- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تجاوز القانون لأجل الشرع والدستور
حجم النص
سلام مكي لا يمكن للنص القانوني، ان يكون جامدا، محنطا بقيود المؤسسة التشريعية، وتابعا للظروف التي تحكمها، ذلك انه وجد لأجل أن يكون قريبا من المجتمع، متفاعلا مع قضاياه. للأسف، النص القانوني لدينا أصبح رهينا للمزاجات السياسية في مسألة تعديله أو إلغائه. مما يسبب محنة للقاضي، خصوصا عندما يكون صلبا، لا مرونة فيه. ولكن ثمة نصوص قانونية يمكن تلمس الثغرات التي يستطيع من خلالها القاضي ان يدخل الى عمق القانون، ويقترب من روحه، فبعض القضاة، يرى ان روح النص القانوني هي المقدسة وليست ألفاظه ولا شكله الخارجي. محكمة الأحوال الشخصية في الحسينية أصدرت قبل مدة قرارا مهما، ورائعا، تضمن مسألة غاية في الأهمية وهي تجاوز النص القانوني. ولكن: لأي شيء تم التجاوز! لصالح الجانب الأهم، وهو الشرع، لصالح الدستور الذي هو أسمى من القانون. لصالح احقاق الحق. وملخص القضية تتمثل في ان زوجة مفقود فقد في ظروف يغلب معها موته (أحداث العنف الطائفي في ديالى) وتيقن الزوجة من موت زوجها، فقررت الزواج من شخص آخر، قبل ان تنتهي مدة الاربع سنوات، وقبل ان تحكم المحكمة بوفاة المفقود حكما. وفي عام 2016 تم الحكم بموت المفقود، اي بعد 10 سنوات من فقدانه. وبعد ذلك قامت الزوجة بتصديق عقد زواجها من الزوج الثاني وبعدها رفعت دعوى ضد الزوج تطلب فيها تصديق الزواج واثبات نسب اطفالها اليه وهو ما أجاب المدعى عليه/ زوجها بالموافقة على إجابة طلب المدعية/ الزوجة. ولكن المحكمة وخلال التحقيقات التي أجرتها، اكتشفت انها لم تسلك الطريق القانوني الذي رسمه القانون، اذ تزوجت وهي بعصمة رجل آخر. ولكن كما بيّنا سابقا، قررت المحكمة ان تستند في حكمها الى ما هو أهم من القانون. كما تمت مفاتحة مكتب السيد السيستاني في النجف لبيان الموقف وكان الجواب: مادام كلا الطرفين مطمئنين الى موت الزوج الأول، فيحكم بصحة العقد الواقع بينهما. اضافة الى إجابة الادعاء العام بالايجاب، فإن قرار المحكمة كان الحكم بصحة الزواج والحكم بتصديقه وثبوت النسب للمدعى عليه بعد تطابق البصمة الوراثية بين الأولاد وأبيهم. المحكمة هنا، اتبعت النص الدستوري الذي ينص على ان الاسلام دين الدولة الرسمي ولا يجوز تشريع قانون يخالف الاسلام. كذلك اتبعت ما تمليه عليه مسؤوليتها القانونية في تطبيق التشريعات بشكل سليم. فهذه الدعوى يجب ان تكون مدعاة للمشرع اولا ولرجال القانون في إعادة النظر بالنصوص القانونية التي تنظم الوضع القانوني للمفقود، بعد ان نبين انها لا تتناسب مع الشرع بالضرورة ولا مع المنطق حتى. على المشرع ان يجد نصوصا أكثر ضمانا لحقوق زوجة المفقود وأهله، وعدم الإبقاء على مدة الاربع سنوات واشتراط النشر في صحيفة محلية وان يجد نصوصا أكثر ملاءمة للواقع.
أقرأ ايضاً
- الجواز القانوني للتدريس الخصوصي
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي
- جريمة الامتناع عن معاونة السلطات التحقيقية في القانون العراقي