حجم النص
بقلم:طلال فائق الكمالي شهر الدين عباس، شاب اندنوسي الجنسية، وسيم المظهر، طيب القلب، مهذب السلوك، لم نعلم منه إلا خيراً، اتسم بدفء الشخصية وحب العلم والمعرفة، جاء إلى العراق ومن ثم إلى كربلاء مباشرةً ليلتحق في المعهد الإسلامي العالي الذي ترعاه العتبة الحسينية المقدسة اسوة ببقية الطلبة من داخل العراق وخارجه إذ يوجد في المعهد طلبة من جنسيات متعددة غرضهم طلب العلم فحسب. علمت عمادة المعهد أن الأستاذ شهر الدين عباس هو من الأخوة أبناء العامة (شافعي المذهب) كما علمت بوجود عدد آخر لمذاهب أخرى، تعاملت العمادة معهم اسوة بغيرهم من الطلبة كحد سواء، كان الأستاذ منسجماً مع زملائه الطلبة عامةً ومع الأخوة السُنْة خاصةً لوجود قاسم عقدي مشترك، لم تتعامل إدارة المعهد معه وغيره بمكيالين إطلاقاً إلا بالإكرام والإحسان له بلحاظ أنه من مذهب آخر، كما هو الحال عندما أُكرم بملغ معين ليُكمل قيمة تذكرة طائرته حين قرر هو وزميلة له العودة إلى بلدهما إندونيسيا ليلتحقا بالجامعة هناك. لم يصادف أن أشار إليه أحد من إدارة المعهد أو اساتذتها بضرورة استبصار الحقيقة والاعتقاد بمذهب التشيع على الرغم من أنه عاش سنتين تقريباً في قلب التشيع كربلاء، ولا أتذكر أيضاً أن أحداً من الطلبة أشار إليه بذلك طوال مدة اقامته إلا اللهم إن حدث ذلك اجتهاداً من أحد زملائه في القسم الداخلي، لكون ذلك خلاف سياسة المعهد، فالطالب عندنا طالب علم بغض النظر عن دينه ومذهبه وجنسه وجنسيته. لقد عزَّ عليَّ كثيراً مغادرته فتماسكت نفسي وصارعت دموعي لكي لا تسيل على خدي وأنا أودع هذا الشاب الورع وزميلته الفاضلة في باحة العمادة... انتابني شعور حسرة الأب وهو يودع أبناءه الذين عزموا على الهجرة، كانا سفيرين لشعب طيب مسالم ولمذهب معتدل يقبل الآخر ويعيش معه، وكنا نحن في كربلاء المقدسة كذلك. وقبل أن يغادر بعجلة العمادة إلى مطار النجف الأشرف التي جندتها لخدمته وزميلته أجلستهما مخاطبا اياهما ً: بودي أن أنوه أنني لم أسع الى أن يكون أحدكما شيعياً؛ لأن الإنسان حر في اختيار عقيدته وتنظيم سلوكه خاصةً إذا كان طالب علم، فالعقل والدليل والبرهان هو الحاكم والفيصل لكشف الحقيقة وبيانها بمقتضى الحراك العلمي... ولكن اود القول ان شيئاً -ولا زال الحديث لي وهما يصغيان لي- أنني حريص كل الحرص على ان يكون أحدكما سفيرا للحقيقة بنقل ماهية الشيعة وهوية انتمائهم ومصادر تشريعاتهم ومنابع سننهم وبما تعلمتموه من علومهم في المعهد وتعايشتموه معهم في كربلاء طوال هذه المدة، لأن الذي سوق إلى الآخرين عن الشيعة خلاف الواقع والحقيقة، لذا فإني أكرر أن تكونوا سفراء للحقيقة ليس إلا... انتهى حديثي وغادرا وعين الله ترعاهم. هكذا غابت اخبارهم لأيام لحين أن وصلني مقطع فديو تضمن صورة هذا السفير المسالم كيف يُقاد من محفل احد المقاهي بيد مجموعة من شياطين الإنس إلى مسجد مدينته ماكسار التي دخلتها رياح صفراء لم تألف وجودها في بلد عرف بالاستقرار واحترام القانون، بيد أن يد الغدر والعنف امتدت لتغرس جذور الفساد الفكري في البرية جمعاء، ليدفع الإسلام ضريبة ما نسب إليه عنوةً، وليدفع الإنسان ثمن إنسانيته بما تشرعه سياسة الغاب... هكذا شاهدت هذا المسكين وسط العشرات من الذئاب كيف يُحاكم ويحقق معه بغية الوقوف على معرفة هل خرج عن ملة إسلامه بتشيعه أما لا؟ لأنه تحدث عن حقيقة الشيعة وحقيقة دينهم في ندوة علنية بما لا يألفوه وما لا يرضوه. عند التحقيق معه لم يستطع أن يثبت أنه لا زال سنياً شافعياً على الرغم من محاولاته المتعددة ويمينه الغليظ لقناعة هذه الثلة التكفيرية بأن الشيعة تكذب بحجة التقية، لذا لم يسلم من ضربهم المبرح وسط بيت الله باسم شريعة الله والحفاظ على دينه... هكذا كان الحال لحين أن تدخلت شرطة المدينة بحجزه في مركزها حفاظاً على حياته حتى لا يقتل بجريرة حرية الفكر والاعتقاد واحترام الآخر. قد يوفق هذا السفير السني الاندنوسي الذي مثل دولته ومذهبه في كربلاء خير تمثيل أن يفك أسره من تهمة التشيع ويثبت ــ وهو الواقع ــ أنه لا زال على دين أبائه سنياً شافعياً، لكن السؤال الأهم: هل سيوفق في تمثيله لسفارة الحق والحقيقة أم سيجد نفسه مضطراً للتقاعد عن وظيفته الشرعية والعقلية وسيقدم اعتذاره لما كلفته به بوصفي عميداً للمعهد. لمتابعة الفيديو اضغط على الرابط التالي https://goo.gl/MW7NMa
أقرأ ايضاً
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة
- موزعين على (350) موقعا سكنيا:العتبة الحسينية تقدم (22) الف وجبة طعام يوميا للوافدين اللبنانيين في كربلاء المقدسة
- في كربلاء.. قفزة بأعداد الطلبة من (250) الى (1000) طالب بالمدرسة الواحدة