حجم النص
عباس عبد الرزاق الصباغ لاشكّ ان العامل الطائفي هو اهمّ اسباب التوتر المزمن مابين ايران (الشيعية) والمحيط الاقليمي والعربي (السُني) وتغوّلَ هذا العامل بعد قيام الثورة الاسلامية التي قادها آية الله الخميني سنة (1979)، ووصل التوتر حدّ العداء الذي تُوّج في حرب الثمان سنوات التي شنها نظام صدام ضد الجارة ايران تبعتها سياسة التجييش والتحشيد السياسي والعسكري والتسليحي والتراشق الاعلامي واتهام ايران بدعم اذرعها المليشاوية، فضلا عن التمويل المفتوح من قبل بعض دول الخليج وعلى رأسهم (الشقيقة) الكبرى السعودية للتنظيمات الارهابية تحت يافطات راديكالية مستهلكة في الظاهر، وفي الباطن كان العامل الطائفي الداينمو الفعال في مسارات هذا التمويل الذي بدا واضحا على الساحة الشرق اوسطية وخاصة في العراق وسوريا ولبنان واليمن ومصر وليبيا وصولا الى اوروبا ، مع بقاء ايران العدو الطائفي " المتخيل" رقم واحد وصل الى حد الفوبيا المفتعلة طائفيا, وبات الأمر وكأن هنالك محورين طائفيين تقود إحداهما العربية السعودية ومن يسير في ركابها مسوّقة نفسها على انها زعيمة العالم السُني وهو دور تتنافس عليه كل من تركيا ومصر، والثاني محور ايران (الشيعية) ومن يسايرها في حين تلعب الولايات المتحدة الامريكية مركز الثقل الاستراتيجي في المحور الاول بينما تلعب روسيا الاتحادية الدور الاستراتيجي في المحور الثاني (محور ايران) المحسوب على الجبهة التي تقارع الارهاب ومن الطبيعي ان نجد كفة العراق مائلة الى هذا المحور بحكم ترابط المصير المشترك الذي تواجهه الدول التي ابتليت بداعش ـ ومنها العراق الذي يعدّ خطّ الصدّ الأول في هذا المجال ـ وبقية التنظيمات القروسطية الموغلة في التوحش كالتي تقاتل على الاراضي السورية ، ولكن ومن دون ان ينزلق العراق في خنادق المحاور الاقليمية والدولية كون عماد سياسته الحياد السلمي والاعتدال وعدم التدخل في شؤون الاخرين مع عدم السماح لأي طرف بالتدخل في شؤون العراق الداخلية ومسّ سيادته واستقلاله وامن مواطنيه. وجو التوتر الذي يتوجّس منه خِيفة محور العربية السعودية من تمدد السيطرة الايرانية "الرافضية" نحو متون الشرق الاوسط والعالم الاسلامي والتخوّف المبالغ فيه من التبشير للمذهب الجعفري في اوساط اهل السُنة والجماعة، جوّ التوتر هذا لم يكن بعيدا عن اطلال وخرائب الحرب العراقية الايرانية (1980 ـ 1988) الحرب التي وقف إزاءها محور السعودية موقف المتفرّج على آلام الشعبين العراقي والايراني تارة وموقف المؤيد والممول لنظام صدام لديمومة محرقة الحرب التي احرقت الاخضر واليابس لثمان سنوات عجاف تارة اخرى. وبعد سقوط نظام صدام بقيت ايران تمثل فوبيا مرعبة وهاجسا طائفيا مشتركا لمحيطها الاقليمي والعربي (السُني) ، وهو هاجس لم يكن له وجود إبان حكم الشاه الذي كان في وقت ما من مرحلة الحرب الباردة شرطي الخليج ، وهو دور تحاول ان تتقمّصه السعودية حاليا فارضةً ارادتها على مجالها الحيوي والاقليمي والاسلامي ايضا محاولة منها لتزعم العالم السُني والوقوف في وجه "الاطماع" الايرانية التي تعدها السعودية مصدر خطر محدق بالأمة الاسلامية وان ايران هي راس "الارهاب" العالمي. ورافق هاجس فوبيا ايران غير المبرر، الذي تشعر به منظومة محور السعودية، تكالبٌ مستمرٌ على عقد صفقات التسليح كان آخرها الصفقة التي تمّ عقدها بين المملكة والرئيس الامريكي ترمب أثناء زيارته مثيرة الجدل الأخيرة للمملكة والتي وصلت مبالغها الى اكثر من (110) مليارات دولار قابلة للزيادة كنتيجة مباشرة ترتبت على هاجس فوبيا ايران وكما اعلُن في سرديات الاعلام السعودي ان تلك الصفقة وغيرها هي لمواجهة (الارهاب) الايراني او لوضع حد لسياسة التوسع "الرافضي" في المنطقة اذ تعد امريكا أكبر مصدري الأسلحة للسعودية، لذا تحرص الأخيرة على علاقاتها مع واشنطن من أجل ضمان استمرار تدفق صفقات السلاح الذي تزود به قواتها المشاركة في اليمن والمجاميع التابعة لها في سوريا، عدا الأسلحة الإستراتيجية التي تحتاجها المملكة للدفاع عن نفسها ضد أي خطر خارجي، وكأن المسالة تبدو بأن حربا باردة مشتعلة بين محوري السعودية وايران ولأسباب سيا/ طائفية بحتة، فيما انتقدت ايران صفقة السلاح التي ابرمتها السعودية مع ترمب عادةً إياها ان واشنطن تروّج لسياسة "إيران فوبيا" لإبرام صفقات سلاح ضخمة مع السعودية التي يصفها ترمب بالبقرة الحلوب. ان العامل الطائفي سبق وأن أحرق المنطقة برمتها عندما لعب صدام حسين بالنار مع جيرانه الكبار، وهاهو يطلّ برأسه مرة أخرى ليعيد ذات أجواء التوتر المشحون بالتراشق الاعلامي وسباق التسلح وتجييش الشعوب لمعارك عبثية، ويبدو أن امير دويلة قطر (تميم بن حمد) قد ادرك مؤخرا وفي "صحوة" متأخرة جدا ان سيناريو فوبيا ايران لن يجلب للمنطقة وشعوبها سوى الخراب إذا ما وضعنا في حساباتنا الجيوستراتيجة أن ايران دولة كبرى وليس من مصلحة أحد التحرّش بها لأي سبب كان لاسيما السبب الطائفي المقيت وهو ما أثار حفيظة محور السعودية ومن يشايعها كالإمارات العربية المتحدة وهو اول موقف يبدو "عقلانيا" من عضو في محور عرف بدعمه للإرهاب ومناوأته لإيران لذا تم عده خروجا عن بيت "الطاعة" وتغريدا خارج السرب السعودي. . وفي زمن الصخب الطائفي والتوتر الذي قد يشعل المنطقة كما اشعلها صدام حسين في مطلع الثمانينيات مع ايران، تطفو مفاجأة الشيخ تميم على السطح الإقليمي الساخن ليتحول هو الاخر الى هدف لفوبيا نوعية اخرى لم تخلُ من حرب التسقيطات السياسية التي بدأت بنشر الغسيل الوسخ (المشترك) على حبال وسائل الاعلام ولم تنتهِ بحروب الدبلوماسية وسحب السفراء لشريك تاريخي سبق وان كان ضمن الوفود التي التقاها ترمب على هامش قممه الثلاث في الرياض، فيما راح الشيخ تميم يتبجّح بنجاح علاقات بلاده مع طرفي النقيض امريكا وايران فجوّ الحرب الباردة تحت يافطة الطائفية لاتخدم احدا، فهل يشكّل التمرد القطري المريب بادرة حسن نية لوضع خارطة طريق لشرق اوسط خالٍ من التنظيمات الارهابية ابتداءً من الاخوان المسلمين التنظيم الذي حظي برعاية قطرية ممتازة ولعقود، اضافة الى بقية التنظيمات الارهابية وقد يشكل الخطوة الاولى على تصدّع المنظومة التي تعتاش على نظرية الفوبيا من جار مختلف طائفيا لتبقى فواتير فوبيا ايران مفتوحة والثمن هو دماء الشعوب ؟. ان غدا لناظره قريب كاتب عراقي
أقرأ ايضاً
- توقعات باستهداف المنشآت النفطية في المنطقة والخوف من غليان أسعار النفط العالمي
- كيف ستتأثر منطقة الشرق الاوسط بعد الانتخابات الرئاسية في ايران؟
- هل يبقى العراق يحتاج الغاز الايراني ؟