل كان زيارة تفقدية ليدلي صاحبها بتصريح عاجل بارد، أم أنه نصر عظيم صنعه الآلاف والالاف من الشهداء والجرحى، وقاتل ليل ونهار أبطال القوات العراقية من كل الأصناف؟
على قناة الميادين، التقت مراسلة القناة في تونس مع مواطن تونسي بسيط، فقال: (إن تحرير الموصل نحس به كأنه تحرير القدس)، فهذا المواطن التونسي تفاعل مع الحدث أكثر من رئيس وزرائنا!، ولقد هزتني كلمة هذا الانسان البسيط وشعرت بها، بأنها خطاب النصر المطلوب.
حين تهون قيمة الدم، ونستهين بالنصر، نرضى بتصريح صحفي.
تمنيت أن يكتفي حيدر العبادي بكلمات سلمى الحاج، ليجعلها هي خطاب النصر.
أقرأ ايضاً
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- المثقف وعودة الخطاب الطائفي
- رصانة لغة الخطاب الاعلامي