- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
التخريب القطري في مواجهة التخريب السعودي
حجم النص
بقلم: سليم الحسني أربع حكومات عربية قطعت علاقاتها مع قطر، وفرضت عليها عقوبات شديدة، وكانت الاجراءات نسخة واحدة من البنود والنقاط، وكذلك بنسخة واحدة من المبررات. قطر واجهت العقوبات بدبلوماسية المحترف، فلم تستفزها الاجراءات، إنما راحت تؤكد على استقلالية القرار القطري، وان علاقاتها مع الولايات المتحدة لم تتأثر، وجاءت تصريحات البيت الأبيض لتؤكد بقاء علاقاته ثابتة مع الدوحة. كما أن أميركا وروسيا والصين ودول غربية أخرى دعت الى الحوار وحل الأزمة الخليجية. لقد جاءت هذه العقوبات هدية ثمينة لقطر، فهي إن استمرت فستكون قليلة التأثير على السياسة القطرية وعلى وضعها الاقتصادي، فدولة تطفو على النفط والغاز لا تهمها العقوبات. وإن جرت المصالحة فستكون قطر هي المنتصرة، لأن تعهدات قطر ستكون شفوية او مكتوبة بوثائق سرية، وهذا لا قيمة له بالنسبة للدوحة التي عُرفت بنقضها أي تعهد، لكن المصالحة ستبدو هزيمة للحكومات العربية الأربع، باعتبار انها تراجعت أمام الهدوء القطري، ونتيجة التعاطف الدولي معها ضد المحور السعودي. ما أرادته قطر حققته لها السعودية ومحورها، فأكثر ما يهم الدوحة أن تكون معروفة بأنها داعمة للإرهاب ومتحكمة فيه، وأنها تصنع الأزمات، وأنها عرقلت الحلول في سوريا وفي ليبيا، وأنها خرقت وحدة الصف الخليجي. وهذه هي المواصفات التي تجعل من قطر أقرب الى أميركا والى إسرائيل. إن الكبار والصغار من العالم يعرفون جيداً ان الإرهاب من حيث الصناعة والتمويل والتسهيلات، عمل مشترك بين قطر والسعودية وتركيا وإسرائيل، ويعرف العالم ايضاَ أن قطر تعرف كيف تتحكم بالجماعات الإرهابية وتوجهها في اتجاهات دقيقة بحسب التوافقات السياسية الإقليمية والدولية، بينما لا تجيد السعودية ذلك، فهي تصنع الإرهاب وتبثه عشوائياً ناشراً الموت والخراب خارج حدودها. إن أميركا تريد دولة صغيرة لا يمكن أن تستغني عن الدعم الأميركي، وفي نفس الوقت تستطيع أن تصنع الأزمات المستدامة، أزمات تندلع بسرعة ثم تنشطر الى أزمات فرعية، وحين يُراد حلها فان الحل سيسفر عن مزيد من الأزمات، وهذه تدخل في صلب السياسة الخارجية الأميركية التي تريد من الأزمة السياسية في الأماكن التي تقع خارج حدودها، طويلة لا تنتهي، حتى يمكن أن تمارس دورها الدولي كقوة عظمى. وخلافاً للتفكير التخريبي القطري، فان التفكير التخريبي السعودي يبدو سطحيا، فآل سعود يريدون الخراب والقتل ورؤية الضحية مضرجة بدمائها ميتة لا حراك فيها. قطر صانعة الأزمات الدائمة والدم النازف دون موت الضحية، هي الأقرب الى أميركا وهي الأقرب الى إسرائيل، وقد افتعلت ازمة بأدوات بسيطة، فهزت المنطقة واستفزت السعودية، واظهرتها بمظهر القوة الطائشة المتورطة في الأزمات، وأنها لا تعرف كيف تدير أزمة مع جارتها، فكيف يمكن الاعتماد عليها لتكون صاحبة دور في المنطقة؟