حجم النص
بقلم:الدكتور طلال فائق الكمالي لا يمكن أنْ ننكر أنَّ من أسباب اخفاقنا وجود (أزمة رجال) يتصدون للقيادة بشقيها التشريعية والتنفيذية وفي الميادين كافة، وهذه الحقيقة قد تغيض كثير من المتصديين للأعمال الميدانية، فضلاً عمن لديهم اليد الطولى في نضج القرار وتمريره، فقد تزعجهم هذه الكلمات إلى درجة الغيض، بيد أنني لا اقصد أحداً بقدر ما يؤلمني ما آلت اليه أمة، كل جنايتها أنّها سلّمت ما لديها من نفوس أبية و طهارة عذرية إلى أناس قد تعدوا الحدود جميعها من دون رأفة ورحمة، همهم الوحيد (الأنا) فحسب.. أضع هذه الحقيقة المُرّة أمام القارئ الكريم وأصحاب الهمّ ومن يريدون بالشعب خيراً، لأنَّ (أزمة الرجال) تستلزم أنْ يكون في قبالها منعطفاً لصناعة رجال، يكون إعدادهم بمثابة (البنك المدخر)، وعلى المؤسسات ذات الهمّ أنْ تسعى الى وضع معايير الرجل القائد أولاً، ومن ثم العمل بجدية لتأهيل رجال أكفاء تملئ الفراغ الذي تركه أو سيتركه من هم في سدة القرار والحكم، على أنْ تكون هذه الخطوة الاستراتيجية غير مقتصرةً على ميدان معين، بل تشمل الميادين كافة. ويجب أن نعي المورد البشري الذي يعدّ من أهم الموارد التي ترتقي بها الدول وتتقدم عبرها الأمم والشعوب، غير أنَّ مؤسساتنا ذات العلاقة لا تزال غير مكترثة بذلك أو غير راغبة في إدراك هذه الحقيقة أو أنّها تُدركها، ولكنها تتعامل معها بموقف خجول لا يرتقي إلى أهمية الموضوع، أو لا تسعى لتفعيلها والاستفادة من هذا المورد الرئيس المهيمن على كل الموارد الأخرى والحاكم عليها والقادر على تغيير المعادلة فيها. أقول: أصبح لزاماً على مؤسساتنا ذات العلاقة أنّ تزج بعناصرها المتميزة وكوادرها المؤمل عليها لتأسيس بنك للرجال، فهو أحد أهم الطرق لضمان الارتقاء بأمتنا والسبيل لسلامة القرار وجودة الأداء والفوز بمآل الأمور خدمةً للدين وللإنسان وللوطن. ولكي اعضد ما أذهب إليه فأنّني ادعو الجميع لتصفح تاريخ البشرية ليروا أنَّ وراء كل تغيير في أي أمة كان هناك رجل قائد آمن بقضيته وعُرف بالحب والإخلاص والصدق لبلده، ثم حمل هم قضيته على كتفه، فتبعه من آمن به من حواريه ليكونوا عينه التي يرى بها ويديه التي تساعده في بنائه، وقلبه الذي ينبض لتعيش قضيته وتستسقي منها أمم غُلبت على أمرها كحال امتنا، على حين أنَّ أزمتنا تفتقر في كل ميدان من ميادينها المتعددة الى رجل إنْ لم نقل رجالات. لا شك أنه مشروع ليس بالهين، بل استراتيجي يخصّ الجميع هذا إذا اردنا لأمتنا العز والبقاء، مما يُحتم على المؤسسة الدينية والخُلّص في المؤسسة الحكومية وباقي المؤسسات كافة السعي الجاد الى تأسيس بنكٍ للرجال حفاظاً على وجودها، واحتراماً لكيانها، وتعزيزاً لقيمها، واظهاراً لعطائها، وبقاءً لتأريخها، وإحياءً لما بقي منها.
أقرأ ايضاً
- فقرات مهمة وخطيرة في التقرير الأخير للبنك الدولي بشأن التنمية والمناخ في العراق
- ارتفاع مبيعات البنك المركزي رغم عدم وجود موازنة
- كيف يمكن ان نخرج من الهيمنة الامريكية بسبب وجود احتياطي البنك المركزي بالدولار في البنك الفيدرالي الامريكي؟